رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد حمودة: بدأت بمكتب دون توضيب والآن أصبحت المحامى الدولى الوحيد فى مصر

محمد حمودة
محمد حمودة

من لا يعرفه عز المعرفة لا بد أن يتهمه بالغرور والشعور بالذات، خاصة حينما يسمعه وهو يتحدث عن نفسه وعن مكانته كمحام دولى له باع طويل فى هذا المجال، أو يتطرق إلى صولاته وجولاته فى دهاليز المحاكم فى مختلف أنحاء العالم وداخل أروقة وقاعات جلسات التحكيم بمختلف أنواعها وأشكالها. إنه الدكتور محمد حمودة، المحامى الشهير، الذى يحمل صفة «محام دولى»، والذى يعشق لقب «البروفيسير»، حيث يعتبره الأقرب إلى نفسه بل يعتبره أكبر إنجاز حققه فى حياته. ولا بد هنا من أن نقول إنه من المحامين القلائل فى مصر الذين يحملون هذه الصفة، الأمر الذى يجعله يتحدث عن العمل الدولى فى المحاماة بشكل قد يدفع البعض لاتهامه بالغرور بينما هو فى حقيقة الأمر شخص بسيط.. طيب القلب.. يحب مهنة المحاماة ويضعها فوق كل الاعتبارات، ودائمًا وأبدًا نجده يذوب عشقًا فى حب الوطن. «الدستور» التقته فكان معه هذا الحوار الذى تحدث فيه عن التشريعات والقوانين ومهنة المحاماة إلى جانب العديد من الموضوعات العامة الأخرى.

■ يتهمك البعض بالغرور حين تتحدث عن كونك المحامى الدولى الوحيد فى مصر.. فما حكاية المحامى الدولى؟
- لن أكون مبالغًا لو قلت إننى المحامى الوحيد فى مصر الذى يحمل صفة محام دولى، وفى هذا الصدد يجب أن نتفق من البداية أنه ليس كل من حصل على شهادة دراسة الحقوق يصلح لأن يكون محاميًا ماهرًا، وليس كل من حصل على شهادة مزاولة المهنة يمكن أن يصبح محاميًا مشهورًا ومشهودًا له بالكفاءة والقدرة الفائقة أو أن يحمل لقب «محام دولى».
وأقولها وكلى ثقة بالنفس، أنا على يقين تام من أننى المحامى الوحيد فى مصر الذى ينطبق عليه لقب «محام دولى»، ودون أى مبالغة لا يوجد أحد غيرى فى مصر، فأنا خريج جامعة باريس، وعملت فى أغلب القضايا الدولية، والمفاجأة الحقيقية أنه فى مصر لا يوجد أحد لديه مكتب خارج البلاد إلا بعض مكاتب الشركات، بينما افتتحت مكتبين فى بودابست وباريس، وهناك مكتب آخر يجرى التجهيز لافتتاحه فى جنيف بسويسرا.
■ كيف تمكنت من بلوغ تلك المكانة خارج مصر؟
- بعد تخرجى فى كلية الشرطة بوقت قصير طلبت نقلى من العمل كمعيد بالكلية إلى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، ودفعنى إلى ذلك رواج تجارة المخدرات فى ذلك الوقت، وتزامنًا مع ذلك تقدمت لعمل دبلومة بجامعة عين شمس للحصول على درجة الماجستير، وكان ذلك صعبًا للغاية، إلا أننى حصلت على دبلومتين فى سنة واحدة، وكان عمرى وقتها ٢١ عامًا.
وكنت أصغر ضابط بإدارة مكافحة المخدرات، وحققت نتائج رائعة تفوقت فيها على نفسى، وكان ذلك وقت تولى اللواء عبدالحليم موسى، وزارة الداخلية، الذى واجه الإرهاب بصرامة.
وبسبب الحقد لم أحصل على وسام الجمهورية، رغم استحقاقى له، فقررت ترك الإدارة على الفور وسافرت إلى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراه عام ١٩٩٩، بعد أن حصلت على إجازة دون راتب، وسافرت على نفقتى الخاصة، والطريف أننى لم أكن أعرف اللغة الفرنسية بعد، ورغم ذلك حصلت على دبلومة فى الأدب والحضارة بتقدير مرتبة الشرف الأولى مع تهنئة اللجنة، وهى أعلى درجة، ليس ذلك فقط، بل حصلت على الأستاذية، وحصلت على درجة الدكتوراه فى مدة ٣ سنوات فقط، حيث أنجزت رسالة علمية مكونة من ١٥٠٠ صفحة، فى وقت كان يحصل عليها البعض فى مدة تصل إلى ٩ سنوات، فأصبحت أمثّل حالة خاصة جدًا وفريدة من نوعها فى ذلك الوقت.
■ ما تفاصيل رحلتك من فرنسا إلى مصر لافتتاح مكتبك بالقاهرة؟
- فور عودتى إلى مصر حصلت على رتبة مقدم، وبعدها تقدمت باستقالتى، وأخذت قرار العمل بالمحاماة، رغم رفض والدى فى بداية الأمر، لكننى تحديت الجميع وقطعت علاقاتى بالجميع حفاظًا على أن تكون هناك مساحة من احترامى لنفسى، وحتى لا يقال إن أحدًا ساعده فى حياته، وكان قد تبقى معى أموال نهاية الخدمة، ووقتها كنت أريد أن أفتح المكتب، وأشترى شقة وسيارة وأشياء كثيرة.
ويحسب لزوجتى أنها شجاعة الفكر ووقفت بجانبى فاستأجرنا شقة مفروشة، وبعد أول قضية عملت بها، وكانت خاصة بمستثمر سعودى يريد استرجاع أموال بلغت ٤٠ مليون جنيه من إحدى القنوات الفضائية، بعدما رفضها جميع المحامين، وقالوا إنه اشترى أسهمًا ولا يمكن ردها، وتقابلت مع الموكل ولم يكن لدىّ مكتب حينها فقد كان يحتاج «توضيب»، وقرأت ورق القضية وجلسنا مع صاحب القناة، وتم استرجاع المبلغ للمستثمر، فحصلت على مبلغ كبير، فاشتريت شقة وسيارة.
■ هل يوجهك شعورك بالتميز لاختيار قضايا معينة ورفض أخرى؟
- بالطبع اسمى وسمعتى كمحام دولى هما المحرك الرئيسى لى، والمعيار الأول والأخير فى اختيارى لنوعية القضايا التى أترافع فيها، ولن أخفى عليك فإن الغالبية العظمى من القضايا التى أتعامل معها هى قضايا من النوع الثقيل، وقضايا رأى عام، وأحمد الله أحصل على البراءة لموكلى فى كل تلك القضايا.
وبطبعى لا أقبل بأقل من النجاح، وكلمة فشل ليست موجودة أصلًا فى قاموسى، بدليل أن جميع القضايا فى مكتبى سواء بمصر أو بالخارج هى قضايا تشغل الرأى العام، وتحولت بالفعل إلى مثال يحتذى به المحامون الذين يبدأون رحلتهم فى هذا المجال، وهذا الأمر لا يخفى على أحد، لأن سمعتى فى الترافع فى هذا النوع من القضايا الكبيرة والمهمة يعرفها القاصى والدانى.
■ ما أهم القضايا التى ترافعت فيها على الإطلاق؟
- المطلع على تاريخى المهنى سواء داخل أو خارج مصر فإنه بكل تأكيد يعرف أننى أكبر محام فى العالم تصدى لقضايا، إذ لم يترافع محام فى العالم فى هذا الكم من القضايا وحقق براءات وانتصارات لموكليه بهذا الشكل، كما أن مكتبى هو الوحيد الذى حقق أعلى مستوى من البراءات على مستوى الشرق الأوسط، وكل القضايا التى توليتها كانت غريبة ومثيرة للجدل، بداية من قضية «غرق عبارة السلام» مرورًا بقضيتى أحمد عز وقذاف الدم، وأحمد الله أننى حصلت على براءة لكل الموكلين فى كل هذه القضايا.
■ بالنسبة لقيامك بالترافع فى قضايا الرأى العام.. كيف تتعامل مع الضغوطات فى مثل هذه القضايا؟
- من خلال خبرتى الطويلة فى هذا النوع من القضايا لم يشغلنى ذلك فى يوم من الأيام، ولكن كل ما يهمنى أننى الوحيد الذى يكسب، ودورى كمحام أن أقنع القاضى بأن قضايا الرأى العام مجرد فرقعة وكذبة، وأركز على ما يجب أن يلتفت إليه القاضى، وبالتالى تسير الأمور بهدوء وأتمكن من الحصول على البراءة لموكلى.
■ هل تقصد بذلك أن المسألة مجرد حالة نفسية تتطلب نوعًا خاصًا من التعامل؟
- هذا ما يحدث بالفعل، فالغالبية العظمى من تلك القضايا تندرج تحت ما يسمى إدارة الأزمات، فكلما احترف المحامى العمل وفق متطلبات إدارة الأزمات بمفهومها الصحيح كان قادرًا على الحصول على ما يريده موكله، وهنا أحب أن أوضح مسألة مهمة، وهى أن الجزء الأكبر من القضايا أديرها وفق متطلبات إدارة الأزمات، وحسب مقتضيات الظروف المحيطة بتلك القضايا، ما يمنحنى القدرة على تحقيق الأهداف المرجوة، لأننى بطبعى أحب الترافع فى القضايا الشائكة والمعقدة.
■ ماذا يمثل لك لقب «البروفيسير»؟
- هو اللقب الأقرب إلى نفسى، فأنا أعتبره أعظم إنجاز فى حياتى، لأن لقب «البروفيسير» بالنسبة لى أكبر من أى مناصب أو أى كيانات أخرى، فقد صنعت هذا اللقب بمجهود وتعب ومعاناة وصبر، إلى أن أصبحت فى هذه المكانة المرموقة فى مجال المحاماة.
■ كيف تنظر لأداء مجلس النواب؟
- أكن للبرلمان كل تقدير واحترام، ولكن حينما أتحدث عن البطء فى التشريعات فهذا من منطلق حرصى على أن يضطلع نواب الشعب بالدور المنوط بهم، وأن يكون أداءهم مناسبًا للسرعة التى يعمل بها الرئيس.
أقولها وبصدق، نحن فى حاجة إلى ثورة تشريعية بمعنى الكلمة، لأننا نعيش حربًا حقيقية مع الوقت، وليست لدينا رفاهية الانتظار أو المماطلة، وهنا يبرز دور لجنة التشريعات بالبرلمان التى ينبغى لها إنجاز أكبر قدر ممكن من التشريعات وتعديل القوانين بما يتلاءم مع المرحلة التى نعيشها الآن.
■ دعوتك إلى ثورة تشريعية تذكرنا بتصريح سابق لك «إن بعض القوانين صدرت لتحقيق مصالح خاصة لبعض الأشخاص».. فماذا كنت تقصد بهذا القول؟
- ما دفعنى إلى هذا القول هو اكتشافى أن بعض القوانين صدرت خصيصًا لإفادة فئات معينة ثبت تورطها فى ارتكاب أخطاء ما، وكنت أقصد بذلك مادة القانون الخاصة بإعفاء الموظف العام من الجرائم، ما يعنى أن أى وزير يمكنه منح مساحة من الأرض لأحد الأشخاص بطرق ملتوية، وإذا تم اتهامه بالتربح تتم إعادة الأرض دون محاسبته جنائيًا، وكأن شيئًا لم يكن وهو أمر غير مقبول.
■ ذكرت سابقًا أن قانون المحاماة كان سببًا فى حرمانك من الترشح لمنصب نقيب المحامين.. كيف؟
- هناك مادة فى القانون تمنع الممتهنين بالمهن المثيلة كـ«الشرطة» من الترشح لمنصب النقيب، وهذه مادة غير دستورية، وطرحت هذه المشكلة سابقًا فى مجلس النواب، لأننى أمضيت ١٦ سنة فقط فى المحاماة، وقبلها كنت ضمن صفوف الشرطة.
حاليًا لا أفكر فى خوض انتخابات النقابة على مقعد النقيب، لكن بالنسبة للمحامين فهم فى أشد الحاجة إلى الحماية الكافية، لتسهيل قيامهم بعملهم فى ظل تعرضهم للكثير من الانتهاكات، وعلينا أن نضع فى الاعتبار ضرورة دعم المحامين الذين يعملون فى الأقاليم، فهم يقومون بواجبهم على أكمل وجه، وهم «أشطر من محامين كتير مشهورين»، لذا فإننى سوف أسعى لإعادة الاعتبار للمحامين فى كل مكان بمصر.