رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«عودة الحياة».. حكايات بحيرات لوثها الفساد وأصلحتها الحكومة

جريدة الدستور

"الموت لسنوات طويلة" هو الوصف الأدق لسنوات الإهمال والفساد التي عانت منهما بحيرات مصر، ما أثر على إنتاجها للثروة السمكية وغيّر في طبيعتها البيولوجية..11 بحيرة رغم التلوث والإهمال يبلغ إنتاجها للأسماك 75% من إجمالي الإنتاج في مصر وهما "مريوط، إدكو، البرلس، المنزلة، البردويل، سيوة، البحيرات المرة، التمساح، بورفؤاد، قارون، ناصر"، بإنتاج سمكي يقدر بـ170 ألفًا و334 طنًا سنويًا.

وفي خطوة تعد الأولى من نوعها قرّرت الحكومة تطوير البحيرات ورفع كفاءتها، استجابة للمشروع القومي لتطوير البحيرات المصرية والذي أطلقه.. وبالتزامن مع اتخاذ الحكومة قرارًا بوقف عمل مصانع أوشيم التي كانت تلقي مخلفاتها في بحيرة قارون في محافظة الفيوم، "الدستور" رصدت أبرز البحيرات التي عانت من التلوث وكيف غيرتها يد الحكومة.

بحيرة المنزلة تستعيد 70% من ثورتها السمكية بعد تطويرها

في يناير 2015 أعطى الرئيس عبدالفتاح السيسي تعليماته ببدء تطوير بحيرة المنزلة الواقعة فى محافظة الدقهلية فى سابقة تعد الأولى من الدولة لإنقاذ مصدر من أهم مصادر الثروة السمكية في مصر.

وعانت البحيرة لعشرات السنوات من الصرف الزراعي والصناعي الذي أُلقي فيها وأدى إلى تغير بيولوجي في نوعية المياه وموت أنواع نادرة من الأسماك كانت تنتجها هذه البحيرة، وبلغت مساحة البحيرة 750 ألف فدان، وتعادل ما يقرب من عشر مساحة الدلتا كلها، وتناقصت مساحه البحيرة من 750 ألف فدان إلى 190 ألف فدان عام 1990 حتى وصلت اليوم 125 ألف فدان، ثم تقلصت إلى 90 ألف فدان، نتيجه أعمال الردم والتجفيف والتجريف في مناطق كبيرة منها فبعد أن كانت تطل على خمس محافظات أصبحت تطل الآن على ثلاث محافظات فقط.

وبدأت وزارة الري والموارد المائية، أعمال التكريك في بحيرة المنزلة وشملت عمليات التطهير والتطوير بوغازي الجميل القديم والجديد، واستخدام أسلوب القنوات الإشعاعية لتقليل نسب التلوث في البحيرة وتحسين نوعية المياه في البحيرة بتكلفة 55 مليون جنيه، ودراسة تحسين نوعية المياه بها.

وتمت إقامة قناتين إشعاعيتين من خطوط المواسير بطول ٣ كيلومترات لضخ مزيد من مياه البحر المتوسط داخل أعماق البحيرة لتحريك المياه الراكدة بها ومع تشغيل القناتين بدأت عملية تدوير المياه والتى حملت معها ملوثات كامنة فى أعماق البحيرة وتدريجيًا بدأت نوعية المياه بالبحيرة تعود لطبيعتها بزيادة نسبة الملوحة فيها مع التخلص التدريجي من أنواع الملوثات بها .

وترتب على التغييرات التى حدثت بالبحيرة عودة عائلات من الأسماك المهاجرة من نوعيات الأسماك الفاخرة للبحيرة مرة أخرى بعد غياب سنوات طويلة ومنها أسماك البورى والدنيس والقاروص واللوت، وتمثل هذه العائلات حوالى ٧٠٪‏ من مجموعات الأسماك التى كانت تعيش وتتكاثر فى البحيرة، وهو مؤشر أكثر من ممتاز إن مشروع التطهر يسير على الطريق الصحيح لاستعادة كل أنواع الأسماك المهاجرة.

ووضعت الحكومة خطة لإقامة محطات معالجة ثلاثية لمياه البحيرة تغطي المحافظات التي تلقى مياه الصرف بها لمنع عودة الملوثات المختلفة إليها وإقامة واحدة من أكبر محطات التنقية في العالم لتنقية مياه الصرف الصحى التي يلقيها مصرف بحر البقر فى البحيرة بطاقة ٤ مليارات متر مكعب يوميًا، كما تتضمن خطة التطوير، الحفاظ عليها وعدم عودة عمليات الصيد الجائر باعتماد الصيادين العاملين بها فقط ومنع الدخلاء عليها وإقامة مجتمع سكنى حديث لهم بديلًا عن التجمعات العشوائية التي كانت قائمة فى قلب البحيرة.

إدكو تحارب مخلفات الغاز بمضاعفة إنتاج الثروة السمكية

عانت بحيرة إدكو التابعة لمحافظة البحيرة من ارتفاع نسبة التلوث فيها فقد كانت مركزًا لاستقبال كل أنواع الملوثات من مياه صرف صناعى وزراعى، وانخفض منسوب المياه فى البحيرة، بسبب عملية الإطماء، وعدم كفاية الكراكات لتطهير وتعميق البحيرة، وإلقاء شركات الغاز مخلفاتها في البحيرة كما تصب أكثر من 20 محطة للصرف الصحى داخل المصارف التى تصب في البحيرة مباشرة، ما أدى إلى نفوق الأسماك في مياه البحيرة، حسب تصريحات محمد عبدالله زين الدين، وكيل لجنة النقل والمواصلات.

ومع عدم التفات الحكومات السابقة لتطوير البحيرة وتنقيتها من الملوثات التي تحيط بها تناقصت مساحتها من 50 ألف فدان فـي نهاية القرن التاسع عشر إلى 37 ألف فدان حتى أوائل الخمسينات من هذا القرن، وذلك نتيجة إطماء أجزاء كبيرة منها بالإضافة للتعديات سواء بإقامة جسور أو مزارع سمكية وعمليات البناء والزراعة، وتراجعت إلى 18 ألف فدان، وصلت إلى حوالي 15045 فدانًا منها مساحة مائية تقدر بحوالي 14389 فدانًا.

وتعمل الحكومة على خطة تنمية البحيرة لتعظيم إنتاجها السمكي، وتشمل الخطة عمليات التكريك لزيادة العمق، وشق قنوات شعاعية، كذلك تطهير البحيرة وازالة البوص والهيش وورد النيل، والتي تعيق عمليات الصيد، كما تم وضع خطة لزيادة إنتاج البحيرة السكني فبلغ إنتاجها في الموسم الماضي، حوالي 7200 طن بمتوسط بواقع 500 كجم / فدان.

مريوط خطة متكاملة لرفع منسوب المياه بها طوال العام

تقع بحيرة مريوط جنوب الإسكندرية، وكانت تتصل من الجهة الجنوبية بنهر النيل ومن الجهة الشمالية بالبحر المتوسط، وتعرضت فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى لفقدان التوازن البيولوجى، نتيجة صرف أحمال متزايدة من المخلفات الصناعية السائلة ومخلفات الصرف الصحى، ما أدى إلى انخفاض الثروة السمكية بشكل ملحوظ وساءت الحالة المعيشية والاقتصادية للصيادين.

وفي فبراير الماضي، وبقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي بدأ أول مشروع لتطوير البحيرة التي تمتد على مساحة 17 ألف فدان.

واستهدفت أعمال التطوير تعميق البحيرة ورفع منسوب المياه بها من 30 سينمتر إلى متر ونصف تقريبًا، مما يؤدى إلى الحفاظ على رفع منسوب المياه طوال أيام السنة والحفاظ على المياه القادمة من مصرف القلعة داخل البحيرة، بالإضافة إلى أعمال إزالة الرواسب القاعية والتطهير.