رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

غداء وزراء الخارجية العرب


اليوم، الثلاثاء، تنعقد بالقاهرة أعمال الدورة العادية رقم ١٥٢ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية. وقبيل انعقادها، تجتمع لجنة وزارية رباعية، لمناقشة تقرير أعدته الأمانة العامة للجامعة بشأن تطورات الأزمة مع إيران، وبحث سبل التصدى للتدخلات الإيرانية فى الشئون الداخلية للدول العربية، سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا.
اللجنة الوزارية الرباعية تضم وزراء خارجية الدول الداعية لمكافحة الإرهاب «مصر، الإمارات، السعودية، البحرين»، وقالت الأنباء المتداولة إنها أعدت مشروع بيان ومشروع قرار بشأن «التدخلات الإيرانية» لرفعه إلى اجتماع وزراء الخارجية. بينما يقول الواقع، أو تقول النكتة السوداء، إن إيران ستكون ممثلة فى هذا الاجتماع بوزيرين، على الأقل، أحدهما مندوب العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة.. والإشارة هنا مهمة إلى أن الفتى تميم بن حمد كان قد شارك فى القمة العربية التى استضافتها تونس، فى مارس الماضى، لكنه لم يحتمل الصمود لعدة ساعات، وركب ناقته، وعاد إلى حضن أمه، معطيًا ظهره للقمة بما فيها ومن فيها.
الإشارة مهمة إلى حضور الفتى تميم قمة تونس وانصرافه منها لأن الهيئة المكلفة بمتابعة تنفيذ قرارات والتزامات القمة العربية ستجتمع، أيضًا، صباح اليوم، لتستعرض التقرير نصف السنوى الذى أعده اجتماع الهيئة، يوم الأحد، على مستوى المندوبين الدائمين، وسيتم رفع هذا التقرير إلى اجتماع الدورة رقم ١٥٢ الذى قال جدول أعماله إن وزراء الخارجية العرب سيبحثون خلاله ثمانية بنود رئيسية، أبرزها القضية الفلسطينية والأوضاع فى ليبيا وسوريا واليمن.
البنود الثمانية لن تخرج، قطعًا، عن الـ١٩ بندًا التى تضمنها جدول أعمال قمة تونس، أو القمة العربية رقم ٣٠ أو «قمة توحيد الرؤية والكلمة»، كما قال عنوانها، والتى تصدرها اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة، واعترافها المماثل بشأن القدس المحتلة، ونقل سفارتها إليها. كما كان الصراع العربى الإسرائيلى، أيضًا، بين تلك البنود، وكذا أزمات ليبيا وسوريا واليمن، وتحديات العلاقات مع اللاعبين الإقليميين ومكافحة الإرهاب. وكنا قد تمنينا، وقتها، ودعونا الله ألا يكتفى القادة والزعماء بالتوقيع على ما تضمنه البيان الختامى، أو «إعلان تونس»، الذى رفعه إليهم وزراء الخارجية، وأن نشهد «نوبة إفاقة»، وصفحة جديدة، تطوى صفحات حزينة كثيرة خلّفتها القمم الـ٢٩ السابقة.
مع تأكيده، مجددًا، على أن «الأمة العربية مرت بمنعطفات خطيرة جراء الظروف والمتغيرات المتسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية، وأدركت ما يحاك ضدها من مخططات تهدف إلى التدخل فى شئونها الداخلية وزعزعة أمنها، والتحكم فى مصيرها»، شدد إعلان تونس على أهمية السلام الشامل والدائم فى الشرق الأوسط كخيار عربى استراتيجى، تجسده مبادرة السلام العربية التى تبنتها قمة بيروت سنة ٢٠٠٢، وأوضح «إن أى صفقة أو مبادرة سلام لا تنسجم مع المرجعيات الدولية مرفوضة، ولن يكتب لها النجاح». كما أكد البيان عدم شرعية الاعتراف الأمريكى بالسيادة الإسرائيلية على القدس والجولان و... و... إلخ.
خلال انعقاد «قمة توحيد الرؤية والكلمة» قُلنا إن ما تضمنه البيان الختامى، أو إعلان تونس، سيظل حبرًا على ورق، ككل بيانات أو إعلانات القمم السابقة، لو لم يتم تشكيل «ترويكا» عربية تتوجه إلى المحافل الدولية، لمنع تدخل دول وأطراف خارجية فى شئون المنطقة، سواء منفردة، أو بمساعدة دول عربية وإقليمية. وإجهاض مساعيها لفرض أجندات تنشر الإرهاب والفوضى والجهل، وتجهز على ما تبقى من دول المنطقة.
مرت ستة أشهر، جف خلالها الحبر على الورق، بينما «الدم العربى لا يزال يراق فى عدد من الأوطان العربية، بأيدٍ عربية حينًا، وعلى يد إرهابيين أجانب وميليشيات عميلة لقوى إقليمية، تسعى للتدخل فى الشئون العربية لإعلاء مصالحها، أحيانًا أخرى». وما بين التنصيص من كلمة مصر، التى ألقاها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الجلسة الافتتاحية للقمة، ولخّصت، فى نحو ألف كلمة، أزمات المنطقة والتحديات التى تواجهها، سواء ما تراكم منها أو كان إرثًا من مرحلة التحرر الوطنى ومرحلة تأسيس جامعة الدول العربية، أو ما فرضته الأحداث التى تفجرت منذ ثمانية أعوام فى أكثر من بلد عربى.
اكتفاء وزراء الخارجية العرب بالتوقيع على مشروع بيان ومشروع قرار يدين «التدخلات الإيرانية»، سيضم البيان والقرار، وما ستنتهى إليه مناقشاتهم بشأن البنود السبعة الأخرى، إلى ملف متخم ببيانات وقرارات، لا بـ«تودّى ولا بتجيب»، أو لا جدوى منها. وسيظل تناول «وجبة الغداء»، هو أبرز أعمال الدورة الـ١٥٢ والـ١٥٣ و.. والـ٢٥٠ ما لم يتم اتخاذ وقفة حازمة وحاسمة ضد إيران، تركيا، وقطر، وباقى الدول المعروفة للجميع، التى قامت، ولا تزال، بدعم واحتضان الإرهابيين، ولم تتوقف عن تمويل واستخدام الجماعات والتنظيمات الإرهابية.