رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطبيعي يخسر.. منتجات جلدية رديئة ومجهولة تُباع في المصايف

جريدة الدستور


مدن ساحلية، تعج بالمصطافين الذين يتهافتون على شراء السلع والمنتجات الطبيعية بأسعار قليلة، لاسيما إذا حظوا بعروض مُغرية لشراء كميات أكبر، يستمر هذا المشهد منذ بداية الصيف في شهر يونيو حتى نهاية سبتمبر، فالمحال التجارية امتلأت بما يكفي من منتجات أُطلق عليها "مستخلص من الطبيعة" غير معروف هويتها، ولكنها تتميز بسعر لا مثيل.

في عروس البحر الأبيض المتوسط، الإسكندرية، تجولت «لمياء» عشرينية من الجيزة، في الشوارع التجارية أثناء فترة قضاء العطلة السنوية المصيف مع أسرتها، وابتاعت من أحد المحال التجارية في إسكندرية زجاجة زيت للشعر، دٌون عليها أنها مُستخلصة من مجموعة من الزيوت الطبيعية التي تغذي فروة الرأس، وتحافظ عليه من السقوط.

لم تتردد الفتاه لحظة، وابتاعت عبوتين من الزيت، تقول: "شعري جميل وناعم بس عيبه أنه خفيف؛ لذا اشتريت زجاجتين، وكان سعر العبوة الواحدة 15 جنيهًا، يعتبر رخيص مقارنة بالأنواع التانية اللي بشتريها، ولما رجعت من المصيف، جربت الزيت، لاحظت إن شعري ناشف وهايش، لم أبالي كثيرًا ما دام هذا النوع سيغذي فروة الرأس نفسها".

تابعت الفتاة، أنها مع تكرار استخدامها هذا النوع، وجدت شعرها يتساقط بشكل كبير، حتى ظهرت بعض الفراغات في رأسها، فضلًا عن ضعف الخصلة وتقصفها تمامًا، ولم يعد شعرها ناعم كالسابق، وعلى الفور ذهبت إلى طبيب جلدية، والذي أمرها بوقف استخدام هذا الزيت في الحال، إذ أنه أدى إلى حرق الشعر.

«لمياء»، ليست الضحية الوحيدة التي انساقت وراء وهم الزيوت والخلطات الطبيعية المغشوشة، المنتشرة في معظم الأسواق، لاسيما القريبة من المصايف، والتي يبيعها أصحابها استنادً لمُلصق العبوة المكتوب به "مستخلص من زيوت طبيعية"، فهناك الكثير من الفتيات التي تُغريهن المستحضرات الطبيعية، ولكن يجدن أنفسهن فريسة للغش التجاري.

تجولت "الدستور" في أسواق محافظة مطروح وشوارعها التجارية لا سيما شارع إسكندرية، وسوق ليبيا الشهير، والذي يعج بمحلات العطارة، ومستحضرات التجميل المختلفة منها الطبية ومنها التجميلية، وبشكل عشوائي اخترنا أحد المحال التجارية للحديث مع صاحبه والتعرف على مصدر هذه المستحضرات.

وجدنا أسعار الكريمات الطبية لآلام العظام وما شابه تبدأ من 20 جنيهًا، وكذلك مستحضرات التجميل المختلفة ومنتجات زيوت الشعر تبدأ أسعارها من 30 جنيهًا، ونصحنا بإحداهم والذي لم يتعد هذا السعر، مستدلًا على جودته بإنه أحد المنتجات الطبيعية.




حنان الكحكي، أستاذ أمراض جلدية بجامعة عين شمس، قالت أن هناك الكثير من الفتيات اللاتي يلجأن لهذه المنتجات نظرًا لأسعارها البسيطة، دون التأكد من مصدرها، وهو ما يشكل خطرًا كبيرة الآثار الجانبية التي تسببها هذه المنتجات.

وأضافت "الكحكي" لـ"الدستور"، أن الآثار الجانبية لمنتجات الزيوت الطبيعية المغشوشة تؤدي إلى حرق الشعر وسقوطه، ما إذا كانت منتجات تستخدم للشعر؛ لأنها تحتوي على مواد فرد الشعر والمعروفة بآثارها السلبية، أما بالنسبة لكريمات الجلد وزيوت الجسم المجهولة المصدر، فأيضًا تؤدي إلى حساسية الجلد، والحساسية هي نوع من أنواع حروق الجلد، وربما في بعض الحالات تتسبب هذه المنتجات في تشوه الجلد.

ونصحت بعدم شراء أي منتجات خاصة بعناية الشعر والجسم من أماكن غير معروفة، مشددة على ضرورة عمل اختبار لهذه المنتجات قبل الاستخدام على اليد بكمية صغير لضمان سلامة الجسم.

لم يختلف الحال لدى «سمية» 22 عامًا، بينما كانت تتجول في المحال التجارية بمرسى مطروح، وجدت أحد البائعين يعرض عليها زجاجة عطر، وأدعى أنها مكونة من الشبة ومخلوط عليها مواد طبيعية، والتي تعطي للجسم رائحة مميزة لمدة يوم كامل، كما أن نفس المنتج أيضًا يعمل على منع تعرق الجسم، وبسعر 30 جنيهًا فقط.

كادت الفتاة أن تبتاع هذا المنتج لولا نصائح صديقتها لها بعدم شراء هذه المنتجات إطلاقًا، وروت لها تجربتها مع مثل هذه المنتجات، التي أدت إلى حساسية بالغة في في جسمها بعدما استخدمت كريم مرطب للجسم، وتابعت صديقتها في نصحيتها بأن البائعين يطلقون عليها مواد طبيعية ولكن في الحقيقة هي عبوات غير معروف مصدرها، ولا يوجد على الزجاجة اسم واضح لمصنع أو شركة قام بعمل هذا المنتج.

سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعي للجمعيات الأهلية بجهاز حماية المستهلك، أوضحت أن الجهاز غير مسؤول عن مصانع إنتاج مستحضرات التجميل المغشوشة، مشيرة إلى أن دور الجهاز يبدأ عند ورود شكوى من قبل المستهلك نفسه من منتج بعينه، وعندها نبدأ باتخاذ الإجراءات اللازمة في صدد هذه الشكوى.


وأشارت "الديب"،إلى أن هناك مسئوليات مشتركة من جهات عدة لمواجهة مثل هذة المصانع، لكن الخطأ الأكبر يقع على المواطن الذي يلجأ إلى استخدام منتجات هذة المصانع مجهولة المصدر، مضيفة يجب على المواطنين أن يتوخوا الحذر عند شراء أي شئ يتعلق بالصحة وجسم الإنسان، وعدم اللجوء إلى استخدام مثل هذة المنتجات الضارة.


بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء حول واردات مصر من السلع غير الأساسية والترفيهية، خلال الفترة من يناير - سبتمبر 2018، تضمنت استيراد عطور ومكياج ومستحضرات للزينة وأخرى للعناية بالبشرة وغيرها للتجميل بقيمة تجاوزت 48.439 مليون دولار، واستوردت الدولة بقيمة 23 مليون دولار تقريبًا، شامبو ومستحضرات للعناية بالشعر وصبغات.