رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد قرار غلقها.. ما مصير عمال المحاجر في أسوان؟

جريدة الدستور

يعمل «أحمد المحمدي»، 35 عامًا، في أحد المحاجر بأسوان، وبسبب ضيق اليد وإعالته لأسرته اضطر الاستمرار فيها، رغم متاعبها الجسدية والأعباء التي يتحملها فيه، والأخطار التي يعمل في وسطها بلا تأمين.

الأمر لم يستمر معه كثيرًا، حتى أُصيب بأمراض شتى والتهاب رئوي والتهابات في العين، لاسيما أنه يعمل في مجال المحاجر منذ أن كان في التاسعة من عمره، ويستخدم أدوات هو زملاؤه تعرضه للخطر والمرض، وفي النهاية يتم فصله تعسفيًا.

«أحمد» هو واحد ضمن كثيرون من عمال المحاجر في أسوان، والذين لا يعرفون إلى الآن مصيرهم، بعدما أمر اللواء أحمد إبراهيم، محافظ أسوان، بإلغاء ووقف كل المحاجر العاملة الواقعة في المناطق السكنية للحفاظ على سلامة العقارات من أي أضرار مستقبلية.

وأكد إبراهيم، على قيام المسئولين بحصر كل المحاجر على مستوى المحافظة، والموافقات الخاصة بها وعمل كروكي توضيحي بها وعرضها على المحافظ، ومنع السيارات من التحميل.

يقول المحمدي: «بيجيلنا التهاب رئوي، والتهابات في العين وأمراض كتير، ومحدش بيحس بينا، عشان بنستخدم المنشار والأدوات الحادة بيعرض حياتنا للخطر، العجز الكلي والوفاة، أو الإصابة بأمراض الصدر والالتهاب الرئوي لاستنشاقنا سحاب الغبار».

وأكد المحمدي، أن قرار إغلاق المحاجر بأسوان سوف يؤدي إلى انقلاب كبير داخل المحاجر وآثاره البلبلة، ومن الممكن أن يؤدي إلى اعتصام العمال داخل محاجرهم إذ لم يتم تشغيلهم في مكان آخر.

الدكتور ملاك مكرم، أستاذ أمراض الصدر، قال إن الأضرار الناتجة عن العمل في المحاجر جسدية، فقد يسبب الربو شعبي وحساسية صدر، وحساسية جيوب أنفية، والتهاب شعبي متكرر، وأيضًا تحجر رئوي نتيجة تعرض للأتربة والغبار الناتج عن غبار المحاجر».

وأكد لـ"الدستور"، أن المحاجر هي تعتبر من أهم مصادر الدخل، وهذا القطاع له دور إيجابي في تنمية موارد الدولة، فلابد من من أصحاب المحاجر مراعاة العمال طبيًا والاهتمام بهم لعدم تعرضهم للأمراض، للحفاظ على سلامة وصحة العمال.

«زكريا محمد»، 35 عامًا، أحد العمال الذين تركوا العمل بالمحاجر، بعد إصابة رئته بحساسية شديدة، مشيرًا إلى أن أخطر مشكلة في عمالة المحاجر هي وجود الأطفال بكثرة من أبناء العاملين، وهذه النسبة ليست بالقليلة بين عُمال المحاجر من الأطفال.

وأوضح أن هناك انخفاض أجورهم مقارنة بغيرهم، وتتراوح أعمار هؤلاء الأطفال بين أقل من 17 عام، مضيفًا: "إصابتي جاءت بعد عمل 25 عامًا بالمحاجر، وابني كان شغال معايا، وأول ما اتصبت وأنا عمري 48 سنة، اخدت ابني وفتحت محل صغير للبقالة».

وتابع: «والدكتور قالي أبعد عن هذه المهنة هتقضي عليك، والعمل بالمحاجر أشد ضرر من التدخين والإدمان»، موضحًا أنهم سيتم تسريحهم بسبب القرار الذي خرج به محافظ أسوان.

وأوضح: «نعمل في مهنة خطيرة، فنحن نستخدم آلات قطع شديدة، مثل المنشار الكهربائي، بالإضافة إلى أن عملنا يحتاج إلى استخدام الديناميت باستمرار، من أجل تفجير الجبال وتحويلها إلى طوب، ما يعرضنا إلى مخاطر متنوعة تؤدي إلى العجز أو الوفاة أو الإصابة بأمراض خطيرة ومزمنة تؤدي بسبب الغبار واستنشاقه».

سيد مصطفى، 30 عامًا، عامل آخر يقول: «لابد من شراء آلات ومعدات والاعتماد عليها أكثر من العمالة»، مضيفًا: «أنا أعمل بأحد المحاجر الكبيرة في أسوان، اتربيت في المحاجر، أجدادي ووالدي كانوا يعملوا بهذه المهنة، وباشتغل وأنا عندي 12 سنة وباخد فلوس».

وتابع مصطفى: «لاشك أن هذه المهنة خطر على صحة الإنسان، لكن صعب تركها والبدء في مهنة أخرى، ولا نعرف إلى الآن مصيرنا بعد قرار محافظ أسوان»، موضحًا ان كل العمال في تلك المهنة يصابون بأمراض الحساسية التي قد تصل إلى السرطان.

النائب سمير رشاد، عضو مجلس النواب، قال أن قرار محافظ أسوان، بوقف تراخيص المحاجر داخل الكتلة السكنية قرار صائب، ولابد من التعميم على مستوى الجمهورية للحفاظ على سلامة وصحة المواطنين.

وأكد أبو طالب لـ"الدستور"، أنه لابد من الجهات المختصة حصر المحاجر المماثلة على نطاق الجمهورية؛ لحماية سكان تلك المناطق من الغبار الجوي الضار بالتنفس، وكذلك لحماية المناخ العام من التلوث البيئي، ولكن مع إيجاد فرصة عمل للعاملين بتلك المحاجر الصادر لها قرار وقف.

محمد عواد، عامل بمحجر أسوان، يقول إن قرار وقف المحاجر داخل المناطق السكنية قرار صائب، ولكن لابد من الدولة توفير البديل منعًا من تشرد العمال والذي ينتج عنه خراب البيوت لتسريح العمالة.

وتابع عواد: "أن عمال المحاجر مصدر رزقهم الوحيد، وطمعهم في المقابل المادي الذي يحصلون عليه، على عكس المهن البديلة وتزداد البطالة بأسوان".