رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سر الـ«الأي كولاي» الخطيرة التي تسببت في وفاه سائحين بالغردقة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

نوع نادر من أنواع البكتيريا الموجودة بكثرة في أمعاء الإنسان، قادرة على قتل أي شخص سُرعان ما يتفاعل هذا الميكروب المُلتوي بسلالاته المختلفة داخل أحشاؤه، إذ إنها إذا تحوّلت إلى سلالات فتحمل جينات تمكّنها من اختراق الخلايا أو تدميرها أو إفراز السموم داخل الجسم.

البكتريا تسمى بـ«الاي كولاي»، تصيب الإنسان، وتبدأ المشاكل الصحية بسببها في الظهور بعد فترة تتراوح من ثلاث إلى خمسة أيام مباشرةً؛ وتوجد بشكل طبيعي في أمعاء الأشخاص الأصحاء والحيوانات، وتأتي عادة من نتيجة تناول أطعمة أو مشروبات ملوثة خاصة الخضراوات الخام واللحم غير المطهى.

في الغالب يتعافى المصابون من هذا المرض خلال أسبوع من التعرض للإصابة، ولكن في حالة التمكن منها وانتشار سلالتها بشكل كبير فإن ذلك قد يُعرض الإنسان إلى مخاطر تهدد حياته، خاصة كبار السن هم الأكثر عرضة للإصابة بهذا الميكروب.

واتساقًا مع ذلك، فإن بريطانيا حذرت مواطنيها من السفر إلى إحدى المنتجعات السياحية في مدينة الغردقة بمصر، بدعوى انتشار ميكروب «اي كولاي» أو الـ«E-Coli»، الذي أدى لوفاة زوجان بريطانيان العام الماضي.

"كولاي" هي بكتيريا عضوية الشكل لا ترى بالعين المجردة مثل كافة أنواع البكتيريا، يبلغ طولها 2 ميكرون - جزء من مليون جزء من المتر - وقطرها 0.5 ميكرون، ويبلغ حجمها 7 ميكرون مكعب، وتعيش بصورة طبيعية في أمعاء الجهاز الهضمي للإنسان والثدييات.

في حين أصدر النائب العامن بيانًا صحفيًا مفصلًا، عن تفاصيل وفاة السائحيين البريطانيين؛ جون جيمس، وسوزان إلين كوبر، داخل إحدى فنادق مدينة الغردقة، بعدما كشفت تقارير الطب الشرعي، واللجان المتخصصة من كلية الهندسة وهيئة الطاقة الذرية، النقاب عن ملابسات الواقعة، ووفق ما تم ضمه للتقرير أنه كان يعاني من قيء وإسهال وساءت حالته في تدهور، إلى أن توفي بغرفته رقم 5107.

أما زوجة السائح فأظهر التقرير أنها شعرت بالإعياء، إلى أن تم نقلها إلى عيادة الفندق للعلاج، وتلاحظ للطبيبين عدم استجابتها لما قدماه لها من العلاج، وتم استدعاء سيارة الإسعاف ونقلها لأحد المستشفيات التي أفادت بأنها وصلت إلى المستشفى في حالة توقف للدورة الدموية والتنفسية، ولم تستجب لإجراء الإنعاش القلبي الرئوي التي استمرت لمدة 30 دقيقة، وتم إعلان وفاتها بعدها بساعات.

وأثبت الطبيب الشرعي أن سبب الوفاة هو إيجابية جثماني المتوفيين للبكتريا الأشريكية المعوية (E-COLI)، والتي تسبب الإسهال الشديد والغثيان المؤدي للقيء، وهو أمر يعد من عوامل الخطورة، نظرًا لكبر سن المتوفي وحالته الصحية.

المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومراقبتها، أكد أنَّ هذا النوع نسخة من بكتريا "إيشيريشيا كولاي 0104 اتش4"، وقد اكتشفت هذه البكتيريا بواسطة طبيب الأطفال الألماني "إشريك تيودور" سنة 1885، وسُميت بهذا الاسم نسبة لاسم المُكتشف، ولوجودها في القولون "الأمعاء الغليظة"، حيث تلتصق بالأمعاء وتؤثر على الدم والكليتين، وأحيانًا على الجهاز العصبي المركزي.

في 2018، زعمت هيئة الصحة العامة في إنجلترا أن 22 من السائحين البريطانيين، أصيبوا بالعدوى من هذه البكتيريا في مصر هذا العام، وسط مخاوف من ارتفاع العدد، حسبما نشرت صحيفة "مترو" البريطانية.

واتهمت أن أحد منتجعات الغردقة، وهو منتجع شهير على طول ساحل البحر الأحمر، أصبح «نقطة ساخنة للمرض»، موجهة عدة نصائح بعدم تناول بعض الأطعمة مثل: السلطات، والآيس كريم، والجبن، ومكعبات الثلج، نظرًا لان الميكروب ينتشر عن طريق المياه الملوثة أو الطعام.

في عام 2011 انتشرت بكتيريا «إي - كولاي» في دول أوروبا، وأدت إلى العديد من الوفيات، ولأنها نوع من البكتيريا يشيع وجودها في القناة الهضمية للإنسان والحيوانات، وبعضها مثل النمط (إي - كولاي أو 157: إتش 7)، فهي يمكن أن تُسبب أمراضًا خطيرةً تنتقل عبر الغذاء، سواء بعد تناول اللحوم غير المطهية، أو أكل الخضروات المزروعة في الأراضي الملوثة.

وعلى نفس السياق فإن عددًا من السلالات تسببت في إصابة أكثر من 737 حالة؛ بسبب التسمم الغذائي في أوروبا في الفترة من عام 1971 إلى 1986، وفي الولايات المتحدة ظهرت حالات التسمم الغذائي بالـ "إشريشيا كولاي" مرتين في الفترة من 1970 إلى 1982.

وفي المدة من 1983 إلى 1993 ظهرت الإصابة 11 مرة؛ نتيجة تناول ألبان خام ومنتجات ألبان مُصنعه من لبن خام ومُلوثه بـ"الإشريشيا كولاي" المُسببة للإسهال، ومن 1988 إلى 1997 ظهرت في أمريكا حالات التلوث بـ"الإشريشيا كولاي" المُسبب للتسمم الغذائي الخطير والمعروف باسم( H7: O157)، وذكر أن الإصابة نتيجة ميكروب "إي - كولاي".

ويعتبر السبب الرئيسي لانتشار بكتيريا "إي - كولاي"، هو التعديل الوراثي للنباتات، والذي يعمل على تغيير الصفة الوراثية للنبات من خلال استخدام كميات كبيرة من "المبيدات الفطرية" بنسب تركيز عالية.

وكذلك العبث في الطبيعة بالهندسة الوراثية والتنوعات المختلفة للكيماويات، مشيرًا إلى أنه لا يوجد علاج لهذه البكتيريا سوى شرب سوائل كثيرة ومحاولة تفادي المضاعفات، فمعظم المرضى يتم شفاؤهم ذاتيًا خلال 5 أو 10 أيام بدون علاج.

وتنجك العدوى منها تنجمعن طريق المياه المستخدمة في المناطق الترفيهية مثل الألعاب المائية وما شابه ذلك، حيث أن أعراضها تبدأ بعد 7 أيام من دخول البكتيريا إلى الجسم، وأن أولى العلامات عبارة عن ألم في البطن بشكل مفاجئ، وبعد بضع ساعات يبدأ الإسهال.

ويؤدي ذلك إلى فقد الجسم لكميات من السوائل والمعادن والأملاح، وظهور الإرهاق على المُصاب، ويتطور الإسهال إلى إسهال مصحوب بالدم؛ لأن البكتيريا تتسبب في قروح داخل الأمعاء، وهو ما يستمر لبضعة أيام.

ومن الممكن يُصاحب الحال ارتفاع في حرارة الجسم وقد لا يُصاحبه ذلك، وأن أشد مضاعفات الإصابة حدوث فشل كلوي نتيجة لتكسير خلايا الدم الحمراء، وهو ما يحدث في الغالب لدى الأطفال بعد حوالي أسبوع من بدء الإصابة.