رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

2 سكوبار


الأرجنتين عندها ماتش فى تصفيات كأس العالم ١٩٩٤، الماتش فى بوينس آيرس، ضد منتخب كولومبيا. منتخب التانجو محتاج الفوز دا، علشان يصعد المونديال، من غير ما يخش فى متاهات الملاحق، كمان الماتش الأول بينهم فى كولومبيا انتهى بـ هزيمة مارادونا وزملائه ٢١، يعنى فيه كمان اعتبارات ثأرية.
مارادونا طلع قبل المباراة فى التليفزيون قال بـ كل ثقة: ما عندناش مواجهة صعبة ولا حاجة، إحنا أحسن من كولومبيا على كل المستويات، هـ نكسب طبعًا.
بس طبعا ما كسبوش، مش بس كدا، دا كولومبيا عملت ماتش تاريخى، من المباريات الكلاسيكية فى تاريخ كرة القدم، ٥ صفر، تفوق كاسح لـ فالديراما وزملائه، نتيجة وأداء وكل حاجة، هستيريا ضخمة فى شوارع كولومبيا، شىء لا يصدقه عقل.
فى اللحظة الملتهبة دى طلع بيليه، ما كانش كلام فى جرنان، كان تصريح منقول بـ التليفزيون، صوت وصورة، قال فيه إن فوز كولومبيا على الأرجنتين فوز «طبيعى»، وإن المنتخب الكولومبى دا هـ يفوز بـ كأس العالم نفسه، الفرحة المهولة مع تصريحات أفضل لاعب فى تاريخ كرة القدم، خلوا الكولومبيين يراهنوا، يراهنوا حرفيًا، يعنى يروحوا مكاتب المراهنات، ويدفعوا فلوس كتير كتير كتير فى الرهان على فوز كولومبيا بـ المونديال.
بارونات المخدرات، وعلى رأسهم بابلو سكوبار، ضخوا ملايين الملايين فى الرهان على المنتخب الكولومبى، إنما المراهنات، مش بس الفوز بـ البطولة، فيه مراهنات على التأهل لـ الدور التالى، مراهنات على مين هـ يفوز بـ كل مباراة، مراهنات على كل حاجة وكل خطوة.
مجموعة كولومبيا فى المونديال، كانت سهلة وفى متناول الإيد، بـ النسبة لـ مونديال بـ نسعى لـ الفوز بـ لقبه، كان مع كولومبيا ورومانيا وسويسرا وأمريكا، أول ماتش لـ كولومبيا كان ضد رومانيا، انهزمت كولومبيا ٣١، كانت صدمة رهيبة عند كل المراهنين.
يعنى عادى لو كسبنا فى المجموعة، وكملنا فى المونديال، وخسرنا حتى فى النهائى، هـ نبقى كسبنا كتير، وخسرنا الرهان ع المونديال نفسه، إنما كدا إحنا بـ نخسر ملايين، على كل الرهانات اللى دخلناها.
بدأت تحصل اتهامات لـ لاعبى المنتخب، إنهم بايعين النتيجة لـ مكاتب المراهنات، الماتش الجى قدام أمريكا، هى المباراة اللى هـ تحدد كل حاجة، التأهل أو خسارة ملايين الدولارات.
كورة عرضية لـ منتخب أمريكا، يتدخل فيها سكوبار، مش تاجر المخدرات طبعًا، أندريس سكوبار مدافع المنتخب الكولومبى، وواحد من أفضل مدافعى العالم، يحول سكوبار مسار الكورة، وتدخل جون لـ أمريكا، وتكسب أمريكا ٢١.
بعد الماتش دا، زادت الشكوك جامد حوالين كل شىء، سكوبار نفسه بعد الماتش، أعلن تعاقده مع الميلان، ميلان إيطاليا مافيا مراهنات، قطع بازل لما ترصها، تطلع بـ نتيجة منطقية جدا، سكوبار باع المسيح من أجل ثلاثين قطعة فضة، وعقد احتراف فى الدورى الإيطالى.
الماتش التالت كولومبيا كسبت سويسرا، اللى كانت متصدرة المجموعة، بس طبعا كانت خرجت من التصفيات، وتذيلت مجموعتها، إنما الفوز دا، زود كل الشكوك، ما إحنا بـ نقدر نكسب أهو، ونكسب متصدر المجموعة كمان، كان فيه غضب بين تجار المخدرات، مش غضب اللى خسر، وإنما غضب اللى اتباع.
هل فعلا كانت شكوكهم فى محلها؟ هل فعلا تواطأ بعض لاعبى المنتخب، ومنهم سكوبار نفسه؟
ما أعرفش، الأقرب إنه لأ، دى كورة قدم، الرهان عليها أساسا نوع من الجنون، خصوصا لما يكون رهان مش مبنى على أى أساس تاريخى، أمريكا ورومانيا كانوا من المشاركين فى مونديال ١٩٣٠، سويسرا شاركت من أول ١٩٣٤، يعنى الناس دول جايبين كأس العالم من أوله، وعندهم خبرات فيه قوية، حتى لو مستوياتهم مش أحسن حاجة، الموضوع بـ يبقى فيه عوامل كتير، مش بس مهارة لاعيبة وذكاء خطط.
إنما بيليه هو اللى باع لهم الوهم، هو اللى كانت ثقته فى كلامه عامل مرجح رفع سقف توقعاتهم لـ السما، هل كان تصريح بيليه مجرد شطحة؟ ولا كان مدفوع من مكاتب المراهنات؟ حاجات ما نقدرش نعرف الإجابة عليها، اللى نعرفه إن اللاعيبة الكولومبية بـ مديرهم الفنى قرروا اعتزال اللعب دوليا، واعتزال الناس، وكل واحد بقى بـ يدور على أمانه.
سكوبار المدافع لـ وحده كدا قرر مواجهة «الناس»، طالب لاعيبة المنتخب ينزلوا الشارع، يقولوا لـ البشر إنهم مش قاصدين، يقعدوا فى القهاوى وع البارات، يشرحوا إنها كورة قدم، يعنى مكسب وخسارة، اندفاع الناس لـ المراهنات بـ الشكل اللى حصل هو اللى كان غلط.
ما أعرفش، دعوة سكوبار دى كانت سذاجة منه ولا هبل، ولا نوع من الشعور بـ الذنب؟ لكنها طبعا كانت نهايته، هو نزل البار ما رجعش تانى، ست رصاصات من شخص مخمور، خد ٤٣ سنة سجن، ثم أفرجوا عنه بعد ١١ سنة، حسن سير وسلوك، القاتل كان شغال مع سكوبار، بابلو سكوبار تاجر المخدرات المعروف.
بعد مقتل سكوبار اتفتح ملف المراهنات على الكورة فى البلد نتيجة التحقيقات والقرارات أعلن ١٤ نادى كولومبى إفلاسهم من أصل ١٨ نادى فى الدورى هناك، كان زلزال ناتج عن كابوس، الكل فيه كانوا ضحايا لـ الوهم، الوهم اللى صنعه انتصار تاريخى، الله أعلم بـ ظروفه، وكام كلمة قالهم شخص فى حوار تليفزيونى، الشخص دا اسمه بيليه.