رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قبيل الافتتاح.. "الدستور" داخل مكتبة البحر الأعظم "اغتنموا الفرصة.. الدخول مجاني"

جريدة الدستور

تنتظر أرض منطقة البحر الأعظم إعادة افتتاح مكتبة البحر الأعظم "مكتبة الطفل سابقًا"، استكمالًا لأعمال وزارة الثقافة التي وضعت مخططًا زمنيًا للانتهاء من عدد من المشروعات والملفات المهمة، وبحث أفضل السبل لتنفيذها على أرض الواقع، وتذليل عقباتها بالتعاون مع عدد من الوزارات والجهات المعنية.

واجهت مكتبة الطفل اندلاع حريق خلال أحداث ثورة 25 يناير 2011، ثم تم استخدامها كمقر لأسر ومصابي شهداء الثورة في عهد الإخوان المسلمين، ثم ظل المبنى لا يعمل حتى الآن، إلى أن تولى اللواء محمد كمال الدالي محافظًا للجيزة عام 2015، فأصدر قراره بإعادة ترميم المكتبة، ووضع إشارته بإعادة تخصيصها لتصبح تابعة لوزارة الثقافة ثم إعادة العمل فيها لخدمة أهالي جنوب الجيزة.

في الوقت الذي تقدم النائب منتصر رياض، عضو مجلس النواب، بطلب إلى وزير الثقافة آنذاك حلمي النمنم بإعادة افتتاح مكتبة البحر الأعظم، يحمل الطلب رقم 268 بتاريخ 17 مارس 2016، بشأن تضرر أهالي الجيزة من إغلاق مكتبة شارع البحر الأعظم، فكان الرد عليه بأن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة أفاد أنه تم إصدار أمر الإسناد الخاص بتنفيذ أعمال مكتبة البحر الأعظم، وتم تسليمه إلى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بتاريخ 31 مارس 2016، للبدء في أعمال التطوير والترميم.

"الدستور" زارت مكتبة البحر الأعظم قبيل افتتاحها لرصد أهم التطورات التي استجدت فيها، ومن لحظة نزولك إلى أول رصيفها ستجد الدهانات الجديدة التي طالته كله، إلى جانب الاهتمام بتشجير ما حولها لإضافة لمسة جمالية عليها من الخارج.

أما من الداخل، فبمجرد فتح بوابتها ذات الطلاء الأسود الذي يمكنك شم رائحته، ستجد المبنى الرئيسي لها، وفي مقدمته مكتبًا لأفراد الأمن وجهاز للتفتيش كالذي تخضع له أثناء تواجدك في محطات مترو الأنفاق، وذلك حفاظًا على تأمينها، واستقبلنا محمد واكد، مدير المكتبة، الذي بدى سعيدًا بما استجد في المكتبة بعد فترة من إغلاقها لأسباب خارجة عن الإرادة.

"واكد" حدثنا أن المكتبة قبل التجديد والحريق الذي طالها في 2011 كانت عبارة عن مجموعة من المكتبات فقط، أما الآن فقد أضيف إليها عدد من الأقسام التي ستساعد على إثراء المترددين عليها بمزيد من المعلومات بشكل متطور، حيث ستضم قاعة نادي التكنولوجيا، وقاعة أخرى تحتوي على "بروجيكتور" سينما، أيضًا قاعة للفنون التشكيلية والموسيقى.

وأكد مدير المكتبة، في تصريحاته لـ"الدستور"، أن افتتاحها للجمهور سيكون بدءً من الغد وبشكل مجاني، مشيرًا إلى أنها في السابق كانت تابعة إلى قطاع الرعاية المتكاملة وتتبع نظام الاشتراكات وتحصيل مبالغ رمزية من الأهالي، أما الآن فهي تابعة لهيئة قصور الثقافة وستقدم خدماتها لأهالي المنطقة بشكل مجاني.

ونشرت الصفحة الرسمية لوزارة الثقافة المصرية، وصفًا للمكتبة بعد تطويرها، حيث أصبحت عبارة عن 3 طوابق، تضم مستحدثات جديدة منها: جاليري معروضات فنية، مكتبة طفل تضم حوالي 2000 كتاب، سينما صيفي، كشك موسيقى، قاعة تكنولوجيا المعلومات ومكتبة عامة تضم حوالي 7500 كتاب في مختلف المعارف والعلوم والآداب، ويضم الطابق الأخير مسطحًا مكشوفًا للأنشطة الثقافية المفتوحة.

ونشرت الصفحة أيضًا احتواء المكتبة على أعداد مجلة "قطر الندى برايل" الثلاث التي أصدرتها الهيئة، إضافة إلى 100 كتاب بطريقة برايل للمكفوفين للكبار والصغار، موزعة على المكتبتين العامة والطفل، كما تضم المكتبة العامة 1162 كتابًا مُهداة من أسرة الناقد الراحل علي أبو شادي.

وتم توزيع متعلقات المكتبة على الطوابق كالآتي؛ يضم الطابق الأول بهو المدخل بارتفاع دورين، كاونتر الاستقبال، جاليرى معروضات فنية، مكتبة عامة، دورات مياه، أوفيس، كاونتر الأمن، غرفة كنترول الكاميرات، بوابة إلكترونية، سينما صيفى، كشك موسيقى خشبى.

ويضم الطابق الثانى قاعة تكنولوجيا المعلومات ومكتبة طفل وغرفة المدير ودورات مياه وأوفيس ومخزن، أما الطابق الثالث يضم مسطح مكشوف للأنشطة الثقافية المفتوحة ودورات مياه وأوفيس وغرفة طلمبات وخزان مياه منظومة الحريق، غرف خدمات بجوار الخزانات، مخزن مستلزمات الحديقة، دورات مياه خارجية لخدمة الحديقة، 3 برجولات خشبية مفتوحة الأجناب.

وما بين الماضي والحاضر، اختلفت جوانب المكتبة لكن ظلت الذكريات محفورة في ذاكرة المترردين عليها قديمًا، فتواصلت "الدستور" مع عدد منهم، والذين أبدوا حزنهم لما آلت إليه المكتبة والحريق الذي طالها، لكنهم بعد افتتاحها قرروا استعادة الذكريات فيها، وإرسال أبنائهم لاستكمال مسيرتهم في التعلم منها.

يقول شريف بكر، مدير مبيعات في شركة اتصالات، أن ذكرياته مع المكتبة تعود إلى عام 1990 حين كان عمره 8 سنوات تقريبًا، وحتى الآن يحتفظ بالكارنيه الذي يحمل عضويته بالمكتبة، ليكون شاهدًا على ذكرياته فيها، راويًا أنها كانت تحتوي على كتب للأطفال، منها سلسة علمية لكنها مخصصة للحكي بطريقة تناسب أعمارنا الصغيرة، فكان حريصًا على شراء عدد من الكتب من هذه النوعية.

"أنا فاكر كنا بنلعب برا في الجنينة الخارجية، صحيح كانت صغيرة بس بالنسبالنا كأطفال كانت كبيرة"، هكذا استطرد "بكر" ذكرياته مع المكتبة، مشيرًا إلى اهتمامه بالقصص العلمية، والتي كانت تحكي عن مقتطفات من قصص لعلماء مثل أرشميدس.

وانتقلنا في الحديث بعدها إلى سوزان حسن، تروي أن زوجها كان شديد التعلق بمكتبة البحر الأعظم في صغره، مشيرة إلى أنها منذ حريق المكتبة كانت شديدة الحزن عليها، لرغبتها في إلحاق أبنائها بها كوالدهم، فالابن 13 عامًا والابنة 10 سنوات، لتثري معرفتهم، معبرة عن سعادتها الكبيرة لإعادة افتتاح المكتبة.

وتروي "حسن" أن المكتبة خلقت من زوجها قارئًا جيدًا، وكان ممثلًا في مسرح المكتبة، وحريصًا على حضور ندوات المكتبة منذ كان في سن 7 سنوات، مؤكدة أنها لن تفوت فرصة أن يكون أولادها تابعين للمكتبة للاستفادة منها وتكوين شخصيتهم بشكل سليم مثل والدهم.

يعتبر تواجد مكتبات للطفل أمر مهم للتأثير على عقليته منذ الصغر بشكل يجعله أكثر نضجًا وثقافة، كما أوضحت دراسة الدكتور رجب محمد مصباح، قسم المكتبات والمعلومات كلية الآداب – جامعة الفاتح، بعنوان "المكتبة وإسهاماتها في بناء ثقافة الطفل، فسطر فيها أن التعود على القراءة منذ الطفولة المبكرة يغرس في الأطفال حب القراءة والاطلاع وبذلك يتأصل حب القراءة لديهم وتصبح هواية يمارسها الطفل ويتمسك بها كوسيلة من وسائل تحقيق الذات، وتنميتها خلال مراحل الحياة المختلفة.

وكتب أيضًا أن وسائل الاتصال على اختلافها وتنوعها تساهم بدور حيوي في هذا المجال، إلا أن الكتب والصحف والمجلات تتميز عن غيرها في تزويد القارىء بالمعلومات أو تنمية ملكة الحكم والنقد والتعبير، والمكتبة تعتبر جزءً مؤثرًا وفاعلًا في المجتمع، لما لها من أثر فعّال في الحياة العامة لتلبيتها للحاجات التربوية والثقافية؛ ولذا فهي شديدة الصلة بالعناصر المختلفة للمجتمع.