رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حاميها حراميها.. من يحمي شباب المؤلفين من سرقة أعمالهم الفنية؟

جريدة الدستور

عرض مسلسل «نصيبي وقسمتك» في إحدى الحلقات، شاب موهوب في بداية مشواره الفني، قام بكتابة أول تجربة فنية له بأحد سيناريوهات الأفلام، وبعد الانتهاء من صياغة الفيلم في نسخته الأخيرة قام بعرضه على أحد المنتجين الكبار في الوسط الفني، ولكن رفض المنتج الفيلم وأخبر الشاب أن الفكرة ضعيفة وركيكة ولا تصلح لعرضها سينمائيًا.

وإذا بالشاب يتفاجىء بعرض نفس قصة الفيلم مدون عليها اسم مؤلف آخر دون الإتفاق معه أو الرجوع إليه، قصة الشاب لم تكن مجرد مشهد في عمل درامي عابر، ولكنه واقع يعيشه كثير من شباب المؤلفين، الذي يصطدمون في بداية مشوارهم بواقع سرقة المحتويات والأعمال الفنية.

"الدستور" توصلت مع عدد من شباب المؤلفين، الذين رغم بداية مشوارهم سرقت أعمالهم الفنية، دون أن يكون هناك حماية لهم رغم موهبتهم الفاذة في التأليف، الأمر الذي زاد من إحباطهم وعدم قدرتهم على أخذ حقهم أو مواصلة المشوار.

شابٌ موهوب يدعى محمد وشهير بـ"ميجو"، عشريني، شغوف بالشعر والكتابة، يروي لـ"الدستور"، تجربة سرقة أحد أعماله الأدبية التي كتبها منذ حوالي عامين، لكن لم يسلم من كابوس سرقات الأعمال الفنية.

يقول "ميجو"، أنه مولع بكتابة الأغاني، كي يعرضها على كبار المشاهير، حتى يقوم الفنان باختيار واحدة من تلك الأغاني، ويصبح هناك تعاون فني بينهم، موضحًا أنه ظل فترة كبيرة يعمل على كتابة عدة أغاني، حتى يكون لديه رصيد كبير من الأعمال الفنية، قبل مقابلة الفنانين لعرض هذه الأغنيات عليهم، وإبرام عقد الاتفاق على إحداهن، وبالفعل انتهي من كتابة أغنية ولحنها الفنان "محمود صادق"، نجم عرب أيدول.

قام "ميجو" و"صادق"، بعرض هذه الأغنية على مطرب مشهور، ولكنه أعطى له ميعاد آخر حتى يتثنى من قراءة الأغنية والاستماع إلى اللحن للبت في أمر قبولها من عدمه، وفوجئ الشابان بعد مرور بضعة أشهر بإطلاق أغنية جديدة لهذا المطرب، وكانت الصاعقة عندما وجدا أن هذه الأغنية من كلماتهما وألحانهما، ولكن مع تعديل طفيف في الكلمات، وبعدها حاولا التواصل مع هذا الفنان عدة مرات لمواجهته ولكنهما فشلا، وقررا تجاوز الأمر والتعلم من هذه التجربة.

لم يكن الشابان الضحية الوحيدة لكابوس سرقة الأعمال الأدبية والفنية، واللذان لم يستطيعا الدفاع عن موهبتهم وفكرهم بسبب سطو المشاهير واحتكارهم للمجال الفني، فتروي نهال سماحة، المؤلفة الشابة، تفاصيل أزمتها مع أحد الفنانين الكبار وزوجته.

إذ أنها في عام 2018 عرضت قصة فيلم على ممثلة شهيرة، من خلال مكالمة هاتفية جرت بينهم، وكان تعليقها يتلخص في كون الفيلم كوميدي، وهي لا تقدم هذا اللون من الأفلام، وانتهت المكالمة بينهم على تحديد ميعاد يلتقوا فيه لمناقشة تفاصيل القصة بوضوح.

بعد أيام قليلة من المكالمة التليفونية، وأثناء المقابلة عرضت الكاتبة على الممثلة الشهيرة السيناريو الخاص بالفيلم وسردت لها جميع تفاصيله، كما أنها عرضت عليها سيناريو آخر، وانتهى اللقاء بأنها سوف تقرأ القصتين بتمعن ووعدتها بأنها سترد عليها في أقرب وقت.

قصة فيلم نهال سماحة، تدور حول سيدة عجوز كانت في صغرها تعمل خادمة في البيوت، وتخصصت في سرقة المنقولات والمجوهرات الثمينة وتبديلها بأخري مقلده بالاشتراك مع أخواتها، ولكنها تتوب عن السرقة بعدما تقدمت في العمر وتزوجت من أحد الأثرياء، لتقرر بعدها إرجاع جميع المسروقات لأصحابها.

توضح "سماحة"، أن هذا السيناريو كتبته في عام 2009، وكان أول عمل لها في بداية مشوارها الفني، وسبق، وأوضحت هذا عندما عرضته على الممثلة الشهيرة، ولكنها لم تفي بوعدها ولم ترد عليها بعد أخر لقاء بينهما.

أغسطس 2019، استيقظت "سماحة" على إعلان فيلم جديد وبدى لها من الإعلان أن القصة تشبه قصتها كثيرًا، حتى أن بطل الفيلم كان زوج تلك الممثلة الشهيرة، معلقة أنها أنهارت عندما تأكدت أنه فيلمها فعلًا، ولكنه تم تحويره وتعديل بعض الأشخاص فقط فيه، ولكن التفاصيل واحدة.

الأمر آثار وقتها غضب الكثير من رواد السوشيال ميديا، والذين تفاعلوا مع الكاتبة الشابة التي نشرت قصتها واتهامها على حسابها الشخصي بموقع "فيس بوك"، بيد أن الفنان الذي اتهمته بسرقة السيناريو الخاص بها رد: "البوست اللي اتنشر من الكاتبة نهال سماحة، أنا كنت هشيرة وأقولها روحي للقضاء وخدي حقك، بس هي لجأت له بالفعل، فخلاص استريح"، ولازالت حقيقة سرقة ذلك الفيلم غير واضحة وينظرها القضاء.

مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، قال أنه في حالة ثبوت اعتداء على الملكية الفكرية، وإذا قام السارق باستغلال هذه الحقوق بشكل يدر عليه ربحًا، كأن يسرق رواية وتتحول لفيلم دون الرجوع لصاحبها، وهذا الفيلم حقق مكاسب يكون لصاحب الحق تحريك الدعوى الجنائية أمام المحكمة الاقتصادية.

وأضاف: "والتي تختص بنظر هذه النوعية من المنازعات وتكون العقوبة، غرامة من 10 آلاف حتى 100 ألف جنيه، مع التعويض الذي تقدره المحكمة حسب ما لحق صاحب العمل من ضرر وما فاته من كسب من جهة، ومن جهة آخرى وفقا لما حققه سارق العمل من مكاسب وأرباح".

وينص القانون الخاص بالملكية الفكرية، رقم 82 لسنة 2002، فيما يخص المؤلفات الأدبية والفنية والكتب والتسجيلات وكل ما يرتبط بالإبداع، بعقوبة على مخالفة أحكام هذه المادة بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه.

وفي هذا الصدد أعربت هبة علام، الخبير القانونى، عن مدى أهمية الإجراءات القانونية في تسجيل إبداع فني أو ابتكار، كإجراء تحفظي فوري، وذلك بالتوجه إلى الشهر العقارى، وعمل إثبات تاريخ لفكرته أو إنجازه، بما يمنحه أسبقية الملكية الفكرية بمستند رسمي.

وأضافت "علام"، أن تلك الإجراءات تسري على الأفكار والعلامات التجارية، ومسميات المؤسسات والشركات، وحتى الجمعيات الخيرية، فلا يمكن بأب حال من الأحوال سرقة أي عمل أو ابتكار سبق تسجيله، إذ يتم حفظ نسب الملكية الفكرية للشخص، وأب شخص يحاول سرقة الفكرة بعد دقيقة واحدة من ذلك التسجيل يتعامل معه القانون على أنه كاذب وسارق.