رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الحلم المنتظر».. كيف تقضى مستشفي 2020 على آلام مرضى السرطان بالصعيد؟

جريدة الدستور

لم يكن المرض فقط هو من ينهش أجسادهم ونفوسهم، بل كانت الغربة أيضًا واضطرارهم لترك منازلهم وأهاليهم لتلقي العلاج من السرطان، بعد أن فشلوا في إيجاد سرير في مستشفى يقدم لهم العلاج في الصعيد.

مئات من المرضى اضطرتهم أوجاع السرطان، والبحث عن علاجها للسفر إلى القاهرة، نتيجة عدم وجود صرح طبي كبير في الصعيد يتيح العلاج لهذه الأعداد الكبيرة؛ مما اضطرهم للبحث عن أماكن تستوعبهم في معهد الأورام ومعهد ناصر وبعض المستشفيات والمؤسسات الخيرية المتخصصة في علاج هذه الأمراض.

ولكن هذه المعاناه في طريقها إلى الزوال، بعد أن بدأت الهيئة العربية للتصنيع بالتعاون مع جامعة أسيوط، في بناء أكبر صرح طبي لعلاج الاورام في الصعيد. "الدستور" في السطور التالية عرضت القصة الكاملة للصرح الطبي الكبير، وتحدثت مع بعض مرضى السرطان في الصعيد وكيف عانوا في البحث عن علاج بعيدًا عن أهلهم وبلدتهم.

هالة أحمد، من مدينة الأقصر 25 عامًا، مريضة بسرطان الثدي، قالت إن بناء مستشفي حكومي في الصعيد لعلاج الأورام حلم انتظرناه كثيرًا، فالمئات من أهالي الصعيد عانوا من مشقة البحث عن مراكز للعلاج تتوافق مع أوضاعهم المادية.

وتابعت، فور إصابتي بالسرطان عام 2015 لم أكن أعلم كيف أتصرف وأين أذهب للعلاج، فكنت قد أخفيت عن أمي خبر إصابتي بعد أن تأكدت منها من خلال طبيب أورام في مدينتي، والذي طلب مني ضرورة بدأ العلاج لاستئصال الورم، ومن بعدها بدأ العلاج الإشعاعي.

أضافت: "كنت أنوي أن أكتم الخبر عن أمي وأسير في خطوات العلاج وحدي مستعينة بإحدى صديقاتي، ولكن وجدت صعوبات بالغة أبرزها عدم وجود مستشفي حكومي أتلقى فيه العلاج المجاني، ووجدت أنني لابد أن أسافر إلى القاهرة حيث الكثير من المؤسسات الخيرية التي تتولى علاج الحالات المصابة بالمرض بالمجان".

واستطردت هالة وقتها قررت الحديث مع أمي التي إنهارت بمجرد أن علمت بما حدث لي، ولكنها ساندتني في سفري وذهبنا إلى القاهرة واستأصلت الورم، وبدأت العلاج الإشعاعي ومن وراءه النفسي في إحدى المؤسسات الخيرية.

توضح أنها على الرغم من حسن المعاملة التي تلقتها، إلا أنها تعرضت للكثير من الضغط في بُعدها عن بلدها وأهلها وأصدقائها الذين يكونوا جزء من شفاء أي مريض بمساندتهم، ودعمهم الذي كانت تفتقده كثيرًا بسبب بعد المسافة.

تشير تقارير الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان لعام 2018، أن السرطان هو السبب الرئيسي الثاني للوفاة على مستوى العالم، وتتأثر كل عائلة في العالم تقريبا بالسرطان، وهو مسؤول عن ما يقدر بنحو 9.6 مليون حالة وفاة في عام 2018، وأن ما يقرب من 70% من الوفيات الناجمة عن السرطان تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

في عام 2018 وضع حجر الأساس لأول مستشفي حكومي لعلاج الأورام في الصعيد، تماشيًا مع المحور السادس بإستراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030"، والتي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى، للتوسع في إقامة المستشفيات خاصة بمحافظة الصعيد بما يكفل تقديم خدمات صحية لغير القادرين والتخفيف من مشقة السفر إلى القاهرة.

وفي سبتمبر 2019 وضعت الهيئة العربية للتصنيع|، كل إمكانياتها للمساهمة في تجهيز مستشفى 2020 لعلاج الأورام بالتعاون مع جامعة أسيوط.

نادية حسن، والدة أحد أطفال الأورام تبلغ 11 عامًا من محافظة بني سويف، قالت أصيبت ابنتي بسرطان الدم، وكان لابد أن تجري عملية جراحية عاجلة، ولم أجد مستشفى حكومي تقوم باجرائها بدون مقابل سواء في محافظتي أو أي محافظة قريبة مني، ولم أجد أمامي إلا السفر بها إلى القاهرة والبحث في المستشفيات هناك.

وتابعت أصيبت ابنتي بالمرض أوائل شهر يوليو الماضي، واتجهنا من بني سويف إلى مستشفى أبو الريش، والتي قررت بعدها تحويلنا إلى معهد الأورام الذي أجرى لنا العملية على الفور، وطوال الفترة التي مكثنا فيها في المعهد لاستكمال العلاج تحملت وحدي مسئولية ابنتي المريضة، فلم يكن في مقدرونا أن نوفر شقة في القاهرة، وندفع مصاريفها مقابل البقاء بجانب ابنتي، مما اضطرني أنا للبقاء معها في المستشفى كمرافق وظل أبوها في بني سويف.

أماعن المستشفى الجديد، قالت: "فكرة بناء صرح طبي ضخم في الصعيد انتظرناه لسنوات طويلة، فالصعيد بها المئات من المرضى الذين عانوا من ويلات الغربة والمرض مع بعضهم، ولكن وجود مستشفي 2020 سيُريح الكثير من أهالي الصعيد، وأتمنى خلال الأعوام القادمة أن يكون هناك مستشفيات في كل محافظة في الصعيد".

تتراوح أعداد المصريين المصابين بالسرطان ما بين 150 إلى 170 مواطنًا من بين كل 100 ألف، بنسبة 50% رجال و50% نساء، حسب إحصائيات صادرة عن المعهد القومي للأورام، ويعد سرطان الكبد هو الأكثر شيوعًا لدى الرجال نتيجية الإصابة بفيروس "سي" ويمثل ثلث الإصابة، والأكثر شيوعًا لدى النساء سرطان الثدي، ويمثل ثلث الإصابة لدى السيدات.

خُصص لبناء مستشفي 2020 في أسيوط مساحة 10 آلاف متر بمنطقة أرض البيسرى بأسيوط والمواجهة للحرم الجامعي، كي تستوعب الأعداد المتزايدة من المرضي المترددين على معهد جنوب مصر للأورام بجامعة أسيوط، والتي يتجاوز عددهم 40 ألف مريض بالسرطان من مختلف محافظات الصعيد.

وللتخفيف عن المرافقين للمرضي في البحث عن سكن قريب من المستشفى، سيتم إنشاء فندق على مساحة تقارب 500 متر مربع، بالإضافة إلى إنشاء مكان ترفيهي للمرضى، يشتمل على مسرح وقاعة سينما وقاعات لممارسة الهوايات ومكتبة عامة، وذلك حتي لا يشعر المريض خلال فترة إقامته بالمستشفي بمعاناة وتهيئته النفسية .

وستوفر المستشفى وحدة طبية لتقديم خدمة الكشف المبكر عن الإصابة بالسرطان، وتقديم خدمات التوعية للمواطنين للحد والوقاية من الإصابة بالسرطان، كما سيتم عمل المسح الشامل للمواطنين وإجراء الفحص الطبي الدورى عليهم؛ بالإضافة إلي وجود مركز أبحاث السرطان لإجراء الأبحاث المتطورة حول السرطان يضم معامل للأبحاث المعملية.