رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«اعتراف وهمي».. جامعات دولية غير معترف بها في مصر تنصب على الطلاب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بمجرد أن رأى «عامر محمود» 20 عامًا، إعلان فتح باب التقديم في إحدى الجامعات الخاصة الدولية في إندونسيا، سارع بالتقديم برفقة عدد من أصدقاؤه بعدما حصلوا على مجموع ضعيف في مرحلة الثانوية العامة، وكانت تلك الجامعة بمثابة طوق النجاه لهم.

طريقة التقديم لتلك الجامعة كانت غريبة، بحسب وصف «عامر»، فالمصروفات يتم دفعها عن طريق الحساب الخاص للجامعة في أحد البنوك الدولية، وبالفعل دفع هو وأصدقاؤه نظير السفر والدراسة بها في الفصل الدراسي الواحد 3 آلاف دولار بما يعادل 50 ألف جنيهًا.

ما جعلهم مطمئنين هو تأكيد الجامعة عبر مخاطبات الإيميل الرسمي بينهم أنها مرخصة وليست وهمية، وعقب الدفع فوجئ الشاب ببيان خرج من وزارة التعليم العالي المصرية، تحذر من جامعات دولية مرخصة شهاداتها غير معترف بها في مصر من ضمنهم جامعته.

«عامر» هو واحد ضمن طلاب كثيرون وقعوا في فخ تلك الجامعات الدولية التي تعطي شهادات علمية غير معترف بها في مصر، بمعنى أنه بعد حصول الطالب عليها والعودة إلى بلده تصبح تلك الشهادة مجرد ورقة غير معترف بها من قبل الدولة أو النقابة.

وبالأمس، تقدم النائب سليمان العميري، عضو مجلس النواب، عضو لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، النائب تادرس قلدس، بطلب إحاطة إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، حول ضرورة التصدى لمافيا المنح الدراسية بالخارج.

وفي بيان له قال النائب: "هناك عددًا من معدومي الضمير، يسعون وراء شغف الطلاب المصريين، بالدراسة والعمل بالخارج، ويعملون كوسطاء لجامعات وهمية، تمنحهم شهادات غير معترف بها".

وأضاف: "هؤلاء يسعون لإقناع الشباب المصري، بأن تلك الجامعات تجعلهم حاصلين على مستوى تعليمى عالٍ"، مطالبًا بتوعية الطلاب والسؤال عن تلك الجامعات، ومعرفة ما إذا كانت معترفا بها داخل دولتها أم لا قبل الدراسة فيها، وتضييع سنوات عمرهم وإنفاق أموال لا عائد منها.

يوضح "عامر" أن الأمر انتهى على عدم قدرة الطلاب على استرجاع أموالهم من الخارج في تلك الجامعة، والتي لم تنكر أنها غير معترف بها، وأنه عليهم من البداية الاستفسار عن مدى اعتراف دولتهم بها، وانتهى المطاف بهم في إحدى الجامعات الخاصة داخل مصر.

أما «نرمين علي» 25 عامًا، كانت حكايتها أصعب، بعدما أفنت عامين في جامعة غير معترف بها بالجمهورية الكندية، البداية كانت مع رغتبها في الالتحاق بكلية الطب داخل مصر، إلا أن مجموعها في الثانوية العام لم يؤهلها لذلك، فاقترحت عليها إحدى صديقاتها الالتحاق بجامعة خاصة في الخارج.

وبالفعل عقب عملية بحث طويلة وجدت الفتاه غايتها في كلية طب بإحدى الجامعات الكندية، والتي لا تعترف بالمجموع ولكن تقوم على عمل عدة اختبارات علمية للمتقدمين، واختيار أفضلهم وبالفعل اجتازت الفتاه الاختبارات.

أنهت الفتاه دراستها بعد عامين وحصلت على شهادة من تلك الجامعة، وعادت إلى مصر، وعقب أول مقابلة توظيفية في أحد المستشفيات كي تعمل طبيبة، رفضت بسبب تخرجها في جامعة دولية غير معترف بها في مصر.

تقول: "ذهبت إلى نقابة الأطباء لاستوضاح الأمر ووقتها علمت أنها جامعة دولية معروفة على مستوى العام، إلا إنها غير معترف بها في مصر"، مشيرة إلى أنه لم يكن أمامها سوى العودة إلى كندا والعمل بها في مجال الطب حتى يتم الاعتراف بشهادتها.

النائب فايز بركات، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، قال إن هناك جامعات وهمية خارج مصر، ولا تخلو دولة من تلك الجامعات مثلما يحدث في مصر، وتزداد الجامعات الوهمية في أوروبا وأوكرانيا ودول روسيا الإتحادية، موضحًا أن المصريين يبحثو وراء كليات القمة، والمنح الدراسية دون التأكد من اعتراف الجامعة في المجلس الأعلى للجامعات.

وأضاف "بركات"، لـ"الدستور" على الطالب الرجوع إلى المجلس الأعلى للجامعات للتأكد من شرعية الجامعة التي سوف يلتحق بها، وعلى الطلاب عدم الانسياق خلف الكيانات الجامعية الوهمية، قائلًا: "حرام لما المصريين يروحوا يدفعوا آلاف الجنيهات في الخارج".

وتابع عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، أن البرلمان تقدم بالعديد من طلبات الإحاطة بشأن الشهادات غير المعترف بها في مصر، ومن المفترض أن تتخذ وزارة التعليم العالي أي إجراء اتجاه تلك الكيانات الوهمية، وتقوم بالإعلان عن الجامعات الغير معترف بها.

ماجد الشريف، 22 عامًا، إحدى ضحايا الجامعات الوهمية، الذي اكتشف أنه يدرس بجامعة ليست مسجلة في المجلس الأعلى للجامعات بعد قضاءه عام كامل، موضحًا أن الشركة المعنية بسفره أوضحت له أنه سيدرس في كلية هندسة الطيران جامعة موسكو، واكتشف مؤخرًا، بعد سفره إلى روسيا أنه يدرس في معهد "نوفو موسكو تسك".

وأوضح "الشريف"، أن المعهد في روسيا غير مؤهل لإعطاء مادة علمية، وما هو إلا بيزنس لجمع أموال المصريين، منوهًا أن المنح مجانًا في روسيا، لكن شركات المنح الدراسية تستغل حاجة الطلاب للالتحاق بتلك الجامعات، وتقوم بالنصب عليهم وأخذ 6 آلاف دولار مقابل حصولهم على المنحة وتجهيز أوراق سفرهم.