رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ستات بـ100 راجل.. حكايات خاصة عن «الفلاحات المصريات» في عيدهم

جريدة الدستور

اليوم 9 سبتمبر، والذي تعتبره الكثير من الدول العربية عيدًا للفلاح من بينهم مصر، وفي كل عام احتفالًا بتلك المناسبة، يلقي الإعلام الأضواء على الفلاحين من الرجال ومعاناتهم، رغم أن التاريخ يحمل في طياته نماذج أكثر كفاحًا للفلاحات، واللاتي يمر هذا اليوم عليهن مرور الكرام.

ربما لا يصدق البعض أن هناك سيدات لازالن منذ صغرهن يعملن في الأرض، ويقمن بكل ما يقوم به الفلاحين من الرجال، ويمتلكن أراضي أو يعملن في أراضي مملوكة لآخرين، إلا إنهم أبوا ترك تلك المهنة التي توارثوها عن أجدادهم.

إيمانًا بذلك الدور القوي، «الدستور» تعرض في التقرير التالي، ثلاث نماذج لهؤلاء الفلاحات الرائدات في عيد الفلاح، للتأكيد على أن مهنة الفلاحة لا تقتصر على الرجال فقط، ولكن هناك نماذح ناجحة من السيدات فيها.

"مبروكة أحمد"، سيدة خمسينية، تعمل في مهنة الفلاحة بمحافظة المنوفية، بعدما ورثت قطعة أرض من جدها لأمها والتي توفيت وهي في سن صغير، بدأت قصتها حين كانت في السادسة عشر من عمرها، وتزوجت من إحدى جيرانها فلاح كان يعمل بالأجرة، وعقب زفافهما لحق والدها بأمها.

ضيق الحال، دفع زوجها بعد عام واحد من زواجهما إلى تطليقها، رغم أنها كانت حامل في ولده الأول وتبقى على ولادتها شهور قليلة، وبالفعل حملت السيدة طفلها بعدما لم يتبق لها أحد في تلك القرية، وانتقلت إلى قرية أخرى.

كان ورثها من أمها تلك الأرض مناصفة مع شقيقها الذي كان يعمل في محافظة الإسكندرية، وحين علم بما حدث عاد وأراد بيع الأرض أو تأجيرها وإعطاء "مبروكة" نصيبها، تقول: "فكرت في الموضوع لاقيت أن أفضل ليا أخلي الأرض مصدر رزق دائم مش فلوس هتتصرف وخلاص".

توضح أنها كان لديها أساسيات عن الزراعة منذ كانت تلازم أمها وأبيها إلى تلك الأرض لزراعتها، فعرضت على أخيها ترك الأرض لها وشراء نصيبه منها بالتقسيط، ومن عوائدها التي ستخرج كل عام.

وبالفعل، قررت السيدة بذل قصارى جهدها حتى تربي ابنها بطريق جيدة، وتوفر له كل احتياجاته لاسيما التعليمية، وظلت على مدار خمس سنوات تزرع هي أرضها بنفسها، حتى سددت نصيب شقيقها وأصبحت الأرض ملكها.

تقول: "فلاحات مصر فيهم نماذج مشرفة، والحياه ظلمتهم لكن قدروا يحولوا الظلم ده لجهد وعمل، وفيه ستات مننا شايلين بيوت على أكتافهم، ولازم يكون فيه تكريم للفلاحات، وهيئة تحميهم وتدافع عنهم".

بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يبلغ عدد الفلاحين في مصر 51 مليونًا، فيما يبلغ حجم إنتاج الفلاحين 284 مليار جنيه (39.7 مليار دولار)، بنسبة 14.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

أما "خضرة"، 65 عامًا، فلاحة بمحافظة الفيوم، فكانت حكايتها أكثر تعقيدًا، إذ كان والدها يعمل في مهنة الفلاحة، وأخذت منه أرضه إبان الإقطاع الزراعي، وجاء عام 1952 محمل بالخير عليه بعد ثورة يوليو، والتي ألغت نظام الإقطاع وأعادت للفلاحين أراضيهم وحقوقهم.

تزوجت في سن صغير، وعقب زوجها بعام توفى والدها وترك لها الأراضي التي ورثتها عنه، لاسيما أنها ليس لديها سوى شقيقة أصغر منها، ومرت السنوات ولم ترزق السيدة بأطفال لكونها عقيمة، مُصابة بعيب خلقي في الرحم.
لم تيأس السيدة وتستلم للهزيمة الأولى في حياتها بحسب حديثها، مؤكدة أنها تولت شؤون الأرض حتى تلهي نفسها عن قضاء الله، ولم يتركها زوجها بعد علمه بإنها عقيمة ولم تلد.

وبعد مرور 15 عامًا، توفى الزوج، وظلت السيدة ترعى أرضها بمفردها، تقول: "اتعاملت مع تجار وفلاحين وناس كبيرة، وبقيت خبيرة في الزراعة، ومبقاش ليا أي حاجة في الدنيا غير الأرض اللي بعيش من عائدها».

آخر حكايات هؤلاء الفلاحات الرائدات، كانت "سنية مسعد"، 48 عامًا، من محافظة المنوفية، والتي لم تكن فلاحة أو تعمل بتلك المهنة من قبل، ولكن عملتها بها في البداية مجبرة حتى اتقنتهها.

تزوجت في سن العشرين، وبعد 5 سنوات أصيب زوجها في حادث سير جعله قعيد لا يقوى على الحركة، وجلس الرجل في المنزل، تاركًا أرضه وعمله، وأصبح منزلهم بلا دخل ثابت رغم أن لديهم أطفال في مراحل التعليم المختلفة.

تقول: "كان لازم حد يراعي ىالأرض ويصرف على البيت والعيال، وكانت جارتنا سيدة فلاحة عندها أرض، فضلت على مدار أسابيع كتيرة أنزل معاها واشتغل عندها بالأجرة عشان أعرف أصول المهنة، وفعل اتعلمتها".

توضح أنها ظلت لمدة ثلاث سنوات ترعى الأرض والزوج والمنزل، وتعمل بالأجرة في بعض الأراضي الزراعية الأخرى من أجل تحسين دخلها دون كلل أو ملل من زوجها القعيد ومهنتها الشاقة.