رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ريهام السعيد ليست الأولي.. حكايات خاصة لـ"سيدات" تعرضن للتنمر بسبب وزنهن الزائد

جريدة الدستور

"الناس التخينة ميتة، عبء على أهلها وعلى الدولة، وبيشوهوا المنظر" تصريحات نارية أطلقتها الإعلامية ريهام سعيد، مقدمة برنامج "صبايا الخير" عبر شاشة قناة "النهار"، لتنطلق كالنار في الهشيم في مواقع التواصل الاجتماعي، وتوجه لها موجة عنيفة من الانتقادات لاختيارها ألفاظ غير لائقة في وصف أصحاب الوزن الزائد.

مهاجميها أشاروا إلى أن السمنة قد تكون أمر خارج عن إرادة الشخص، فمن الوارد أن يكون السبب هو مرض، أو تناول أدوية تساهم في زيادة الوزن، أو طبيعة جسم وجينات لا يمكن علاجها، وصنف كثيرون تصريح الإعلامية بالتنمر والذي لا يعالج المشكلة بل يزيدها تعقيدًا.

لم يكن تنمر "السعيد" على أصحاب الوزن الزائد هو الأول من نوعه، فأنهم معرضون طوال يومهم وخلال حياتهم لذلك، بحسب حكايات رصدتها "الدستور" لسيدات يعانين من التنمر بسبب وزنهن الزائد، ويكون إما بعد قبولهن في وظيفة بعينها، أو توجيه سخرية من زملاء العمل.

سلمى: "اتقالي سبب الرفض في الوظيفة إني تخينة"
صباح الأحد الماضي، توجهت سلمى حسين، 25 عامًا، إلى مقر إحدى الشركات الخاصة في منطقة المعادي؛ للتقدم إلى وظيفة رشحها لها أحد أصدقائها، وفي الفترة التي تسبق المقابلة الشخصية لهذه الوظيفة هيئت نفسها جيدًا من الناحية العلمية، وذاكرت كل ما يتعلق بأمور هذه الوظيفة، فضلًا عن معرفتها الجيدة عن تاريخ الشركة.

تقول "سلمى"، في حديثها مع "الدستور"، قبل المقابلة الشخصية بأسبوعين، جهزت كل شيء يتعلق بها، لم يكن لدي خيار أن يتم رفضي منها إطلاقًا؛ لثقتي في نفسي وقدراتي بشكل كبير، كما أن الوظيفة كانت في قسم الشئون القانونية، وبما أني خريجة كلية الحقوق ولدي خبرة جيدة في هذا المجال، حيث أنها لم تكن المرة الأولى لي للعمل في الشئون القانونية، فكان دافعًا قويًا لدي لشغل هذا المكان في تلك الشركة.

وصلت الفتاة إلى مقر العمل الجديد، وأثناء المقابلة، تضيف: "وجدت تعنت غير مفهوم من قبل الشخص الذي كان يدير المقابلة، هو لم يعطني مساحة كافية من الوقت لأبرز فيها مهامي الوظيفية وقدراتي، غير أن الحوار لم يتخطَ 10 دقائق، وكان الرد قبل أغادر هواحنا آسفين، كنا عايزين نشغلك بس أنتي تخينة".
اختتمت قائلة: ظللت فترة أحاول فيها استيعاب هذه الجملة الباردة، وحتى الآن لم أستطع فهمها، فماذا يعني أنه تم رفضي بسبب وزني الذي وصل إلى 105 كجم".

الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أكد على الضرر النفسي لأصحاب الوزن الزائد، خاصة بعد تصريحات "ريهام سعيد"، حيث أنهم سيصابوا بالاكتئاب، بجانب شعورهم بكراهية للذات، وكراهية للإعلام والمكان من حولهم.

وأضاف"فرويز"، في تصريحات لـ"الدستور"، أن أصحاب السمنة سيصابون بسخط عام وتوتر نفسي شديد، بالإضافة إلى الإحباط خاصة من حاولوا فقدان وزنهم وفشلوا، الأمر الذي قد يصل لحد الانتحار أو إيذاء الذات، لأن ما حدث تنمر سواء مقصود أو غير مقصود.

سارة: "وزني حرمني من الوظيفة"
سارة أحمد، في منتصف العشرينيات من عمرها، حاولت كثيرًا البحث عن عمل بعد تخرجها في كلية التجارة جامعة عين شمس، كان آخرها شركة سياحية تطلب سكرتارية، مشترطة حسن المظهر وإجادة لغتين على الأقل، وعدد آخر من الشروط التي توافرت فيها بما فيها حسن المظهر، فهي على درجة عالية من الأناقة واللباقة في رأي كثير من المحيطين بها، إلا أنها بعد عقد مقابلة شخصية معها، أخبروها بعدم قبولها في هذه الوظيفة.

وكانت صدمتها حين علمت أن سبب الرفض هو وزنها الزائد، فهي تزن 90 كجم، معتبرين أن ذلك سيؤثر على المظهر العام للشركة، ووصفت ذلك بـ"التنمر"، مشيرة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يحدث معها هذا الوضع، ففي عملها السابق حين بدأ وزنها الزائد في الظهور أبدى زملائها سخريتهم منها، فتقول: "بقيت منعزلة عن الناس كلها وأي تجمع، عشان متأكدة إن دمي هيتحرق، والشغل مكنتش بنزل يوميًا عشان بيتريقوا عليا ويحرجوني".

وتابعت: "لم أعد أحب التصوير أو النظر في المرآة، ولازلت أحاول فقدان بعض الوزن لكني لا أستطيع لأنها طبيعة جسمي، بناء على كلام الأطباء، هما مفكرني مبسوطة يعني ولا بمزاجي أنا هموت وأخس والله ومش عارفة".

مارينا: كل ما أدور على شغل اترفض
"أنا مكتئبة فعلًا لأني تخينة ووزني 86 كيلو والناس بتتريق عليا وكل ما أدور على شغل اترفض"، كانت تلك كلمات مارينا ملاك، 25 عامًا، خريجة كلية الآداب قسم لغات (لغة ألمانية)، واجتهدت طوال أعوامها في الكلية للحصول على تقدير امتياز، لم تكتفِ بذلك بل بادرت بحضور عديد من الدورات التدريبية لتنمية لغتها ومهاراتها.

"مارينا" تعترض على طريقة تعامل الناس معها، لشئ خارج عن إرادتها، حاولت كثيرًا العمل على إنقاص وزنها، لكنها في كل مرة تفشل بسبب حالة الإحباط والتعليقات السلبية التي تواجهها حتى من أقرب الناس لها من أهلها وأصدقائها، مختتمة: "هو أنا اللي حظي وحش ونحس ولا بكرة ممكن يكون كويس".

الدكتور عبدالرحمن الغندور، استشاري جراحات السمنة المفرطة والمناظير، قال إن الآثار النفسية للسمنة وزيادة الوزن المفرط أو السمنة تشمل انخفاض الثقة بالنفس، والقلق بشكل مستمر، وقد تصل إلى اضطرابات أكثر خطورة على الشخص مثل: الاكتئاب، واضطرابات الأكل.

وتابع: "لقد تم وضع بعض الأساليب والطرق الفعالة، من قبل متخصصي الأمراض النفسية حول العالم، لاستخدامها في علاج السمنة لضمان الاستمتاع بحياة صحية، منها التشجيع المستمر للشخص حتى في حالة نجاحه باتباع سلوك معين بخصوص تناول الطعام، أو تحقيق أي شيء يطلبه الشخص باستثناء الطعام، أيضًا وخلال تواجد الشخص مع الأخصائي المعالج".

أظهرت بعض الدراسات أن النساء البدينات يلاقين تمييزًا أكثر من الرجال البدناء، ووجد العلماء بجامعة "إكستر" البريطانية ما يدل على أن مجرد كون المرأة ذات وزن زائد يقلل من الفرص المتاحة أمامها في الحياة، بما فيها الحصول على راتب أقل.

ودرس الباحثون 70 حالة وراثية متباينة ذات علاقة بمؤشر كتلة الجسم، من خلال الاستعانة ببيانات من 120 ألف مشارك في "البنك الحيوي للمملكة المتحدة"، ممن تراوحت أعمارهم بين 40 و70 عامًا.

نشرت مجلة "لانسيت" الأمريكية، الخريطة العالمية للسمنة، وأشارت إلى أنه من المتوقع أن مصر ستصبح أعلى الدول امتلاكًا لمعدلات السمنة بين السيدات بحلول عام 2025، ومن المتوقع إصابة حوالي نصف السيدات المصريات بالسمنة بنسبة تبلغ 50.1%.

وكشفت نتائج الدراسة إلى أن نسبة السيدات المصريات التى يعانين من السمنة بلغ خلال عام 2014 حوالي 39.7%، وهو ما يجعل مصر ثانى أكبر دول العالم امتلاكًا لمعدلات سمنة النساء بالنسبة لعدد سكانها، ويبلغ عدد السيدات المصريات المصابات بالسمنة وفقًا لآخر إحصائية حوالي 10.2 مليون سيدة، وهي تمثل نسبة 2.7% في معدلات السمنة العالمية.