محمد فودة يكتب: نقابة الإعلاميين تعيد الاعتبار للريادة المصرية
على الرغم من تأخر انشاء نقابة ترعى شئون الاعلاميين حيث أنها جاءت بعد مرور ما يقرب من 57 عاماً على نشأة التليفزيون المصري إلا أنه حينما ظهرت تلك النقابة منذ حوالى عامين تعامل معها البعض على انها مجرد فكرة تحمل صفة " تحت التأسيس" وسرعان ما تختفى وتتلاشى نظراً لأن فكرة انشاء نقابة للاعلاميين ظلت لسنوات عديدة بمثابة حلم كان يراود جميع العاملين فى هذا المجال ولكن لأسباب كثيرة كانت تلك الاحلام سرعان ما تتبخر فى الهواء وتتحول الى ما يشبه الكابوس الذى يستيقظ منه الاعلاميين ليجدوا أنفسهم يعيشون فى واقع مرير حيث لم ولن يجدوا تلك النقابة التى من شأنها الدفاع عنهم وحمايتهم ورعاية مصالحهم.
وعلى الرغم من ذلك فإنه مع ظهور هذه النقابه تعامل معها البعض على انها مجرد ديكون يتم من خلاله اللعب بمشاعر الاعلاميين ليس هذا وحسب بل ان هناك من كان يتعامل مع النقابة على انها تشبه الى حد كبير ملكة بريطانيا ( تملك ولا تحكم) بمعنى أن هذه النقابة لن تكون لها القدرة على محاسبة الاعلاميين الذين يخرجون عن الالتزامات الاخلاقية ومواثيق الشرف الاعلامى التى من شأنها ضبط الاداء وتحجيم تلك النوعية من الاعلاميين الذين لاسباب لم تعد خافية على احد ظلوا لسنوات عديدة يتعاملون على اساس انهم فوق المساءلة وانهم خارج سيطرة هذه النقابة او أى كيان آخر من شأنه القيام بادارة شئون الاعلام.
وللاسف الشديد فإن تلك الصورة الذهنية شديدة القتامة لم تات من فراغ وانما هى نتيجة منطقية لتاريخ طويل من المعاناه داخل مجالات العمل الاعلامى فى ظل عدم وجود نقابة تتولى ادارة هذا المجال الحيوى.
لقد تذكرت هذا التاريخ المرير وتلك المعاناة التى عاشها العاملون فى حقل الاعلام وانا اتابع باهتمام شديد تلك المقابلة التى تمت مؤخراً مع الاعلامى طارق سعدة نقيب الاعلاميين فى برنامج (٩٠ دقيقة) بفضائية المحور فقد استطاع وبذكاء شديد أن يقدم لنا الجانب المضئ الذى انشئت من أجله نقابة الاعلاميين ليس هذا وحسب بل انه وضع ايدينا على تلك القوة التى اصبحت عليها النقابة الان حيث لم تعد قراراتها مجرد حبراً على ورق وكيف أنها ككيان نقابى مهم اصبح الجميع يتعامل معها ومع قراراتها بجدية لم تكن موجوده من قبل .. فقد شهدت الفترة الاخيرة صدور عدة قرارت من النقابة بوقف مجموعة من الاعلاميبن عن العمل ومنعهم من الظهور على الشاشة وهو ما لم يكن يحدث من قبل ولم يكن يتوقعه احد حتى الاعلاميين انفسهم فوجئوا بتلك القرارا الحاسمة والحازمة.
وعلى الرغم من تلك الحالة من الصدمة الشديدة التى انتابت بعض الاعلاميين الذين طالتهم قرارات المنع من الظهور على الشاشة الا ان المشهد الاعلامى كان هو الرابح الوحيد فى هذا الامر خاصة ان قرارات نقابة الاعلاميين تصب فى نهاية المطاف فى الصالح العام.
وهنا فإننى اشيد بهذا التوجه العام للنقابة الذى يقوده نقيب الاعلاميين طارق سعدة والذى يستهدف فى المقام الاول ضبط الاداء المهني من خلال احترام ميثاق الشرف الإعلامى وايضاً حماية حقوق العاملين بالمهنه ضد اي فصل تعسفي او خلاف مع جهه عمل او العكس طبعا وفقا للوائح والقوانين مع التأكيد على الجانب الخدمي الذى يتم توجيهه الى اصحاب المعاشات وايضاً المشروع العلاجي ورحلات الحج والعمرة والمصايف وخلافه الى جانب الحرص على دعم المهنه من خلال العناصر التكميلية والتى من بينها التدريب وايضاً تيسير وصول خريجى الاعلام لجهات العمل.
خلاصة القول اننا الان امام نقابة قوية قادرة على حماية الاعلاميين والحفاظ على حقوقهم وايضا تمتلك الاليات والوسائل التى من خلالها يمكن أن تسهم وبشكل فعال فى تطوير المهنة وتنقية المجال من الدخلاء والمدعين خاصة أننا نعيش الان بالفعل في لحظة تاريخية سوف تنعكس بالايجاب على المشهد الاعلامى بالكامل طالما ظل هذا المناخ العام صحياً وخالياً من الدخلاء واصحاب المصالح الذين يستخدمون الاعلام من أجل تحقيق اهداف شخصية بعيدة كل البعد عن ريادة مصر فى هذا المجال.
الامر الذى يدفعنى لأن احييى نقيب الاعلاميين طارق سعدة على هذا النشاط غير المسبوق الذى تقوم به النقابة من اجل اعادة الاعتبار لهذه المهنة الشريفة التى كانت وما تزال وستظل بمثابة الدرع الواقى الذى يحمى الامن القومى المصرى فى مواجهة قوى الشر.