رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التنمر الإلكتروني.. ظاهرة تقتل شباب السوشيال ميديا

جريدة الدستور

فيديو مدته لا تتعدى دقيقة ونصف، كانت تتحدث فيه «إسراء أحمد» 22 عامًا، أحد مشاهير السوشيال ميديا، والذي بمجرد نشره انهالت التعليقات السلبية عليها من كل رواد موقع «إنستجرام»، رغم أنها كانت تقص تجربتها في وضع «مكياج» مثل باقي الفتيات.

التعليقات السلبية انهالت عليها لكونها تعاني من إعاقة في وجهها، تجعلها تتحدث بصعوبة، ثوان معدودة حتى حذفت الفتاه الفيديو الخاص بها ، بسبب كثرة التعليقات السلبية، وكتبت منشورًا عبرت فيه عن حزنها من التنمر الذي تعرضت إليه، واعدة متابعيها إنها لن تقوم بنشر فيديوهات أخرى.

واقعة الفتاة أثارت جدلًا على موقع «فيسبوك»، وغضب الكثير من رواده الذين صنفوا ما حدث بتنمر إلكتروني تعرضت له الفتاة على يد رواد السوشيال ميديا، لكنها لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها مشاهير تلك المواقع الاجتماعية للتنمر الإلكتروني، بحسب ما رصدته «الدستور» من وقائع خاصة في التقرير التالي.

إسراء هي فتاة تعاني من إعاقة جسدية في وجهها، قامت إحدى مشاهير «الميكب آب» بوضع مكياج لها تلبية لأمنية منها كتبها على صفحتها الشخصية، فكتبت على الفيديو السالف ذكره: "يا جماعة أنا عملت الميكاب عشان كان نفسي أشوف نفسي بنت زيكم، طبيعية زيكم".

وجاءتها على الفور كل التعليقات السلبية، من بينها إحداهم قال لها: «ليه واحده مُعاقه يبقي عندها كل المتابعين دول»، وقال آخر: «هو ده وشك متأكدة خسارة الميكب آب اللي اتحط».

تعرف مبادرة «العطاء المعرفي» التنمر الإلكتروني بأنه استغلال الإنترنت والتقنيات المتعلقة به؛ بهدف إيذاء أشخاص بطريقة متعمدة ومتكررة وعدائية، ويتضمن التنمر عبر الإنترنت إرسال محتوى سلبي أو ضار أو كاذب عن شخص، أو إيذاؤه بكلمات سلبية، وقد يتطور التنمر الإلكتروني إلى سلوك غير قانوني أو إجرامي.

وفي تعريف آخر للتنمر الإلكتروني، بحسب المركز القومي للبحوث الاجتماعية، فهو السلوك العدواني وغير المرغوب فيه، والذي يقوم على استخدام شبكة الإنترنت لإلحاق الأذى بالآخرين والإساءة لهم.

ويتضمن مهاجمة الأشخاص وتهديدهم، وذلك من خلال استخدام الأجهزة الرقمية مثل الهاتف المحمول، وصنف المركز أن أكثر المواقع التي يتعرض الأشخاص للتنمر عليها هي «فيسبوك، يوتيوب، إنستجرام».

«نور أمجد» 23 عامًا، طالبة بكلية الآثار جامعة القاهرة، عشقت الآثار منذ صغرها، وأرادت أن تكون بعد التخرج مرشدة سياحية، فلم تجد سبيل لذلك سوى إنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي، تقوم خلالها بزيارة أماكن أثرية في مصر، وتصوير فيديوهات شرح خاصة بها.

تقول: «في بدايتي تعرضت للتنمر على يد متابعيني، بعدما نشرت أول فيديو لي مع الأهرامات، وأنا أقوم بشرح تاريخها مع الفراعنة»، وجدت الفتاة التي أنشئت الصفحة منذ 6 أشهر فقط، أن معظم التعليقات تركت الفيديو، وانصبت على عينيها، لكونها لديها عين فتحتها أكبر من الثانية.

تضيف: «اتعرضت لتنمر كتير بسببها كانت بتأثر عليا، وأحيانًا كنت أما بتصور بزاوية مختلفة ببان مغمضة عين وفاتحة التانية جات عليا فترة مكنتش واثقة فنفسي نهائي ولا بحب شكل عيني، لكن مع الوقت نسيت».

الدكتورة سوسن فهمي، أستاذ علم النفس، تقول إن كل من يستخدم الإنترنت وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، يتعرض للتنمر بأشكال عدة، مشيرة إلى رواد تلك المواقع لا يهتمون بنقد المحتوى، قدر اهتمامهم بنقد الشخص مقدم المحتوى.

توضح أن معظم رواد السوشيال ميديا، يشعرون بالخوف دائمًا مما يقدمونه، لكونه يتحول فجاء من الانتقاد إلى التنمر الذاتي عليهم، فيولد لدهم شعور بالخجل لكون ذويهم وأصحابهم وأقاربهم يرون هذا التنمر أمام أعينهم.

خطورة الأمر- بحسب أستاذة علم النفس- يصل إلى أنه ربما يقود الشخص الذي يُمارس التنمر عليه إلى الانتحار والتخلص من حياته، رغبة منه في التخلص من التنمر الذي يتعرض له.

وتعرضت طالبة من دولة جنوب السودان، للتنمر على يد أحد الشباب المصريين، والذي نشر صورة لهما توضح فرق اللون في البشرة بينهما، وكتب عليها ساخرًا: "حفل الزفاف يوم الخميس في قاعة درب البرابرة في الصومال".

وعلى الفور أثيرت ردود فعل الغاضبة واعتبرت كلية الإعلام جامعة القاهرة نشر الصورة، تنمرًا إلكترونيًا على الطالبة السودانية، لا سيما مع تعليق الفتى الساخر من لون الفتاة.

منظمة الأمم المتحدة أعلنت مؤخرًا أن هناك 50% من الأطفال حول العالم يتعرضون للتنمر، خاصة في فترة المراهقة من 13 إلي 15 سنة، موضحة أن البيانات التحليلية في مصر تقول إن 70% من المصريين يتعرضون للتنمر.