رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ابتعلت 20% من أوكسجين الأرض.. القصة الكاملة لحرائق «الأمازون»

جريدة الدستور

سحب رمادية تغطي آلاف الكيلو مترات، أدخنة تتصاعد من كل مكان، مساحات شاسعة يغلفها اللون الأسود، جميع الحيوانات فروا من كل اتجاه، أشجار ونباتات لم يعد لونها أخضرًا، النيران تلتهم كل شئ، والمواطنون لا يعرفون ملاذنًا آمانًا من ذلك الجحيم.

هنا في غابات الأمازون قارة أمريكا الجنوبية، بعدما فقد الجميع السيطرة على الحرائق التي صنفت عالميًا بالأعتى، ووقعت في حدائق الأمازون واشتعلت منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، وكان لها ردود أفعال قوية على مواقع التواصل الاجتماعي، جراء نشر صور للنيران والأدخنة المتصاعدة، التقطتها وكالة ناسا، وسط حالة استياء من التباطؤ في التعامل معها والتي تمد سكان الأرض بـ20% من الأكسجين.

كان الحريق الأعتى في دولة البرازيل، التي تمتد لها غابات الأمازون، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في أكثر من 1700 ميل في مدينة "ساو باولو"، أحد أكبر مدن البرازيل، كما تأثرت المناطق في جميع أنحاء البرازيل بشكل مباشر بالحريق.

وفقًا لصندوق الحياة البرية العالمي، تغطى غابات الأمازون 40% من أمريكا الجنوبية، وهي مساحة تبلغ ما يقرب من ثلثى الولايات المتحدة، ويعيش بمحيط الغابات نحو مليون نسمة من السكان الأصليين، فضلًا عن ما قرابة من 3 ملايين نوع من النباتات والحيوانات.

وتعد المنطقة هي موطن لحوالي 2.5 مليون نوع من الحشرات، وعشرات الآلاف من أنواع النباتات، وما يقرب من 2000 نوع من الثدييات والطيور، وبها على الأقل 40،000 نوع من النباتات، و2200 نوع من الأسماك، و1294 نوع من الطيور، و427 نوع من الثدييات، و428 نوع برمائي، و378 نوع من الزواحف.

وتستحوذ البرازيل على ما بين 96،660 و128،843 نوع من اللا فقاريات، كما يعيش واحد من كل نوع من الأسماك في أنهارها وجداولها، كما توفر هذه الغابات أكثر من 10 آلاف نوع من النباتات التي تستغل مكوناتها للاستخدام الطبي أو مستحضرات التجميل أو المكافحة البيولوجية للآفات.

وبحسب تقرير للإذاعة الألمانية فإن أحد منتجاتها ويسمى "مخلب القط"، يستخدم في إنتاج أدوية لمرضى السرطان وعلاج التهاب المفاصل والعظام، وتخزن الغابات ما بين 90 و140 مليار طن من الكربون، وتساعد بذلك على استقرار المناخ العالمي، بحسب تقرير الإذاعة الألمانية.

وتمثل غابات الأمازون المطيرة وحدها 10% من إجمالي الكتلة الحيوية للكوكب، بيد أن وكالة الفضاء الأمريكية ناسا نشرت بيان، أفاد بربط سبب حرائق غابات المازون بشدة الجفاف وتواتر بزيادة في إزالة الغابات، وتغير المناخ الناتج عن الأنشطة البشرية بالحرارة.

بينما كشف رئيس برنامج الأمازون العالمي للصندوق العالمي للطبيعة، أن الحرائق كانت نتيجة زيادة إزالة الغابات التي تشهدها البلاد مؤخرًا، وبحسب المعهد الوطني البرازيلي لأبحاث الفضاء، فقد بلغ 75 ألفًا و336 حريق غابات في البلاد، منذ يناير حتى 21 أغسطس، أي بزيادة نسبتها 84% عن الفترة نفسها من العام الماضي، واندلع 52% من هذه الحرائق في غابات الأمازون.

ويصعب تقدير مدى تقدم الحرائق في أكبر غابة في العالم، لكن المعهد البرازيلي تحدث عن اشتعال نحو 2500 بؤرة حريق جديدة في البرازيل، أما العدد الإجمالي للحرائق التي شبت في غابات الأمازون داخل البرازيل، خلال العام الماضي، فوصل إلى 40 ألفًا، وهو عدد مثير للقلق بحسب ناشطي وخبراء البيئة والهيئات الدولية.

وكان لذلك الحريق الضخم، صداه في مصر، فقد سبق وصرح رئيس هيئة الأرصاد الجوية، الدكتور أحمد عبدالعال، بأن تلك الحرائق ستسبب تأثيرًا في نسبة الأكسجين بالجو، وارتفاع نسب ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون الناتج عن الاحتراق.

وأضاف: "والذي يعتبر غازًا سامًا عند دمجه مع الأمطار، لأنها ستكون أمطارًا حمضية، الأمر الذي سيكون له تأثر سلبي على الأرض نفسها، وبالتالى تأثير خطير على صحة الإنسان والحيوان والنبات، لذا من الطبيعى أن يتأثر مناخ العالم بشكل كبير، وبالطبع مصر كذلك".

أما الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش"، فأطلق حملة نداءات لإنقاذ الأمازون، عبر حسابه على "تويتر"، معبرًا عن ما أسماه بالقلق العميق من الحرائق في أكبر غابة استوائية في العالم، يقع 60 % منها في البرازيل.
وقال: "في خضم أزمة مناخية عالمية، لا يمكننا تحمّل أن تلحق أضرار بمصدر رئيسي للأوكسجين والتنوّع البيئي"، مطالبًا بحمايتها، فيما تعهدت مجموعة السبع بتخصيص 20 مليون دولار؛ لإرسال طائرات لإخماد الحرائق الهائلة المشتعلة في غابات الأمازون.

وكذلك وضع خطة مساعدة لإعادة زرع الأشجار في هذه المناطق المتضررة، كإجراء عاجل لمكافحة الحرائق الهائلة التي تلتهم غابات الأمازون؛ وتستوجب هذه "المبادرة من أجل الأمازون"، موافقة البرازيل والدول الأمازونية الثماني الأخرى المجاورة بالتعاون مع السكان المحليين والمنظمات غير الحكومية.

ومنحت فرنسا دعمًا عسكريًا لإخماد الحرائق لها من خلال قواتها المنتشرة في غويانا، كما اتفقت مجموعة السبع على خطة مساعدة ترمي إلى إعادة زرع الأشجار، على مستوى الأمم المتحدة سيتم وضع اللمسات الأخيرة عليها خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية سبتمبر.

وتحت وطأة الضغوط الدولية، تحركت البرازيل وأرسلت إلى الأمازون طائرتي هيركوليس سي-130، وتعهدت حكومتها بتخفيف سياساتها التقشفية وتخصيص المزيد من المصروفات لصالح العمليات الطارئة.

وقرر الرئيس البرازيلي "جايير بولسونارو" نشر الجيش للمساعدة في إطفاء تلك الحرائق، في ظل كثرة الأمطار المساعدة لهم، وذلك عقب كثرة الضغوطات، وخاصة من قبل الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، الذي طالب نظيره البرازيلي بضرور إخماد تلك الحرائق، خلال مؤتمر قمة المجموعة السبع الذي أقيم في بلدة "بياريتس" جنوب غرب فرنسا.

أبرز حرائق العام الحالي
لم يكن حريق الأمازون هو الأول من نوعه، فقدت شهدت تلك المنطقة التي تترامى أطراف دولها على مساحة 7.4 مليون كيلو مترمربع حرائق عدة، منها الحرائق التي اندلعت في العام الحالي، في فنزويلا التي شهدت أكثر من 26 ألف حريق، تلتها بوليفيا في المركز الثالث مسجلة أكثر من 17 ألف حريق.


كان لدولة فرنسا نصيب من حرائق غابات الأمازون، خلال الموجة الحارة التي أصابت البلاد، وتسببت في اشتعال حرائق الغابات بها، حيث اشتعلت النيران بحوالي 480 كيلو من الغابات في مقاطعة غارد جنوب فرنسا، فيما تم إجلاء 190 شخصًا.

وفي روسيا، اندلعت حرائق هائلة في غابات "سيبيريا" مطلع شهر أغسطس الجاري، أدت لالتهام حوالي 30 ألف كيلو متر من الغابات، استخدمت السلطات الروسية في إطفائها طائرات من طراز "إيليوشن إيل-76" ومروحيات من طراز "مي-8".

وفي اليونان، دمرت حرائق الغابات مناطق واسعة بجزيرة "وابية"، وأخلت السلطات عدة قرى، قبل أن تمتد الحرائق إلى العاصمة "أثينا" وجزيرة "زاكينثوس" غرب البلاد، وطلبت الحكومة اليونانية مساعدة من الدول الأوروبية في إطفاء الحرائق.

وأخيرًا، وصلت حرائق الغابات خلال الشهر الأخير إلى إسبانيا، حيث انتشرت الحرائق في جزيرة "كناريا الكبرى" بجزر الكناري، بعدما بدأت قرب بلدة "تيخيدا"، ثم بدأ في الانتشار في عدة اتجاهات، ما أدى لإجلاء حوالي 8 آلاف شخص من السكان.