رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

داليا السعدني..صاحبة أول متحف نوعي فى العالم

جريدة الدستور

استطاعت أن تقيم أول متحف نوعي فى العالم يثبت سر جديد من أسرار الفراعنة، وهو أن الأمن المعلوماتى كان من اختراع المصريين القدماء، وليس من صنع الغرب..إنها داليا السعدنى التى تعتبر من أشهر 100 شخصية معمارية على مستوى العالم، وحصلت على 3 جوائز عالمية بسنة واحدة، والتى دائما ماتبرز التقاليد المصرية فى صورة فنون معمارية أصيلة.."الدستور" تجولت داخل أسرار صندوقها للتعرف على كواليس بناء المتحف والصعوبات التى واجهتها فى الحوار التالى:-

كيف نشأت المهندسة المعمارية داليا السعدنى؟
نشأت فى حياة بسيطة، حيث تخرجت من هندسة إسكندرية، وقضيت معظم حياتى خارج مصر فى أبو ظبي، ووالدى كان مهندس بترول، وعدت إلى مصر من أجل الجامعة بناء على رغبة والداي، ولم تكن من طموحاتي دراسة الهندسة، بل لطالما أردت أن أكون إعلامية أو عالمة آثار، لكن القدر شاء أن أدرس العمارة الهندسية التى أتت بمحض الصدفة، ودائما ماأسرد هذه القصة لسبب" أنه ليست دائما الأمور تسير فى حياتنا كما هى خططتنا، خاصة فى السن الصغير، لاندرك ماذا نريد، ولذلك لايجب ألا نحزن عندما تدفعنا الظروف للإبتعاد عن طموحاتنا، فقد يكون ذلك هو الخير الذى لانراه، ولو عاد بي الزمن لدرست نفس المجال الذى تحكم فى حياتى منذ أن كنت فى الـ17 من عمري.

وبعد ذلك أكملت دراستى فى إيطاليا، ثم عدت، وعملت فى أكبر شركات الاستثمار العقارى فى مصر طلعت مصطفى، التى فادتني كثيرا على المستوى الشخصي من فهم المقاولات، والتصميمات مع شركات عالمية كبيرة.

حدثينا عن الجائزة الذهبية التى حصلتى عليها ؟
حصلت على الجائزة الذهبية فى مسابقة A’Design Award الدولية في إيطاليا، عن أول متحف نوعي الداخل ضمن أخر مشاريعى الموجود بالجريك كامبس بالجامعة الأمريكية والذى يتناول الإكتشاف الأخير الذى قمت به حول سر جديد من أسرار القدماء المصريين، وإنهم أول من من أنشأوا فكرة الأمن المعلوماتي، وكل ما له علاقة بالعلم وحمايته، وتعتبر هذه المسابقة واحدة من أكبر وأهم الجوائز في مجال التصميم حيث يتنافس فيها عدد كبير من المصممين في أكثر من 105 مجال في التصميم من مختلف أنحاء العالم.

-كيف تبادرت فكرة المشروع إلى ذهنك؟
أتت بمحض الصدفة، عن طريق شركة خاصة بالأمن المعلوماتى كنت قد صممت لها دور كامل عن الحاضر وفازت بجائزة، وأرادت أن تقوم بعمل امتداد، وبدأت أعمل فكري واكتشفت الآلة الزمنية، وقررت العودة إلى الماضى، وبعد تنفيذى للمشروع وإثبات فكرة الأمن المعلوماتي التى تعود إلى الفراعنة، تعجبت كيف لنا هذا الكم الهائل من الإكتشافات والحضارة ومازلنا ضمن دول العالم الثالث، كذلك لابد أن نهتم بالشباب الذين لايقلوا أهمية عن المهندسين بالخارج، وتيقنت أن كل شىء يتكرر مرة أخرى ويجب الإستفادة منه، فلا يوجد شىء فى المستقبل يحدث إلا وقد حدث بالماضى.


-مادلالات القدماء التى ساعدتكِ على اكتمال فكرة المتحف؟
القدماء كان لديهم استراتجيات حفظ المعلومة التى يتشدق بها الغرب حتى الآن، وفى الحقيقة هم لم يفعلوا شيئا، لكن المصريين القدماء كانوا أكثر حضارة متحفظة لاتحب أن تنشر علمها، بدليل أنه بعد 7000 مازلنا نفك الطلاسم، ولذلك لم أرد أن أقيم ديكور شكلى عن القدماء لمجرد القول بأنه متواجد فى مصر فهذا أمر مقزز بالنسبة لى.

ومن الدلالات التى ساعدتنى على بناء الفكرة أن المعابد الفرعونية كانت مقسمة طبقا لمكانة الشخص فى المجتمع، فالإنسان العادى يدخل المعبد حتى حدود معينة، ويستطيع أن يقرأ أي شىء على الحوائط وفقا لمكانته، أما الأمراء فكان لهم بوابات أخرى، حتى منطقة قدس الأقداس التى تحوى كل علم التحنيط والتى يستطيع الكاهن الأعظم دخولها، ومن عملي مع الشركات وجدت التشابه الحاد، واكتشفت أنها تمتلك نفس النظام ولكن عبارة عن أرقام سرية وفقا لدرجتك تستطيع أن تطلع على أمور الشركة، وصولا إلى رئيس الشركة الذى يستطيع أن يرى كل شىء.

وثانى اكتشاف كان الأختام المتواجدة منذ القدماء، وتدل على أن الشخص ذاته هو الذى رأى الوثيقة، وهو نفس مفهوم الرقم السرى الآن الذى نستخدمه على الكمبيوتر الرقمى.

أما الأمر الثالث الآله تحتوت إله المعرفة الذى يحمل الروح فى رحلة الحساب، ويزن القلب من أجل الحكم بالجنة أوالنار، والإله حورس لحماية المعرفة، وبذلك أنتجت أول متحف نوعى فى العالم يثبت أن المعلومات التكنولوجية من اختراع الفراعنة، وليس من صنع الغرب.

ما شعوركِ عندما حصلتى على الجائزة ؟
كنت فى غاية السعادة عندما حصلت على هذه الجائزة، والتى أثبت من خلالها أن أى علم من العلوم الحديثة له جذور عند الفراعنة، فهذا المتحف لم يكن سهلا فى تنفيذه، وكان بمثابة تحدى لى، وتحقيق طموح أسعى له منذ قدم الأزل، وهو أن أعمل فى علم الآثار، ولذلك أنا أعتبره فرصة لكل مصرى للتعرف على تاريخه.


حدثينا عن المجهودات التى قمتى بها من أجل المتحف؟
قمت بعمل العديد من الأبحاث واطلعت على أقدم وأجدد الدراسات التي سعينا لتوثيقها في دراسة كبيرة باللغتين العربية والانجليزية من خلال مساعدات من عدد من علماء المصريات ساعدونى في بناء دور كامل عن أصل المعلومات وحمايتها في مصر، وكنا مبهورين بالإكتشافات التى توصلنا عليها، فاجدادنا كانوا أول من اكتشفوا أهمية حماية المعلومات وطرق حفظها، وكان من بين التشابهات الـFirewall وDeep Web وPassword وanti-Virus وMaze وHoney Pot.

ماهى الصعوبات التى واجهتكى عند تأسيس المتحف؟
لم تكن هناك رسوم بناء أصلية، لذا واجهت العديد من العناصر المجهول، واستعانت بالعديد من الإستشاريين فى مراحل الهدم والبناء، خاصة مع الطابق السفلى، وفقدان التهوية، ومشاكل المياة الجوفية التى صارت تغزو المبنى من كل اتجاه لطبيعة التربة فى مصر، وكذلك منتجات الرخام المستخدمة، والكتابات ذات صلة هيروغليفية ومرجع كل كلمة يتم الإستعانة بها.

-المتحف يحتوى على العديد من المقتنيات الخاصة بالأمن المعلوماتى.. هل يمكنكى أن تفسرى لنا الأمر؟
فى المتحف قمت بجدارية تحمل رسما للكاتب المصرى القديم يوضح فيها أهمية العلم عند الفراعنة، وتوجد فيها بعض العبارات "تشاور مع الجاهل مثل العارف"،"لم يصل أحد لنهايات المعرفة بعلمه"، كما جمعت كلمات قالها الإله تحوت إله المعرفة من كتاب الموتى وكان يقول "أنا تحوت الكاتب الماهر، ذو الأيد الطاهرة سيد الطهارة الذي يطرد الشر، كاتب الحقيقية، الذي يكره الشر وقلمه يحمي سيد الكون، سيد القرابين الذي يفسر الكتابات".

كما رفضت استخدام الحجارة حتى لايكون شكل المتحف تقليدى، واستعانت بالرخام المصرى الرمادى، ووضعت جدارية للإله حورس إله الحماية، وبعض الجمل التى وجدت عنه فى الكتب، وحفرت هذه الجداريات بأيدي الشباب من مختلف أنواع المعادن.

وحاولت جمع كل الرموز الخاصة بالحماية، التى كانت لدى القدماء المصريين، بالإضافة إلى زهرة اللوتس وعين حورس رمز الإله أوزوريس، وعقدة إيزيس كلها كانت مفاتيح الحياة، وتشير إلى درجات العلم التى وصل إليها المصريين القدماء.

أما عن وحدة الإضاءة التى وضعتها فى هذا المتحف والتى تسمى بالإله ثامون وهو حارس الأرض، فكانت أول وحدة إضاءة فرعونية، لذلك حاولت بجميع الطرق الممكنة الكشف عن أهمية الملعومات وطرق حفظها، والتى كان الهدف منها فى ذلك الوقت هو حمايتها من لصوص حقيقين، أما اليوم فالشركات العالمية تحمى من لصوص مزيفين (الهاكرز).

ختاما.. مالذى أردتى أن تبرزيه فى المتحف، وماهى خططك القادمة؟
أحببت أن أجسد نفسى، وأن يتذكرنى العالم بعد 25 عام بأننى قد صنعت شيئا من شأنه أن يجعل الأجيال القادمة فخورة بمصر، وحاولت قدر الإمكان أن يكون المكان هادئا، يحتوى على كم كبير من الروحانيات، ويوجد مصلية تضىء خمس مرات يوميا على مواقيت الصلاة.

وأود الفترة القادمة أن أهتم بفكرة المتاحف النوعية، فمنذ مئة عام ازدهرت صناعة السينما، ولايوجد متحف حتى الآن يتحدث عن تلك الصناعة، فالغرب لديهم متاحف عن تاريخ الشوك والسكاكين.