رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عودة «المولوتوف».. مغامرة لـ«الدستور» تكشف بيع البنزين في جراكن داخل محطات وقود

جريدة الدستور

العام 2011، وزارتي البترول والتضامن الاجتماعي، تحظر بيع مشتقات الوقود في جراكن، للمترددين على محطات البنزين وأصحاب السيارات بشكل عشوائي، وتسمح فقد بـ"تفويلها" داخل المحطة، وذلك للحد من استخدام المواد البترولية في أعمال إرهابية أو تفجيرات.

بيد أن بمرور السنوات، ضُرب بذلك القرار عرض الحائط، وأصبح من السهل الحصول على جراكن من البنزين الخام سواء من محطات البنزين أو السوق السوداء، دون امتلاك سيارة، واستخدامها في أي أعمال إجرامية.

الدليل على ذلك، واقعة الشاب الذي أشعل النيران في حفل زفاف حبيبته السابقة باستخدام جركن بنزين، ما أسفر عن إصابة عدد منهم بحروق متفرقة في الجسم، ووقوع حالات وفاة، وانتشرت الواقعة بشكل كبير خلال اليومين الماضيين، ونالت تعاطف كثيرون، دون الانتباه إلى من أين حصل الشاب على كميات البنزين.

"الدستور" تتبعت تلك الواقعة، لتكشف عن وجود محطات وقود تعطي جراكن بنزين، بمخالفة لقرار وزارتي البترول والتضامن، من خلال حجج واهية يعطيها المواطنين لمسؤولي المحطة حتى يحصل على جركن كامل، وفق جولة قامت بها "معدة التقرير" إلى جانب وقائع خاصة لمواطنين حصلوا على تلك الجراكن.









في مدينة 15 مايو التابعة لمنطقة حلوان، استقل مدحت معوض، 60 عامًا، مهندس مدني، سيارته متجهًا إلى عمله، وبعدما قطع مسافة كبيرة، إذا بالسيارة تتوقف به على الطريق في منطقة "الامتداد" المعروفة بخلوها من المواطنين.

لم يكن هناك أحد ليساعده، غير أن السيارة توقفت في مكان صحراوي يخلو من الحياة، فقام الرجل بالتأكد من عدم وجود أيه أعطال بالسيارة، إلا أنه لاحظ مؤشر البنزين في لوحة العدادات اقترب من الصفر.

غفل "مدحت" عن التأكد من وجود بنزين كافي في السيارة قبل أن يستقلها، ولكنه تذكر أن لديه جركن فارغ فقرر أن يأخذه ويترجل حتى يصل إلى أقرب محطة وقود ويملأ هذا الجركن.

على بعد أمتار كانت أول محطة بنزين وجدها "مدحت"، وعندما دخل طلب من عامل المحطة أن يملأ له هذا الجركن، وبالفعل ملؤه له بالنزين الخام، بمجرد أن أخبره أن عربته متوقفة في منطقة قريبة، دون أن يتحرى دقة ذلك.

"مدحت" ليس الوحيد الذي ذهب إلى محطة وقود ليقوم بتعبئة جركن فارغ من البنزين، واستطاع فعلًا شراء جركن بنزين من داخل المحطة ذاتها دون أن يعترضه أحد، على الرغم من القرار السالف ذكره بحظر بيع مشتقات الوقود في جراكن تحت أي ظرف.

محررة "الدستور" غامرت بشراء بضعة لترات من البنزين في جركن من محطة وقود في محافظة الجيزة، دون أن تمتلك سيارة من الأساس، وفي محيط حي الدقي طلبت من أحد عمال المحطة شراء جركن بنزين بحجة تعطل سيارة صديقتها في أخر الشارع، ولكنه أخبرها أنه سيقوم بإخبار كبير العمال وإعطائها الجركن.

كذلك الجزء الخاص بالكاوتش، طلبت "محررة الدستور" منه بنزين بنفس الحجة، فقال: "تكفيكي إزازة أدخل املاها من المحطة، ولا محتاجة جركن أفضل، بس هاتي إنتي الجركن وملكيش دعوة، في بنزينتين جمب بعض أهو ممكن ادخل أجيب لك من أي واحدة".

"محررة الدستور" لم تقم بالشراء الفعلي وتحججت بصديقتها، حتى لا تتورط قانونيًا في أي شيء مخالف للقانون.

أما عن أحمد صبري، 28 عامًا، ويعمل في شركة خاصة، يقول أنه اعتاد أن يتأكد من تموين سيارته بالبنزين قبل التحرك بها والذهاب إلى أي مكان، حتى لا يتعرض لأي مواقف مفاجئ أثناء سيره على الطريق.

يروي "صبري"، في إحدى المرات كان ميعاد تغيير الزيت لسيارته، فذهب إلى محطة وقود وقام بقياس الزيت وتغييره، وبالإضافة إلى هذا قام بتفويل السيارة، وفي هذه الأثناء رأى شخص دخل المحطة باثنين من الجراكن الكبيرة، وطلب من عامل المحطة بملئها بالنزين، وبالفعل تم ملأها له دون أن يسأله عن السبب.

اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، يقول أنه صدر قرارات عدة بشأن حظر تداول المواد البترولية في جراكن، بيد أن عمال المحطات لا ينفذون تلك القرارات بمجرد تحجج أي مواطن بتعطل سيارته.

يضيف لـ"الدستور"، أن الحل يكمن في تغليظ العقوبة، والرقابة الدورية على محطات الوقود والعمال؛ لأن أمر جراكن البنزين يشكل خطورة على الأمن العام، فمثلما حدث وقام الشاب باشعال النيران في الفرح، من الممكن أن يحدث هذا مجددًا وبشكل أخطر، وتصنيع قنابل "مولوتوف".


وبالفعل سبق تلقى قسم شرطة حدائق القبة، بلاغًا من الأهالى بتجمع مجموعة من الأشخاص مرتدين أقنعة بشارع بورسعيد، وقيامهم بقطع الطريق وإطلاق محدثات صوت، وكشفت التحريات وقتها أن هؤلاء الأشخاص يمتلكون 3 جراكن بداخلها بنزين وسولار و4 زجاجات مولوتوف.

ومن قبلها ألقت مباحث مركز المنصورة القبض على 4 من أعضاء جماعة الإخوان بقرية أويش الحجر التابعة للمركز وبحوزتهم جراكن بنزين وزجاجات مولوتوف، وفي أسيوط ضبطت المباحث إثنين من عناصر تنظيم الإخوان بحوزتهم 6 جراكن بنزين لاستخدامها في صناعة قنابل المولوتوف.


بحسب إحصائيات صدرت عن وزارة البترول عام 2018، فإن إجمالى استهلاك السوق المحلي من الوقود يبلغ 97.13 مليون برميل سولار، أي 15 مليارا و444 مليون لترًا.

وقرابة 69.18 مليون برميل من البنزين بأنواعه أي حوالى 11 مليار لتر، بحسب ذات الإحصاء، بينما يبلغ استهلاك الغاز المسال حوالي 4 ملايين و125 ألف طن أي 330 مليون أسطوانة بوتاجاز، بينما استهلاك المازوت يبلغ 8 ملايين و60 ألف طن.