رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تزور أكبر ثلاث محطات كهربائية في الشرق الأوسط (صور)

جريدة الدستور

بالأمس القريب، كانت عبارة عن مساحات شاسعة، وطرقات مليئة بالغبار، إلا أنها الآن أصبح خضراء ليست بالزرع والمحاصيل كالمعتاد، ولكن بمشاريع قومية نهضت وعزمت الدولة المصرية على بنائها، عبر ساعات طويلة من العكل استطاعت فيها أن تُعمر تلك الأراضي.

هي مشاريع خصت ثلاث محطات كهرباء في مصر، والتي كانت مجرد صحراء، وحولها عمال ومهندسون إلى مشاريع ضخمة، بأمر من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبالتعاون مع شركة «سيمنز» العالمية المتخصصة في مجال إنشاء محطات توليد الكهرباء. 


الـ«الدستور»، قامت بزيارات ميدانية لتلك المحطات الكهربائية الكبرى، على مستوى الشرق الأوسط، والتي تنتج 14420 ميجا وات يوميًا، لمعرفة قصص النجاح والكفاح خلف كل محطة.

الأولى كانت محطة كهرباء بني سويف، والتي تُعد واحدة من أهم المشروعات التي منحت الصعيد بأكمله دفعة تنموية كبيرة وخطوات نوعية للأمام، وتعد شاهدًا حقيقيًا على توجه الدولة في "السيسي" نحو تنمية الصعيد.

أكثر من 38 مليون ساعة عمل متواصلة، عمل خلالها أكثر من 7 آلاف عامل ومهندس وفني، وذلك لإنجاز مهمة قومية وضعتها بني سويف لتكون مصر من كبرى الدول المنتجة للكهرباء، على مستوى الشرق الأوسط بل العالم بأكمله.



وُضِع مشروع بني سويف ضمن أفضل مشاريع العالم في اتباع طرق السلامة والأمان، والمشروع يتبع لوحات إرشادية لتوضيح طرق السير الآمنة بالمحطة، حيث تعد من أكبر محطات الكهرباء في العالم بتكنولوجيا الدورة المركبة بطراز h-class، والتي تعتمد على الغاز الطبيعي في تشغيلها، بقدرة 4800 ميجاوات، حيث بلغت نسبة التنفيذ 98%، والتي من المتوقع أن تصل إلى 100% مع الأشهر القادمة.

وتعد محطة كهرباء بني سويف أكبر محطة غازية في العالم أنشأتها شركة «سيمنس الألمانية»، بالتعاون مع شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء وشركة السويدي المصرية.

وتقع على الطريق الصحراوي الشرقي القديم بني سويف - المنيا، بالقرب من قرية غياضة الشرقية التابعة لمركز ببا جنوب المحافظة، وتطل مباشرة من الجانب الغربي لها على نهر النيل، على مساحة 85 فدان بمساحة 500 ألف متر مكعب، بتكلفة استثمارية بلغت 2 مليار يورو.

وتتكون المحطة من 4 بلوك "دورة مركبة"، كل دورة تنتج 1200 ميجا وات، ليصل إجمالي ما تنتجه المحطة 4800 ميجا وات، وكل بلوك عبارة عن 2 توربينة غازية و2 غلاية استعادة طاقة وتوربينة بخارية.

حيث القدرة الكهربائية للمحطة تكفي لتزويد نحو 15 مليون مواطن مصري بالطاقة الكهربائية، بنحو 20% من إجمالي الكهرباء المربوطة على الشبكة القومية للكهرباء، وتعمل بأعلى كفاءة توليد بالعالم تصل لـ60%، وهو ما يعد "أقل معدل استهلاك وقود للكيلووات".


وتوفر المحطة نحو 400 مليون دولار سنويًا، وهي قيمة الوقود الذي سيتم توفيره، بينما تحصل على 12 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا لـ6 وحدات إنتاج بقدرة إجمالية تبلغ 2400 ميجاوات.

المهندس هاني محمد علي، مدير محطة كهرباء بني سويف، قال إن المشروع يوجد به أعلى كفاءة في العالم من حيث الوحدات والمولدات الكهربائية، بكفاءة 62%، مقارنة بالمحطات الأخرى التي لا تزيد عن 37% تقريبًا، موضحًا أن العمالة داخل المحطة كانت كافية بشكل كبير، حيث شارك في إنشاء المشروع العديد من محافظات الجمهورية، ولذلك انتهت في وقت قياسي وممثل.



وتابع على لـ"الدستور"، أن المشروع قضى تمامًا على ظاهرة البطالة في أنحاء محافظات الصعيد، وخاصة محافظة بني سويف التي توجد بها المحطة، مضيفًا أن المحطة تمكنت بالاكتفاء الذاتي من العمالة، وأصبحت تستعين بكفاءات أخري في مجالات مختلفة، حتى تظهر بشكل أكبر وتقلل من ساعات العمل.


ليس ذلك فقط ما يُميز محطة كهرباء بني سويف، بل صنعت الكثير من الإنجازات التي اشتهرت بها خلال الآونة الأخيرة من إقامة المشروع وإظهاره بشكل ممثل، فعملت على شدّ الأسر وتقليل من ظاهرة الاغتراب، والهجرة البحرية التي كان يستخدمها المواطنون للسفر من الوجه القبلي إلي الوجه البحري، من أجل السعي على الرزق ولقمة العيش.

وأضاف أن حوالي 50 شركة شتى المجالات كانت تعمل بعقود من الباطن تحت المسئولين الرئيسيين، بينما ساعد في بناء المشروع عدد من العمالة الخارجية، مثل روسيا، كما أن المحطة استعانت بـ"لحامين" روسين، وذلك لعدم وجود قدر كافٍ  من عمالة مصر.

وأوضح مدير مشروع كهرباء بني سويف، أنه لأول مرة تشارك شركة "السويدي" المصرية، مع شركة "سيمنز" الأجنبية، وتؤدي جميع أعمال التركيبات وتسهم في بناء المشروع بعمالتها الخاصة، خاصة في المشروعات الضخمة، موضحًا أن ذلك يُعنى ثقة كبيرة، بالإضافة لارتباط الدول ومؤانسة الأعمال المشتركة، وتبادل الخبرات.

وأشار إلى أن المشروع حول المناطق الصعيدية من ظلام أسود إلي نور دائم. بل ويفيض على ذلك كهرباء يتم تحويلها على الشبكة الموحدة التي تربط جميع أنحاء الجمهورية، وتعمل على توزيع الكهرباء على المناطق الأقل.


وأضاف: أن المحطة ساعدت في بناء المشروعات القومية في بني سويف، مثل "مصنع حديد المصرين، مصنع اسمنت، مصنع سامسونج للإلكترونيات"، وغيرها من المصانع الكثيرة، والتي تحتاج كمية كبيرة من الكهرباء.

محطة البرلس "ضياء كهربي" لأنحاء مصر
تُعد محطة كهرباء البرلس واحدة من أكبر المشروعات في إنتاج الكهرباء، يدعم الشبكة القومية، ويقلل انقطاعات الكهرباء، فضلًا عن تحقيق فائض بها، بالإضافة إلى دعم المناطق الصناعية المحيطة، ومن المتوقع إنشاء مجتمعات عمرانية حوله.

أقيمت المحطة على مساحة 250 فدانًا، وتم توقيع عقدها في مارس 2015، خلال مؤتمر شرم الشيخ، بالتعاون مع شركة «سيمنز» العالمية المتخصصة في مجال إنشاء محطات توليد الكهرباء، بتكلفة ملياري يورو.

افتتحت مرحلتها الأولى في مارس 2017، وتضم المرحلة الثانية 4 وحدات دورة مركبة، بسعة 4800 ميجاوات، لتعد بذلك ثاني أكبر محطة كهرباء بنظام الدورة المركبة، التي تعمل بالغاز في العالم.

وحسبما أكد المهندس أحمد شرف، مدير تأمين عمليات التشغيل بالمحطة، فإن المحطة تتكون من 4 وحدات "موديول"، بقدرة 1200 ميجاوات للواحدة، وكل "موديول" يتكون من وحدتين غازيتين بقدرة الواحدة منها 400 ميجاوات.

بالإضافة إلى ملحقاتها، التي تضم «المداخن، ومآخذ هواء، ومبردات، وفلاتر غاز، ووحدة زيوت»، ووحدة بخارية بقدرة 400 ميجاوات، بالإضافة إلى غلايتين لاستعادة الطاقة، و3 محولات رئيسية، بجهد 500-22 كيلوفولت، ومحولين مساعدين بجهد 11-22 كيلوفولت.

كما تضم برج تبريد، ومبنى للمفاتيح جهد 500 كيلوفولت، بالإضافة إلى مبنى للتحكم بالمفاتيح، ومبنى التحكم الرئيسى بالمحطة، ومبنى الطلمبات وخطوط السحب وطرد المياه، وفاقد للتبريد من البحر، ومبنى إنتاج وتخزين الهيدروجين، وآخر لإنتاج الكلور، كما تم تزويد المحطة بنظام متكامل لإنذار ومقاومة الحرائق، يعمل أوتوماتيكيًا.



وقال مدير تأمين التشغيل بالمحطة لـ"الدستور"، أنها تعمل بنظام الدوائر المغلقة، بحيث يكون المشروع آمنًا، وليس له أي أضرار بيئية، حيث تم إنشاء محطة متكاملة لمعالجة المياه الناتجة عنها بشكل كامل، واستخدامها في ري الزراعات المحيطة.

وتتكون من 4 خزانات، أحدها للمياه منزوعة الأملاح المعدنية، وآخر لمياه الخدمات، والثالث لمياه الشرب، والخزان الرابع لمياه مقاومة الحرائق، كما تم إنشاء محطة لمعالجة الصرف الصناعي والصحي، تعمل بنظام كباسات الهواء.

تابع أشرف، أن المحطة استغرق تنفيذها نحو 33 شهرًا فقط، رغم الظروف الجوية القاسية التي مر بها المشروع، بسبب موقعه الجغرافي، وضخامة حجمه، موضحًا إنه يشكل أكبر سلسلة توريد في تاريخ محطات الكهرباء بمصر، وهو ما كان يمثل تحديًا كبيرًا في إدارة الشحن الجوي والبحري لغالبية المهمات والمواد المستوردة المستخدمة في المشروع.

وأضاف أشرف، تميز البرنامج الزمني للمشروع بأنه ذو طبيعة خاصة، وأخذت أعمال تحضير الموقع بعض الجهد، بسبب حالة التربة، كما تم تنفيذ أعمال بحرية لإنشاء خطين لأنابيب سحب المياه من البحر، بقطر مترين لكل خط، وبأطوال 1200 و1300 متر.

وتم الانتهاء من ربط الجهد العالى بالشبكة القومية فى نوفمبر 2016، وربط الوقود والغاز بالشبكة فى سبتمبر 2016، كما تم البدء فى تركيب «التوربينات الغازية» فى ديسمبر من نفس العام، حتى مايو 2018.


وأشار إلى أن مشروع محطة كهرباء البرلس حقق العديد من الجوائز، حيث نال شهادة تحقيق إنجاز 45 مليون ساعة عمل دون حوادث، وجائزة أحسن مشروع بنية تحتية من إمارة دبى بدولة الإمارات العربية المتحدة، كما حقق المركز الثاني بجائزة المؤتمر الدولي للطاقة لسنة 2017، بالولايات المتحدة الأمريكية.

أوضح مدير حماية التشغيل بالمحطة، أن محطة البرلس أصبحت توفر بشكل كبير على محافظة كفر الشيخ، وأيضًا محافظات أخري فى مصر، حيث تمكنت من حل أزمة انقطاع الكهرباء التي كان يعاني منها الكثير من المناطق.

وخاصة المناطق الريفية، التي قد يصل الانقطاع فيها إلي يوم واثنين، بسبب الأحمال الزائدة، إلا أنها الآن أصبحت دافعًا قويًا في حل تلك المشاكل بالإضافة لبناء مشروعات جديدة داخل المحافظة، والتي كانت تحتاج لاستهلاك عالٍ من الكهرباء.

وقال أشرف لـ"الدستور"، إنَّ محافظة كفر الشيخ أصبحت الآن لا تعاني، بل يوجد فائض كبير من الكهرباء، وهو ما يجعلنا من ترشيح تصدير كمية كهربية إلى الدول الخارجية مثل "الأردن والسعودية"، وذلك لأن مصر أصبحت تكتفى ذاتيًا من الكهرباء، موضحًا أن الكمية الفائضة يتم ترحيلها على الشبكة الموحدة التي تربط أنحاء الجمهورية، بداية من أسوان إلى الإسكندرية.

محطة كهرباء العاصمة.. "الأكبر فى الشرق الأوسط .. وتعمل بكثافة عالية"
تقع محطة كهرباء العاصمة على مساحة كبيرة في قلب الصحراء، وعمل بها أكثر 8500 عاملًا، وتنتج 4800 ميجاوا وات، بالإضافة إلى أنها تعمل بنظام التبريد الهوائي باستخدام 12 مروحة عملاقة تُستخدم لأول مرة، ولا تعتمد على التبريد المائي.

وتُعد من أكبر المحطات على مستوى العالم، وهي ضمن المشروعات القومية الكبرى التي تنفذها الدولة المصرية منذ سنوات، وأصبحت ضمن المحطات الثلاثة مشتركة مع "بني سويف و كفر الشيخ"‘ هي الأضخم في الشرق الأوسط، وتنتج 14420 ميجا وات.

تم إنشاؤها عام 2016، تقع على بعد 42 كيلو من القطامية، وعلى مساحة 175 فدانًا بطريق العين السخنة، وتم افتتاح المرحلة الأولى في أوائل شهر مارس، وانتهى تنفيذها بالكامل في مايو 2018.
وتوفر نحو 400 مليون دولار سنويًا، وهو قيمة الوقود الذي سيتم توفيره، حيث تصل تكلفة محطة العاصمة الإدارية الجديدة، المشتركة التي تنفذها شركة سيمنس الألمانية بالتعاون مع شركة أوراسكوم المصرية، إلى 2 مليار يورو.

وتعتبر محطة العاصمة، هي الأولى من نوعها في مصر والشرق الأوسط التي يتم إنشاؤها بمنطقة جبلية بعيدًا عن المياه، كما هو معتاد في محطات الكهرباء، حيث تصبح أكبر وأحدث محطة بالعالم تعمل بطرازh-class من تشغيل أول وحدتين بخارية بالموديول الأول بالمحطة وربط الأولى بالشبكة بقدرة 400 ميجا وات.

تضم محطة الكهرباء، 8 وحدات غازية تعمل بطراز «إتش كلاس» كأحدث تكنولوجيا في الوحدات الغازية على مستوى العالم، وهو النظام الذي يتميز بكفاءة إنتاجية بمعدل 65% وهو المعدل الأعلى كفاءة على مستوى العالم.





كما يوجد 3 "موديول" يضم كل منها 2 وحدة غازية تعمل بالغاز الطبيعي، ووحدة بخارية تعمل بالعادم الناتج من الوحدتين الغازيتين لتوفير الوقود، بالإضافة إلى 2 غلاية لاستعادة الطاقة المفقودة، وسيتم ربطها بالشبكة القومية على جهد 500 كيلوفولت.