رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«داعشيات جُدد».. منتقبات يعتدين على فتيات غير محجبات بالشوارع

جريدة الدستور

ليلة الخميس الماضي، الحادية عشرة والنصف مساءً، ترتاد "نانسي مجدي"، الثلاثينية، العربة المخصصة للسيدات بالمترو، كانت ممتلئة للغاية، فاضطرت للوقوف في أول العربة، وقبل محطة دار السلام بلغ التدافع ذروته، ما جعلها تلتصق في الباب المواجه لناحية النزول، حتى اقتربت منها سيدتان مرتديتان النقاب.

زاد احتكاك المنتقبتان بها بطريقة غير مفهومة حتى حاصرتاها، واحدة جوارها والأخرى من الخلف، شعرت بأنهما على وشك سرقتها وظل تركيزها كله على حقيبتها، حتى تفاجأت بإحداهن تخرج ألة قطع حادة وتسحبها الأخرى من شعرها، واقتصت خصلات كثيفة من شعرها، ثم هربن سريعًا وانغلق باب المترو.

ما حدث لـ"نانسي" بات أمرا متكررا، بعدما انتشرت سيدات منتقبات وربما مجهولات، في الطرقات العامة والمواصلات، يقمن بقص شعر الفتيات غير المحجبات والاعتداء عليهن، بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإجبار، وهو أمر يخالف تعاليم الدين الإسلامي، بحسب وقائع خاصة رصدتها "الدستور" لفتيات تعرضن لذلك.

كانت آخر كلمة سمعتها "نانسي" قبل أن ينغلق باب المترو هي: "عشان تستري نفسك"، علمت وقتها أنهما سيدتان متشددتان دينيًا، ويحاولن بتلك الطريقة الخاطئة نشر الدين وتصحيح المفاهيم، بحسب الفتاة التي لم تقم بتحرير محضر لعدم معرفتها بهما.

ناهد أبو القمصان، رئيس المجلس القومي لحقوق المرأة، قالت إن تلك الوقائع التي يرتكبها هذا الفصيل لا تستهدف سوى المختلف عنهم أيًا كان دين الفتاة ولا تميز سن الضحية أو مكان الفعل، فهن يعلمن جيدًا طريقة الهرب.

وتضيف لـ"الدستور"، العنف والأذى الجسدي والنفسي، الذي تتعرض له الفتيات لا ينبغي أن يمر مرور الكرام، فمن الواضح أنه ليس أمرا فرديا بل سلوكًا ممنهجًا تتبعه مجموعة منتشرة على نطاق واسع، بينها اتفاق ضمني على إرهاب الفتيات، خاصة أنهن لا يملكن قوة جسدية للدفاع عن أنفسهن.

طالبت " أبو القمصان" بزيادة دور الداخلية، خاصة في الأماكن شديدة الازدحام مثل مترو الأنفاق، وزيادة كاميرات المراقبة لضبط كل من يقوم بانتهاك حريات الآخرين، وللحفاظ على الأمن الشخصي للنساء.

كما أنها دعت كل فتاة تتعرض لأي أذى أيًا كان نوعه، أن تتوجه لأي جهة للتحقيق، واتخاذ الإجراءات التي تمكنها من ضبط و إحضار الجناة، لأن ذلك يعتبر تعدٍ صارخ إلى الحرية الشخصية، ويهدد وجود المرأة في الشارع بشكل عام، مشيرًا إلى أن ذلك لا يعني أن كل من ترتدي النقاب تعتبر سيدة متشددة.

"أماني مصطفى"، عشرينية، فتاة أخرى، ضحية تلك الجماعات المجهولة، والتي ارتادت في يوم سيارة ميكروباص في منطقة زهراء المعادي، عائدة إلى منزلها، وكانت جالسة في المقعد المجاور للسائق.

نزل جميع الركاب بالتدريج، حتى تبقى سيدتان ترتديان النقاب خلفها، فجأة شعرت بألة حادة تلامس رقبتها من الخلف، فحاولت الاستدارة، إلا أن إحداهن سحبتها وقامت بقطع شعرها.

وبمجرد أن أبطأ السائق من حركته حتى نزلت السيدتان، لكن أول ما ورد لذهن "أماني" أنهما على اتفاق مع السائق لذا لم تستطع الصراخ خوفًا من أن يؤذيها هو الآخر لكن طلبت النزول بإلحاح، وجدت الدم يُغرق ظهرها.

الدكتور عبد الحميد الأطرش، الرئيس الأسبق للجنة الإفتاء بالأزهر الشريف، يقول إن تلك الأفعال لا تمت للدين بأي صلة، مضيفًا: "من يستبيح حرية غيره ويعتبره ملكية خاصة يتحكم في شكله وهيئته، ليس سوى إرهابي يعادي الله ورسوله، فحفظ النفس من الضرورات الخمس مقدم على حفظ الدين".