رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أرجل خفيّة».. كيف يخفي الإخوان أموالهم في مصر؟

جريدة الدستور

تشعبوا وتمكنوا من مفاصل الدولة بعد 30 عامًا من الحرية أَعطاها لهم نظام الرئيس الأسبق مبارك، فبنوا مدارس ومستشفيات وأقاموا مشاريع وشركات، وبعد قيام ثورة 30 يونيو والتحفظ على أموال جماعة الإخوان الإرهابية، مازالت بعض الأرجل الخفية تحاول المساس بالدولة المصرية، ولكن يد القانون كانت تلاحقهم فتمكنت وزارة الداخلية مؤخرًا من القبض على 16 من رجال الإخوان والذين كانوا لا يزالون يُديرون شركاتهم بالتعاون مع الهاربين منهم في تركيا.

ولكن كيف يتم التواصل بينهم، وكيف تتحرك الأموال من داخل مصر إلى الجماعة هناك، وحجم الأصول التى سيطرت عليها الدولة، أجاب عنها أحد خبراء الجماعة الإرهابية، الذي استعرض جهود الداخلية في السيطرة عليهم، ومنعهم من التلاعب بالاقتصاد المصري والدولة المصرية.

خالد الزعفران الخبير في شئون الجماعات الإرهابية، قال إن الإخوان استطاعوا خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك أن يتشعبوا في كل مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لأنهم تمتعوا خلال هذه الفترة بحرية لم يعهدوها منذ تأسيسهم في الإسماعيلية عام 1928، وكانوا لا بد أن يستغلوا هذه الحرية ويُثبتوا أرجلهم في الدولة، حتى كونوا إمبراطوريتهم.

وتابع في حديثه مع"الدستور"، رجال الإخوان لم يكونوا كلهم معروفين سواء للعامة أو للدولة، فبعضهم كان لا يفصح أبدًا عن انتماءاته السياسية ولا يحضر أي اجتماعات للجماعة، والدليل على ذلك أنه بعد قيام ثورة يناير ظهرت الكثير من الأبواق التي نادات بحرية قيادات الجماعة وظهرت انتماءاتهم أمام الجميع.
واستطرد الخبير في شئون الجماعات الإرهابية، أن البعض أيضًا ظل متحفظًا عن توجهاته السياسية، وهؤلاء هم من يديرون أموال الإخوان الموجودة في مصر حاليًا والتي تمكنت الداخلية من الكشف عن بعض مؤخرًا، وكانوا 16 من رجال الأعمال.

وصل حجم الأموال والمؤسسات الإخوانية التي تمكنت الدولة من الكشف عنها والسيطرة عليها ما يتجاوز الـ300 مليار جنيه، حسب تصريحات إعلامية في سبتمبر من العام الماضي، وشملت عقارات ومشروعات ومدارس وشركات، ومحلات صرافة، وأموال سائلة ومنقولات، وتحفظت لجنة مصادرة وإدارة أموال الإخوان بمصر، على أموال 1589 قياديًا جديدًا من جماعة الإخوان المسلمين، في واحدة من أكبر عمليات الحصر والتحفظ على ممتلكات عناصر الجماعة خلال العام الحالي، و118 شركة متنوعة النشاط، و1133 جمعية أهلية، و104 مدارس، و69 مستشفى، و33 موقعا إلكترونيًا وقناة فضائية.

وقبل هذه العملية بشهور قليلة، قررت اللجنة التحفظ على أموال 614 شخصًا و268 كيانًا اقتصاديًا و30 مستشفى وشركة أدوية بتهمة الإنتماء وتمويل ودعم جماعة الإخوان.

وفي يونيو ضبطت السلطات المصرية 19 شركة وكيانًا تابعة للجماعة تدار من تركيا وتمول أنشطة الجماعة في مصر، وعلى رأسها عمليات العنف والإرهاب، وقالت اللجنة إنها تلقت معلومات تفيد بإعداد قيادات الإخوان خطة لتدبير مواردها المالية واستغلال عوائدها لدعم النشاط التنظيمي، ودعم الحراك المسلح وتمويل العنف والإرهاب، والإنفاق على الأنشطة والعمليات التي ينفذها عناصر الحراك المسلح للجماعة، وتسهيل الحصول على الأسلحة، وتصنيع المتفجرات، وتدبير مأوى وملاذ آمن لاختباء العناصر الإرهابية، وأخرى لتدريبهم عسكريًا.

فيما رأى سامح عيد، الخبير في شئون الجماعات الإرهابية، إن التحفظ على أموال 1589 إرهابيًا، و118 شركة، و1133 جمعية تابعة للإخوان المسلمين، ليس أول حكم يصدر ضدهم، فهناك أحكام صادرة من 2014 حتى الآن، لمصادرة أموال كل من تورط في تمويل الجماعة الإرهابية.

وأوضح عيد أنّ التحفظ على الأموال سيعيق حركة هذه الجماعات في تمويل الإرهاب، وإعادة تنظيم نفسها مرة أخرى، متابعًا: "أتمنى أن يكون هذا الحكم نهائي".

خالد الزعفران نوه إلى أنّ الداخلية قامت بدور كبير في السيطرة على ممتلكات الإخوان، وبالفعل تمكنت من حصر الكثير منها، ولكن ذلك لا يمنع أن هناك ممتلكات أخرى في مصر يمتلكها الإخوان وتُدار تحت سيطرتهم من الباطن، لذا ما زلنا في حاجة إلى وقت أكبر للقضاء على كل شباك الإخوان الموجودة في الدولة، وتكاتف من كل أجهزة الدولة للقضاء على جذور هذه الجماعة نهائيًا.

لجنة التحفظ على أموال الجماعة الإرهابية، قالت إن قيادات وكوادر تنظيم الإخوان قاموا بإعادة صياغة خطة جديدة لتدبير مواردهم المالية، واستغلال عوائدها في دعم النشاط التنظيمي كأحد ركائز دعم الحراك المسلح، من خلال قيام التنظيم بإيجاد طرق وبدائل؛ للحفاظ على ما تبقى من أمواله ومنشآته الاقتصادية.

وأشارت، في بيان لها،  إلى قيام التنظيم بتهريب الأموال السائلة من العملات الأجنبية خارج البلاد للإضرار بالاقتصاد القومي لتقويض خطط الدولة للتنمية، وتكليف عدد من عناصره لتهريب الأموال من خلال الشركات التابعة للتنظيم، وعناصره بنظام المقاصة مع رجال الأعمال المنتمين للتنظيم وغير المرصودين أمنيًا.

وكشفت معلومات الأمن الوطني، على إنشاء مسارات للتدفقات النقدية الواردة من الخارج بطرق غير شرعية، بالتعاون بين جماعة الإخوان الإرهابية، والعناصر الإثارية الهاربة ببعض الدول المعادية، للعمل على تمويل التحركات المناهضة بالبلاد، للقيام بأعمال عنف وشغب ضد مؤسسات الدولة بالتزامن مع دعوات إعلامية تحريضية، من العناصر الإثارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية التي تبث من الخارج.

ورأى الخبير في شئون الجماعات الإرهابية أنّ خروج أموال الإخوان من مصر غالبًا لا تكون في صورة أموال سائلة حتى لا تكون مكشوفة أمام أعين الجهات الأمنية، ولكن تتم من خلال التجارة في عمليات الاستيراد والتصدير، وعن وسائل التواصل بين الإخوان الهاربين في تركيا والمتواجدين في مصر رأي الخبير في الشئون الإرهابية، أن وسائل الاتصال الحديثة جعلت التواصل بينهم سهل فهناك العديد من التطبيقات التكنولوجية التى تتيح التواصل بينهم بطرق سهلة ومأمنة إلى حد ما، ما مكنهم من متابعة مشروعاتهم وشركاتهم التي مازالت موجودة في مصر.

في الوقت الذي أكد فيه منير أديب، الخبير بشئون الجماعات الإرهابية أنّ قرار تجميد أموال الجماعات الإرهابية خطوة مهمة أيضًا، لافتًا إلى أن هناك عائقًا خطيرًا أمام حصر هذه الأموال والتي تتخطى مئات الملايين، منوهًا بأنّ أموال الجماعات الإسلامية لا يوجد لها حصر محدد حتى الآن، نظرًا لأن هناك مشروعات كبرى أسستها جماعة الإخوان الإرهابية، ونسبتها لأسماء غير مصرية ولا تدين الإسلام وأغلبها أنشطة محظورة، وربما لا يتوفر لأجهزة الأمن قاعدة المعلومات الكافية عنها.

وأضاف أديب في تصريحات صحفية، أن التعامل مع مقرات جماعة الإخوان الإرهابية سيكون بسيطرة الدولة عليها وربما يتم تحويلها لمراكز أمنية مثلما حدث مع مقر الإخوان الموجود في الدرب الأحمر بوسط القاهرة.