رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقوق ضائعة.. حكايات خاصة لـ«خادمات البيوت» من الأطفال

جريدة الدستور

لم تتم الثانية عشر من عمرها، صعدت عربة المترو المخصصة للسيدات، وعيناها تدور في أرجائها، وبمجرد أن استقرت بها، بدأت تنادي: «حد عايز شغالة في البيت، أنا بطبخ وبمسح السلم، مقابل أجر رمزي».

ظل ندائها يتردد دون مجيب، تطوف العربة من أولها إلى آخرها، منتظرة أن تناديها إحداهن، وحدث بالفعل عقب مرور دقائق نادتها سيدة من الركاب، تسألها عن تفاصيل خدمتها في البيوت رغم صغر سنها، واتفقت على العمل معها.

«يُمنى»، 12 عامًا، واحدة من خادمات البيوت تحت السن القانوني للعمل، والذين يعملون بلا غطاء، فرغم قسوة عمل الخادمات في البيوت وهن في سن كبير، إلا أن الفتيات الأطفال منهن لازالن يبحثن عن تلك المهنة التي يتلقوا فيها معاناة شتى.

حكايات عديدة لخادمات البيوت تحت السن القانوني، رصدتها «الدستور» في التقرير التالي، والمعاناة التي يتلقوها في تلك المهنة تحديدًا، والتي تعتبر صعبة على كبار السن، فماذا عن الأطفال منهن؟.

البرلمان من جهته بدأ يعكف على مناقشة تلك الظاهرة، إذ أكد النائب خالد عبدالعزيز شعبان، عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن قانون العمل يمكن إضافة باب كامل به لعمال الخدمة المنزلية تحفظ حقوقهم.

وأضاف: «بدلًا من إصدار قانون كامل خاص بهم سيأخذ وقتًا طويلًا لتحضيره ومناقشته وإقراره»، مشيرًا إلى أن من حقهم وجود نقابة تمثلهم وأن يشملهم قانون التأمينات والمعاشات الجديد.

وأكد على ضرورة أن يكون عملهم في البيوت، بناء على عقود بين المكتب التابع لهم وأصحاب المنازل التي يعملون بها حتى تحفظ حقوق جميع الأطراف، وتعتبر بمثابة الجهة المسؤولة عنهم.

كما طالب عدد من نواب لجنة القوى العاملة في البرلمان، بتشريع خاص لـ«عمال الخدمة المنزلية»، لاسيما الفتيات الصغار الذين يعملون تحت السن القانوني في تلك المهنة، مشيرين إلى أهمية طرح التشريع فى دور الانعقاد الأخير للبرلمان.

«يُمنى» بدأت حكاياتها وهي في الرابعة عشر من عمرها، حين كانت تصطحبها والدتها إلى البيوت التي كانت تعمل بها خادمة منزل، وتتركها ساعات طويلة في المطبخ وحدها حتى تنتهي من أعمال المنزل الأخرى.

توضح أنها ورثت مهنة العمل في المنزل من والدتها، وبدأتها وهي في التاسعة من عمرها، حين أرغمتها أمها على الانفصال عنها والعمل بمفردها في أحد المنازل لجلب الأموال، ومن يومها دخلت عالم تلك المهنة.

تقول: «بتعرض لإهانات وضرب في بعض البيوت، لكن فيه ناس تانية بتكون طيبة وبتتعامل بطريقة إنسانية، لكن المهنة دي اللي بيدخلها بيتعامل كإنه عبد مش إنسان له حقوق».

قانون الطفل رقم (12) لسنة 1996، يقول في مادته الأولى يعتبر طفلًا في كل من لم يبلغ ثماني عشرة سنة، ويحظر في مادته الثانية تشغيل الأطفال قبل بلوغهم خمس عشرة سنة.

وتضيف المادة الثالثة: « يلتزم كل صاحب عمل يستخدم طفلًا دون سن السادسة عشرة، بمنحه بطاقة تثبت أنه يتدرب أو يعمل لديه وتلصق عليها صورة الطفل، وتعتمد من الجهة الإدارية المختصة وتختم بخاتمها».

والمادة الرابعة، تحظر تشغيل الطفل أكثر من ست ساعات يوميًا، ويجب أن تتخلل ساعات العمل فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة، كما تحظر أن يعمل في مهنة خطر لا تناسب سنه.

لم تكن «يُمنى» الفتاه الوحيدة التي تعمل خادمة في البيوت وتعرضت لانتهاكات، فهناك «ندى» 12 عامًا، والتي تطقن في منطقة حلوان، ويعرف الجيران أنها تعمل في خدمة البيوت.

تقول: «ليس لي منزل مستقر أو عمل دائم، فكل بيت أو سيدة تحتاجني في شيء تطلبني، فأصبحت أعمل في كل بيوت المنطقة بالتناوب، وأمر على أشكال عدة من البيوت والسيدات».

انتقال الفتاه من منزل إلى آخر ربما يكون في اليوم ذاته، يجعلها تتعرض لأنواع كثير من الانتهاكات، تارة بالضرب في منزل أحدهم أو من صاحبة المنزل، وتارة أخرى ربما تكون بالتحرشات من صاحب المنزل.

تضيف: «المهنة شاقة، ولا يكون لها عائد مادي جيد، فاتحصل في الشهر كله على ما يقرب من 1000 جنيهًا فقط، ولا توجد جهة مسؤولة عن عملنا، لاسما الأطفال والصغيرات مننا».

سبق وأعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عام 2011، إن إجمالي عدد الأطفال العاملين في مصر يصل إلى مليون و594 ألف طفل في الفئة العمرية بين 5 و17 عامًا، وأن 87.4٪ من الأطفال العاملين يمنحون أجورهم لأولياء أمورهم.

أما وزارة التضامن الاجتماعي، فأعلنت إنه وفقًا لمؤشرات تعليم الأطفال في مصر، فإن عمالة الأطفال تبلغ 3.6%، أما منظمة العمل الدولية تقول أن عدد عمال المنازل يبلغ 53 مليون شخص على مستوى العالم تشكل النساء منهم 83%.