رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد الارتفاع التاريخي.. كيف يرى تجار الذهب مصير صناعتهم؟

جريدة الدستور


اعتاد "سامي" أن يجلس على كرسي خشبي أمام أحد محلاته الشهيرة ببيع وشراء الذهب والمجوهرات بشارع الصاغة بحي الحسين بقاهرة المعز، ولكنه لم يعتد على هذا الركود الذي يشهده السوق الأشهر في مصر، والذي يقصده الجميع؛ مصريون وعرب وسُياح، كذلك الأغنياء والفقراء، هنا تتراص الواجهات عارضة أفضل ما لديها من قطع الذهب والفضة، ولكن الشهور الأخيرة تغير حال هذا الشارع، وتغير معه حال سامي وجميع تجار الذهب في مصر، قائلًا بنبرة مليئة بالأسى، "يا فرحتي لما جرام الدهب يوصل1000 جنيه ومحدش يشتريه".

ركود تام أصاب تجارة الذهب، بعدما شهدت الأسواق المصرية مؤخرًا ارتفاعًا غير مسبوق في أسعاره، مما أدى إلى عزوف الكثيرين عن شرائه واتجاههم إلى بدائل في الزواج والزينة وهو "الذهب الصيني" الذي أصبح البديل في كثير من المناطق الشعبية، أو الاستغناء في عدد من القرى والمراكز التي قدّمت مبادرات الاستغناء عنه.

ارتفع سعر جرام الذهب نحو 12 جنيهًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي، ليصل سعر عيار 18 إلى 603 جنيهًا، في حين ارتفع عيار 21 إلى 704 جنيهًا، أما عيار 24 فوصل إلى 804.6 جنيهًا، مسجلًا أعلى مستوى له خلال الـ6 سنوات الماضية.

"الدستور" تحدثت مع عدد من أشهر صناع الذهب في مصر أو كما يطلق عليهم شعبيًا "تجار الصاغة"، حول التغيرات في أسعار الذهب ونسبة الإقبال عليه، وتواصلت لعدد من الأشخاص الذين استغنوا عنه بعد تلك الارتفاعات الضخمة.

في البداية، يقول سامي الحاوي، 55 سنة، أنّ ارتفاع سعر جرام الذهب لن يكن في صالح التجار، "ببساطة الناس مش هتشتري"، متوقعًا أن يصل سعر الجرام الواحد إلى 900 جنيه في الشهور القليلة القادمة، "التجار الكبار هيفكروا في تعطيش السوق، ويلمّوا أكبر كمية منه علشان متأكدين أنه هيوصل للرقم دا".

فيما يقول "مايكل" صاحب أحد محلات المصوغات والجواهر، إن ارتفاع أسعار الذهب بشكل كبير أثر على الناس بشكل ملحوظ مما جعل الكثير منهم يتجهون إلى الذهب الصيني في الزواج، ولا يوجد مقارنة بين الذهب الأصلي والذهب الصيني حيث أن الذهب الصيني هو نحاس مطلي باللون الأصفر، مضيفًا أن من يستخدمون الذهب الصيني يكون بهدف الإكسسوارات والزينة فقط.

وتابع "مايكل"، صاحب الـ ٤٠ عاما،، أنّ "السوق يشهد حالة من التأثر الملحوظ في حركة البيع والشراء والإقبال، أقل من السنوات الماضية، وبعض الناس الفقراء يتجهون لشراء الذهب الصيني لعدم قدرتهم على شراء الذهب الأصلي.

"اتجاه كبير من المواطنين لشراء الذهب المستعمل"، هكذا يقول "خالد"، 57 سنة، ، مشيرًا إلى أن ارتفاع سعر الذهب قد يدفع المستهلكون إلى حيلة أخرى، "أغلبية الناس هتروح للدهب المستعمل ودا لقلة ثمنه عن الجديد، بالإضافة إلى أنّ الذهب المستعمل يُباع دون مصنعية مما يقلل من سعره".

أما "محمد" بائع بمحل "سامي" للصاغة، أن الذهب انخفض عن السابق د، وأسعار الذهب تؤثر علي حركة البيع والشراء والإقبال ضعيف من الناس، كما أن حركة الإقبال على الذهب الصيني في الوقت الحالي تشهد تزايد واضح لوجود فروق في الأسعار بينه وبين الذهب العادي.

قال محمد عيد، البالغ من العمر 25 عامَا، فيقول إنه تخرج من كلية زراعة جامعة القاهرة، وتقدم لطلب فتاة للزواج منها، ولكن الظروف المادية بسيطة، ولا تمكنه من شراء الشبكة المتفق عليها، نظرًا للارتفاع المتزايد في أسعار الذهب الأصلي، مضيفًا أن الفتاة اقترحت عليه أن يتجه لشراء الذهب الصيني بدلا من الذهب الأصلي، ليقوم بالاتفاق مع والد ها على ذلك، ووافق مراعاة لحالته المادية، موضحًا أن أسعاره مناسبة وله خصائص تشبه الذهب الأصلي من حيث قوة لمعانه وأنه غير قابل للصدأ.

"الذهب غالي جدًا ومش قادرين نجوّز عيالنا".. بهذه الجملة بدأت زينب سلامة حديثها لـ"الدستور" قائلة، إن الارتفاع المتكرر في أسعار الذهب بكافة أعيرته يقف عائقا أمام كل شاب يريد الزواج، مضيفة أن لديها ثلاثة أولاد مقبلين على الزواج ووالدهم قعيد عن العمل منذ فترة طويلة ولا يمكنها مساعدتهم.

وتابعت "سلامة" أن هذا الارتفاع الشديد قد يسبب الكثير من المشاكل فقد يخلق شباب جشعة، يمكن أن تفعل أي شئ فى سبيل الحصول على المال من أجل شراء مهر الفتاة التي يتقدم لخطبتها، منوهة أنهم سيتجهون لشراء الذهب الصيني بدلًا من الأصلي، وفقًا لقدرتهم المادية بعد موافقة العروسة وأهلها بالطبع.

أما منة مبارك، 20 عامًا، فتقول، "والدي اعتاد على أن شراء ذهب لي كل عيد ميلاد كهدية قيمة وفرحة، بجانب أنه يمكننا بيعه في أي وقت، ولكن منذ أن ارتفع سعره بشدة لم يقم بإهدائي أي ذهب أصلي.. ولكنني مقدرة ذلك الأمر بعد معرفتي بتلك الارتفاعات الكبيرة في الأسعار".

وأضافت "مبارك"، أن والدها اتجه لشراء الذهب الصيني بدلًا من الأصلي، لتوفير الفارق في السعر لما هو أكثر فائدة وتلبية احتياجات البيت الأخرى.

من جانبه أكد وصفي أمين، رئيس الشعبة العامة للمصوغات والمجوهرات، أن ارتفاع أسعار الذهب مؤخرًا، يرجع إلى أسباب سياسية واقتصادية في أكثر من 7 أو 8 دول كالصراع "الاقتصادي السياسي" بين أكبر دولتين في العالم أمريكا والصين، وتسارع الحرب التجارية بين الصين وأمريكا وتباطؤ النمو العالمي، واتخاذ البنوك المركزية حول العالم قرارات بتيسير السياسية النقدية من خلال خفض أسعار الفائدة.

وأوضح "أمين"، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن هناك استعدادات للتفاوض من قبل الدولتين، إن لم تتوصل كلا من الصين وأمريكا إلى اتفاق فسيستمر الذهب في الارتفاع في السعر إلى حد لا يمكن توقعه، ولا أحد يستطيع أن يتوقع ارتفاع او انخفاض الذهب.

وأشار "أمين" إلى أن الذهب الصيني هو ليس ذهبًا لأنه خليط من معدن الألمونيا والقصدير مطليًا بالمواد الكيماوية، حتى أنه غير مطلي بمياه الذهب، فالذهب الصيني لا يمت للذهب الأصلي بأي صفة، بجانب أنه يسبب بعض الأمراض الجلدية نتيجة احتكاكه بالجلد، ونحن في دولة الطقس بها يكون حارًا مما يساعد على تكوين أمراض جلدية نتيجة الاحتكاك المباشر بين الجلد والذهب الصيني.

وأوضح رئيس الشعبة العامة للمصوغات والمجوهرات، أن انتشار الذهب الصيني لا يؤثر على ارتفاع الذهب لاختلاف الثقافات بين الناس فمنهم من يُفضّل الذهب الصيني ومنهم من يُفضّل الذهب الأصلي، كل حسب ثقافته.