رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«المخدر البديل».. «الدستور» تكشف قطرات عين وطوابع يدمنها الشباب الآن

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


قبل أيام، أعلنت وزارة الصحة والسكان إدراج العقاقير الطبية التى تحتوى على مادة «البريجابالين» فى جدول المخدرات، وعلى رأسها «ليرولين»، وهو مسكن للأطراف العصبية ويستخدم لعلاج بعض حالات مرض «السكرى»، وإصابات الحبل الشوكى، و«ليريكا»، المعالج للقلق.. لكن فيما يبدو أن متعاطى المخدرات «ما بيغلبوش»، ووجدوا «بدائل كيف» أخرى فى غاية الخطورة، نظرًا لعدم تحريمها وبيعها بصورة طبيعية فى الصيدليات، ومن بينها «قطرات» لعلاج العيون. 

ما حكاية هذه «القطرات المخدرة» وغيرها من «المخدرات المستحدثة» مثل «الطوابع» و«حبوب الفيل الأزرق»؟، وهل صحيح أن هناك «كيف حريمى» بدأ فى الظهور على «فيسبوك»؟، وكيف تتعامل وزارة الصحة والسكان ونقابة الصيادلة مع ذلك؟.. هذه الأسئلة وغيرها تجيب عنها «الدستور» فى التحقيق التالى، مقتحمة فى الوقت ذاته أحد «أوكار» خلط المخدرات التقليدية مثل الحشيش والهيروين بالعقاقير الطبية.



قطرة بليجيكا انتشرت مؤخرًا.. سعرها 9 جنيهات فقط.. تعاطيها فى «كوباية شاى»


بعد إدراج «البريجابالين» فى جدول المخدرات، بحث متعاطو المادة عن «بديل» يمكنهم من الوصول إلى نفس «الحالة المزاجية»، وهو ما وجدوه فى عدة أنواع من «القطرات» المستخدمة لعلاج العيون.

يأتى على رأس تلك «القطرات» ٣ أنواع شهيرة، هى «بليجيكا» و«ميدراسيل» و«ميدربيد»، التى تستخدم طبيًا لتوسيع حدقة العين ومساعدة الطبيب فى العمليات الجراحية بسبب قدرتها التخديرية، ويتعاطاها معظم المدمنين بداخل كوب من الشاى.

وحكى الشاب العشرينى «مصطفى» تجربته مع قطرة «بليجيكا» قائلًا: «انغمست فى تعاطى العديد من أنواع المخدرات الكيميائية، بداية من الترامادول وصولًا إلى الليرولين، وفى إحدى المرات أخبرنى الصيدلى بأن العقار الأخير تم إدراجه فى جدول الممنوعات، ولا يمكن صرفه لى إلا بروشتة طبية».

لم يمر وقت طويل حتى اكتشف «مصطفى» طريقًا جديدًا لـ«الكيف»، يتمثل فى قطرة العين «بليجيكا»، التى كان يتعاطاها «عبر وضعها فى كوب شاى، أو من خلال الأنف للوصول إلى حالة مزاجية أسرع»، وفق ما يقوله لـ«الدستور».

وعن سبب اتجاهه لتلك «القطرة» تحديدًا قال: «الحبوب اللى كنت بشتريها دخلت جدول، وبتتباع غالية بره الصيدليات، عشان كده لقيت مزاجى فى القطرة، خاصة أن تمنها رخيص»، موضحًا أنه يشترى «علبة قطرة» يوميًا بـ٩ جنيهات فقط.

بعد ٣ أشهر من تعاطى «مخدر بليجيكا»، وغيره من أنواع المخدرات الأخرى، أصيب بالعديد من الأمراض، فبحسب ما يقول: «صحتى تدهورت تمامًا»، وهو ما دفعه فى النهاية إلى محاولة التعافى من الإدمان، فبدأ المتابعة مع طبيب متخصص داخل إحدى المصحات النفسية. 

«كيف تتعامل الصيدليات مع تلك العقاقير؟».. سؤال وجهته «الدستور» لعدد من أصحاب الصيدليات فى نطاق محافظة الجيزة، بداية من صيدلية «أبوالفضل» بمنطقة «سهل حمزة» فى فيصل، الذى أكد أحد مسئوليها وجود إقبال شديد من الشباب على قطرة «بليجيكا»، خاصة بعد حظر تداول «ليرولين». 

وقال مسئول الصيدلية إنه لا يعلم بوجود «مادة مخدرة» فى تلك «القطرة»، موضحًا أنها «علاج للعين مثلها مثل أى قطرة أو مرهم». وعندما طلبت منه «الدستور» شراءها جلبها بصورة طبيعية، فى مقابل ٩.٥ جنيه، لأنها «مش جدول يعنى»، وفق ما قاله. «تقريبًا كل يوم فيه واحد على الأقل بيشتريها، وفيه ناس بتشترى كميات منها».. إجابة صادمة رد بها أحد العاملين بصيدلية «خليل» فى منطقة الطالبية على سؤال «الدستور» حول قطرة «بليجيكا»، مشيرًا إلى عدم وجود قرار بحظرها أو منع تداولها، بعكس العقاقير التى تحتوى على مادة «البريجابالين» التى لا تُصرف دون روشتة رسمية من طبيب متخصص فى أمراض الأعصاب.

وفى منطقة «الطالبية» كشف أحد العاملين فى صيدلية «العزبى» عن أنواع أخرى من «القطرات» التى تستخدم كمادة مخدرة، من بينها «ميدرابيد» و«ميدراسيل»، مؤكدًا أنه «لا يستطيع منع الزبون من شرائها، لأنها غير مدرجة فى جدول الممنوعات».



طوابع «LSD» الجرام بـ3 آلاف.. ومدمنها: «بخرم دماغى وأحطها عشان أزود مفعولها»

«LSD» طوابع ورقية توضع أسفل اللسان لدقائق معينة ثم تبلع، وبعد ساعتين من ابتلاعها يبدأ مفعولها فى السريان داخل جسم المتعاطى، وبحسب أحد متعاطيها ويدعى «على» تنتشر فى العديد من المناطق الشعبية والغنية على حد سواء.

وقال: «عرفت طريق هذا المخدر من خلال أحد أصدقائى القاطنين فى منطقة ألف مسكن بالقاهرة، التى تعد إحدى مناطق توزيع المخدر».

وعن تأثيرها على المتعاطى، أوضح «على»: «رحلة من الهلاوس والتخاريف لمدة ١٢ ساعة، بالتزامن مع التفكير العميق للشخص فى أبرز مشاكله، ما يجعله يكتشف أحداثًا جديدة فى حياته لم يكن يعرف عنها شيئًا»، وفق زعمه، مشيرًا إلى استمراره فى تعاطى هذا المخدر طوال ٦ أشهر بشكل متواصل.

ورغبة منه فى تأثير ومفعول أقوى، توصل «على» إلى طريقة جديدة: «بخرم دماغى وأحط الطابع عليها علشان المادة تتخلط مع الدم»، مؤكدًا أن هذه الطريقة يلجأ إليها غالبية متعاطى الـ«LSD».

وكشف عن أن سعر الجرام الواحد منه يبلغ نحو ٣ آلاف جنيه، ويحتاج المتعاطى إلى جرعة واحدة فى اليوم مقدارها ربع جرام.

واختتم: «صرفت كل ما أملك على تلك الطوابع، وخسرت صحتى التى تدهورت كثيرًا، ورغم أننى قررت العلاج منه وتعافيت بالفعل، أصبت بمرض نفسى خطير يسمى (اضطراب الانفصال عن الواقع)، وهو أثر جانبى للتعافى من الـLSD».


الفيل الأزرق نادر: «قطعت شرايينى فى التجربة الرابعة لتناولها»

«حبوب مخدرة لونها أزرق تحتوى على مادة الـDMT القاتلة».. بهذه العبارة وصف الأطباء ما يطلق عليه حبوب «الفيل الأزرق»، التى انتشرت فى سوق المخدرات وبين الشباب بصورة كبيرة خلال الفترة الأخيرة، وتحديدًا بين أبناء الطبقة الغنية، نظرًا لسعرها المرتفع.

وقال «نادر»، أحد متعاطيها: «جربتها ٤ مرات لحد ما كنت هموت فعلًا فى المرة الأخيرة»، مشيرًا إلى أن معرفته بها كانت عن طريق أحد مروجى المخدرات داخل الملاهى الليلية فى مدينة نصر، الذى عرض عليه هذا «الصنف» بقوله: «جايبلك حباية هتروح بيك وراء الخيال، وتمنها ٧٠٠ جنيه بس». وأضاف: «بعد تناولى هذه المادة المخدرة بثوان دخلت فى رحلة هلاوس بصرية وسمعية مخيفة، وشاهدت كائنات وهمية، كما لو أنى فى سفينة فضاء، ولم أستيقظ من تلك الحالة إلا فى اليوم التالى، وأنا أعانى من إرهاق شديد فى جميع مفاصل جسدى».

رغم ذلك دفعته «الحالة المزاجية» التى شعر بها لتكرار التجربة أكثر من مرة، وصولًا إلى التجربة الرابعة التى لم تمر بسلام مثل سابقاتها، إذ استيقظ منها بعد ٣ أيام ليجد نفسه مستلقيًا على سرير داخل مستشفى، والطبيب يخبره بأنه نجا من الموت بصعوبة، بسبب عدم تحمل المخ الجرعات التى تناولها بشكل مستمر، وجعلته يقطع شرايينه بطريقة حادة دون استيعاب.

الكيف الحريمى البيع للبنات على «فيسبوك».. والاتفاق عبر لغة سرية من عينة «جبتلى المكياج»

من الصعب على الفتيات المتعاطيات المواد المخدرة الذهاب إلى أوكار المخدرات لشراء ما يحتجنه، لذا لجأن إلى موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، حيث توجد «جروبات» تضم ١٠ أشخاص فقط للحفاظ على السرية، يتم من خلالها الاتفاق على شراء تلك المواد، وذلك عن طريق «لغة سرية» فيما بينهن، حتى لا يتم رصدهن من قبل مباحث الإنترنت.

«سلمى»، من قاطنى منطقة التجمع الخامس، إحدى الفتيات التى أدمنت أنواعًا مختلفة من المخدرات، مثل «الحشيش» و«الماريجوانا» و«الفودو»، وكان «فيسبوك» هو وسيلتها الوحيدة للتواصل مع مروجى هذه المواد، بسبب مكانتها الاجتماعية التى لا تسمح لها بالذهاب إلى أوكارهم.

تقول «سلمى»: «واحدة صاحبتى ضافتنى على جروب شات مع الديلر علشان نتفق على الكمية المطلوبة»، مشيرة إلى أن السعر فى هذه الحالة يكون مضاعفًا. 

توضح: «أعلم أسعار هذه الأصناف، لكن التاجر أخبرنى بمضاعفة السعر بسبب خدمة التوصيل وبدل الأمان، ليبلغ سعر مكعب الحشيش الصغير ٥٠٠ جنيه، والفودو والماريجوانا يتعدى الـ٢٠٠٠ جنيه».

«جبتلى شنطة الـ Make UP».. هذه إحدى كلمات السر التى اتفقت عليها «سلمى» مع «الديلر»، وتعد إيذانًا ببدء الاتفاق على السعر، مع تجنب ذكر أى كلمة تشير إلى اتفاق شراء المخدر، وبعد الاستقرار على السعر المطلوب يتم الاتفاق على مكان الاستلام، ثم تتم عملية البيع بكل سهولة داخل سيارة.

الصيادلة: إدراجها فى «الجدول» صعب جدًا

واجهنا نقابة الصيادلة بما توصل إليه التحقيق، وتحديدًا الدكتور أحمد أبوطالب، عضو مجلس النقابة، الذى أقر باقتحام الكثير من المواد المخدرة المستحدثة «السوق المصرية»، مشيرًا إلى «صعوبة إدراج جميع أنواع العقاقير التى تحتوى على مواد فعالة لتشغيل هرمون السعادة فى المخ بجدول الممنوعات داخل الصيدليات».

وأضاف: «لا يمكن حظر دواء معين نظرًا لإساءة استخدامه من قبل الشباب، خاصة أن غالبية الأدوية من هذا النوع يحتاجها العديد من المرضى بشكل دائم، ومن الصعب الآن التفرقة بين المريض والمدمن».

واعتبر أن الحل فى تنبيه الصيدليات بمنع صرف الأدوية المعروف استخدامها كمادة مخدرة بدون روشتة طبية، حتى لو لم تكن مدرجة فى جدول الممنوعات، لكن «القطرة والحاجات الصغيرة دى صعب تتمنع فى مصر»، وفق قوله.

وكانت وجهتنا الأخيرة فى التحقيق مستشفى «الدكتور عمر شاهين للصحة النفسية والعصبية»، حيث التقينا الدكتورة شيرين عمر، إخصائى نفسى وطبيب مختص فى علاج حالات الإدمان، التى قالت إن «النسبة الكبرى من المقبلين على المستشفى للتعافى من الإدمان من متعاطى المواد الكيميائية مثل الترامادول والليرولين، بجانب الهيروين».

وأضافت: «العقاقير الكيميائية غالبًا ما تسبب خللًا فى المخ من الصعب علاجه، لكن يمكن التعافى اعتمادًا على إرادة الشخص فى فترة الانسحاب الأولى، التى تتراوح مدتها من شهر إلى ٣ أشهر، على حسب الكمية المخزنة من المخدر داخل جسمه»، محذرة من أن المشكلة الرئيسية فى هذه المواد تتمثل فى خطورتها على الكبد.

وعن «المخدرات المودرن» مثل «LSD و«DMT»، والعقاقير الطبية التى تستخدم كمواد مخدرة، قالت الدكتورة شيرين إن «خطورتها ليست فى إدمانها بقدر الحالة المزاجية التى يصل إليها المتعاطى بعد ابتعاده عنها»، موضحة أنها «تؤثر على عقله لتصيبه بذات الهلاوس والتخاريف التى يعيشها أثناء رحلته مع المخدر، بجانب أمراض نفسية خطيرة أخرى من الصعب علاجها».