رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حق نوال السعداوى


لم تكد والدتى تفيق من أزمتها الصحية مع عينيها، بعد الخطأ الطبى لعملية الكتاراكت فى العين اليسرى، التى أجراها أحد الأطباء فى مستشفى معهد ناصر، والذى يقول هو وبعض منابر الإعلام إنه لم يخطئ، إنما الأمر متعلق بالسن- حتى وقعت وكسرت عظمة الفخذ اليسرى وأجرت عملية تركيب مسامير يوم ١١ أغسطس الماضى فى المستشفى الجوى، وظلت هناك حتى يوم ١٩ أغسطس.
ونظرًا لأن البيت ليست فيه الخدمة والتمريض المطلوبان فقد نقلتها وزيرة الصحة إلى مستشفى معهد ناصر، لأنه قريب من البيت، وقالت إن هناك جناحًا خاصًا يليق بالدكتورة نوال رقمه ٢٦٠.
وذهبت د. نوال إلى مستشفى معهد ناصر، الخميس ٢٩ أغسطس، على كرسى متحرك خاص بها، وقد اندهشتُ أن أمى تريد الذهاب إلى المستشفى نفسه الذى أجرت فيه عملية الكتاراكت التى تسببت لها فى الكثير من الأذى والألم، لكنها كانت تريد أن تذهب إلى مستشفى قريب من البيت، ومع الأسف فإن مستشفى معهد ناصر قريب جدًا من بيتنا!
ولكن أمى طلبت الخروج، يوم الأحد ١ سبتمبر، لأنها عانت من سوء الخدمة، وعدم وجود تمريض يسعفها إذا أرادت شيئًا، وكان هناك ذباب فى الجناح، والطعام فى منتهى السوء.
وكنت أرسل لها طعامًا من البيت وفاكهة ومُبيدًا للذباب، وكانت أمى تستعين باثنتين من النساء على حسابنا الخاص لكى نضمن لها الرعاية، وكانت تكلمنى يوميًا وتشتكى أنها مُهمَلة وتعبانة، وكنت أكلم فورًا مدير المستشفى أو نائب المدير، وقلت لها: «يا أمى سنحضرك إلى البيت بدلًا من هذا الوضع الذى لا يليق بك ولا يليق بأى إنسان».
وقد كلمتنى وزيرة الصحة يوم الجمعة ٣٠ أغسطس صباحًا، وقالت لى إنها ستغلق معى الهاتف وتتصل بالدكتورة نوال لتطمئن على حالتها، لكنها حتى يوم الخروج، الأحد ١ سبتمبر، لم تتصل بها ولو مرة واحدة.
«د. نوال» أمى الآن فى البيت نعطيها العلاج اللازم والعلاج الطبيعى الخاص بعيدًا عن رعاية وزيرة الصحة، وبعيدًا عن الإهمال وسوء الخدمة، ومعاملة الممرضات الفجة فى مستشفى معهد ناصر التابع لوزارة الصحة والسكان.
لقد خرجت من هذه التجربة أكثر إيمانًا بأنه أفضل مليون مرة أن يموت الإنسان من ألم الجسد ووجع المرض وهو على فراش بيته بكرامته، عن أن يموت على فراش المستشفيات من الإهمال المزرى وتردى الخدمة ورعاية وزيرة الصحة.
وأيضًا تأكدت ألا كرامة لنبى فى وطنه، فالدكتورة نوال دفعت ثمنًا باهظًا، ولا تزال، من أجل تحرير العقل العربى وحفظ حقوق النساء والرجال ونهضة الوطن العربى، بالكتابة والمواقف والمحاضرات فى مصر وفى العالم.