رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«وحشتنا مصر».. رسائل جماهير إفريقيا بعد شهر على انتهاء الـ«كان»

جريدة الدستور

بعد انتهاء كأس الأمم الإفريقية مصر 2019، ودعت الجماهير العربية والإفريقية أرض الكنانة، ورحلوا عائدين إلى بلادهم، لكنهم لم ينسوا هذه الزيارة القصيرة إلى المحروسة، والتي عادوا منها يحملون الكثير من الذكريات والمشاهد والمواقف التي لن ينسوها أبدًا.

الزائرون العرب كانوا الأبرز في هذه البطولة لما لديهم من سمات شخصية مشتركة مع المصريين، فاللغة العربية جعلتهم لا يشعرون بأي غربة في الوطن المصري، على اختلاف المحافظات التي ذهبوا إليها، والملامح العربية التي تجمعهم بالمصريين جعلت من رحلتهم إلى مصر تحمل الكثير من البهجة.

"الدستور" ترصد مذكرات زوار مصر بعد انتهاء رحلتهم إلى مصر وعودتهم إلى بلادهم ليقصّوا حكاياتهم وذكرياتهم خلال الزيارة، فهي تجربة سينقلونها إلى أصدقائهم ومعارفهم هناك في بلادهم، وستدفع آخرين من هناك لزيارة المحروسة، بحثا عن مغامرة شبيهة.

عماد جموحي.. جزائري ترك روحه في بنها

فازت الجزائر بكأس الأمم الإفريقية، لذلك كانت فرصة لبقاء المشجعين أطول فترة ممكنة في مصر، وهو ما جعل المشجعين الجزائريين الذين حضروا مباريات منتخبهم منذ البداية يعيشون ذكريات أكبر، ويخوضون تجربة أطول من غيرهم من المشجعين العرب.

عماد جموحي، شاب جزائري جاء مع منتخب بلاده ليشجعهم، ويتنقل من محافظة إلى أخرى، حسب المكان الذي يلعب فيه فريق بلاده: " بعد وصولي إلى مصر تعرفت على شاب مصري من مدينة بنها، وبمجرد أن تقابلنا وعرف إنني لست مصري، أصر على أن أذهب معه إلى بيته، على الرغم أنه لا يعرفني جيدًا، إلا أنه استضافني في منزله، وقدم لي مأدبة من الطعام المصري الأصيل، هو ليس شخصًا غني المال، وإنما غني النفس، وهذا ما ظهر في كرمه والطريقة التي قدم لي بها الطعام، وإصراره على أن أقضي معه الوقت، وأعتبر منزله هو منزلي متى شئت".

ولم تنتهي مظاهر حسن الضيافة عند هذا الحد، وإنما يتحدث "جموحي" عن موقف آخر علق في ذاكرته: " ذهبت إلى أحد محل العصائر، وبمجرد أن أعرف من لهجتي أنني جزائري، قدم لي العصائر مجانًا، ورفض أي مقابل مادي، ورحب بي كثيرًا".

وفي مشهد من المشاهد التي يصفها "جموحي" بالسينمائية عما يقال عن "جدعنة المصريين" يقول: " أوقفت أحد الأشخاص، وسألته عن مكان أريد الذهاب إليه، وعندما تعرف علي وأنني زائر جزائري، أوقف تاكسي واتفق معه على سعر رخيص حتى لا أتعرض للاستغلال، لأنني لا أعرف أجرة التاكسي، وأكثر ما أتذكره من هذا الموقف، هو الابتسامة العريضة التي ودعني بها هذا الرجل، بعد أن تحرك التاكسي إلى المكان الذي أقصده".

"خفة دم المصريين حقيقية، وليست مجرد صفة تقال عنهم أو يشتهرون بها من فراغ".. تعرف "جموحي" على خفة الظل التي يتمتع بها المصريين من خلال رحلة بسيطة قضاها في "التوكتوك": " ركبت توكتوك لمدة 10 دقائق، وطول هذه المدة كنت أضحك حتى بكيت من كثرة الضحك، فسائق التوكتوك رجل عفوي خفيف الظل، يلقي النكات وإيفيهات الأفلام دون أي مجهود، ودون أن يقصد لكنها تخرج منه بشكل مضحك للغاية".

دهبي فارس شاب مغربي زار عدة محافظات مصرية: عرفت ليه مصر أم الدنيا

"لأول مرة في حياتي أفهم لماذا قال المؤرخون عن مصر أنها أم الدنيا".. يبدأ المغربي "دهبي فارس" حديثه عن زيارته لمصر خلال كأس الأمم الإفريقية 2019، بقوله إن مصر أم الدنيا ليست مجرد شعار يردده المصريون لكنه اكتشف مؤخرًا خلال الزيارة أنها الجملة الأفضل لمصر، وشعبها.

يقول "فارس": " كنت أتمنى زيارة مصر منذ فترة كبيرة، ولم تسمح لي الظروف، لكني شعرت بالسعادة عندما علمت أن الكأس الإفريقية ستكون في مصر، لأنني أذهب مع المنتخب المغربي أينما ذهب، وكنت أتمنى أن تطول المدة التي لعب فيها المنتخب المغربي عن ذلك، حتى أتمكن من استكشاف كل مكان في مصر".

وعن تعامله مع المصريين خلال الفترة التي قضاها في مصر يذكر: " لم أتوقع كل هذا الدعم، وهذا الكم الهائل من الحب والترحيب الذي وجدناه على هذه الأرض الطيببة، فعندما ذهبت إلى مباراة المغرب وساحل العاج، وجدت أن نصف الجمهور المغربي كان مصريون يحملون الأعلام المغربية، ويلونون وجوههم بألوان علم المغرب، ويشجعون الفريق وكأنه منتخب بلادهم".

قضى "فارس" أسبوعين فقط في مصر، نظرًا للخروج المبكر للمنتخب المغربي من البطولة: " للأسف تمنيت أن يتأهل فريقي إلى النهائي حتى تطول مدة إقامتي في مصر، لكنني أخطط لزيارة قريبة حتى أذهب إلى بعض المدن السياحية مثل شرم الشيخ، الغردقة، ودهب، فالجميع يتحدث عن جمال هذه المدن وطبيعتها الجذابة، ولهذا سأذهب إليها في القريب العاجل".

الكثير والكثير من الذكريات التي وضعها الشاب في حقيبة سفره قبل أن يغادر أرض المحروسة: "روحي ستظل معلقة في أرض مصر الطيبة، وسأتذكر شابا مصريا شهما تعرفت عليه في مصر، وسأظل على اتصال دائم به، وسأتذكر هذا الرجل كبير السن الذي جاء إلي بعد إقصاء المغرب من البطولة، ليربت على كتفي ويقول لي بكل الحب والمودة الصادقة: ""ماتزعلش يا بني خيرها فغيرها"، وكأنه يواسي ابنه، وليس شخص مغربي لن يراه ثانية في حياته.

"في نهاية رحلتي إلى أم الدنيا أدعو كل المصريين لزيارة المغرب، فأبواب بلادنا مفتوحة لكم دائمًا، وسنرحب بكم كما فعلتم، أو كما تقولون "هنزبطكم".



رحلة هيفاء دلاسي إلى مدن القناة: لن أنسى المانجا والسمك

للفتيات العربيات نصيب في الزيارة إلى الأراضي المصرية، لتشجيع منتخبات بلادهن، حيث جاءت الفتيات التونسيات لمساندة المنتخب في مشواره بكأس الأمم الإفريقية، ومن بينهم كانت "هيفاء دلاسي" التي أرادت أن تشارك "الدستور" تفاصيل رحلتها إلى مدن القنال.
تعبر "دلاسي" عن امتنانها لحسن الضيافة المصرية: " أرغب في التعبير عن امتناني للمصريين الذين استضافونا، فهم كرماء للغاية، وتعرفت أصدقاء مصريين علموني معنى حسن الضيافة والكرم، وكانت رحلتي إلى مدينة الإسماعلية هي أفضل الرحلات على الإطلاق".

تمت دعوة "دلاسي" إلى الإسماعلية من قبل أحد أصدقائها، وبالفعل استجابت إلى الدعوة، وهناك انبهرت بالمدينة الصغيرة: "هذه المدينة هادئة، وطبيعتها رائعة، انبهرت من النظافة والجمال، والحدائق الواسعة التي تملأ كل الشوارع هناك، ولكن أفضل ما فيها هما سكانها الطيبين المضايفين".

وأكثر ما جذب "دلاسي" في هذه المدينة هي الرحلة البحرية التي قامت بها على متن قارب خاص: " ذهبت إلى إحدى النوادي برفقة الصديق المصري، وأحضر لنا قارب خاص، لنذهب إلى قناني السويس القديمة والجديدة، وقضيت أفضل أوقاتي، كانت فسحة ترد الروح، كما يقول المصريون، فالتنظيم في قناة السويس رائع، وحسن الضيافة لا يوصف".

تضيف "دلاسي": " عدنا من الرحلة البحرية لنتناول أفضل وجبة سمك في مطعم شهير بالمدينة "الصلاة عالنبي " وأضحكني الإسم كثيرًا، وانبهرت بنظافة العمال وبحسن معاملتهم للضيوف، وأردت أن أظل في هذا المطعم من شدة إعجابي بالسمك وبطعمه الطازج".

ومن بين أشهر المعالم في مدينة الإسماعلية، هي منطقة الفيلات التي عاش فيها الفرنسيون، وقت عملهم في قناة السويس قديمًا: " ذهبت إلى كل مكان الإسماعلية وشاهدت مبنى الإرشاد الملاحي، ولكن أكثر ما علق في ذاكرتي هو منطقة الفيلات الفرنسية، حيث شعرت وكأنني ذهبت إلى مدينة أوربية على أرض مصرية".

تستمر "دلاسي" في استرجاع ذكرياتها التي حولتها إلى صور تذكارية التقطتها في كل مكان في المدينة: " أفضل الصور التي حصلت عليها كانت على كورنيش الإسماعلية الجديد، والحدائق الواسعة والنظيفة التي تشتهر بها المدينة".

"وطبعا ماينفعش أجي الإسماعلية وما أكلش مانجا".. حصلت "دلاسي" على فرصة للذهاب إلى إحدى حدائق المانجا بمنطقة القنطرة في الإسماعلية: " صديقني أخذني إلى حديقة مانجا على طريق القنطرة، كنا وقت الغروب، والنسيم عليل، والهواء نظيف، استقبلنا أصحاب الحديقة، وافترشنا الأرض، وأحضروا لنا أفضل ثمار المانجو الذي تذوقته في حياتي، فالمانجو تأتي من على الأشجار لتقدم إليك طازجة، ولا يوجد ما هو أفضل من ذلك".

ومن شدة إعجابها بثمار المانجو في الإسماعلية، تقول "دلاسي"، إنها ستقدم طلب رسمي لوزير الزراعة في بلادها لاستيراد المانجو من الإسماعلية لأن مذاقها ساحر، ولن ينساها كل من يتذوقها.

"كانت فسحة VIP ويوم من ألف يوم، وأتمنى من كل قلبي، أن أعود قريبًا لأكرر هذا اليوم بكل تفاصيله، ومن كل قلبي أشكر المصريين على ذوقهم وكرمهم، ربي يحفظ مصر البهية، الأرض الطيبة ودامت آمنة وفاتحة أبوابها لضيوفها وعاش شعبها المضياف الكريم".

مونيا ومغامرة في جنوب مصر: الصعايدة أصل الجدعنة

ومن الإسماعلية إلى صعيد مصر، حيث كانت رحلة لن تنساها الفتاة التونسية "مونيا شيبي"، التي غامرت بالذهاب وحدها إلى بلاد الصعيد في جنوب مصر، واعتبرتها أكبر مغامرة أقدمت على فعلها في حياتها.

"شيبي" كانت تسمع عن "صعيد مصر" لكنها لم تكن تعرف ما هذا المكان، وكيف تذهب إلى هناك: " رحلتي إلى الصعيد كانت من أصعب الخطوات التي أقدمت عليها في حياتها، وكنت خائفة جدًا، ومترددة في القرار، لأني أعرف أن منطقة الصعيد بعيدة جدًا عن القاهرة، وأهلها مختلفون عن الشخصيات التي عرفناها في العاصمة".

بعد التردد قررت "شيبي" أن تذهب إلى هناك لتكتشف المكان بنفسها وبدأت الرحلة من مدينة قنا: " ذهبت بالحافلة إلى مدينة قنا، وهناك قابلت المجموعة التي ذهبت معهم إلى أسوان بالقطار، وبعد الاستقرار في أحد الفنادق القريبة من جزيرة إلفنتين في أسوان، واستمتعت كثيرًا بالنيل في الصعيد، حيث كنت أعتقد أن النيل في القاهرة هو الأفضل، لكن اكتشفت العكس".

تضيف: " النيل في الأقصر وأسوان نظيف، ولونه جذاب جدًا، وأكثر ما أعجبت به في أسوان، هي منطقة النوبة، وقرية غرب سهيل، وهناك شعرت وكأنني خارج مصر التي نشاهدها دائمًا في المسلسلات التلفزيونية، أو وسائل الإعلام، فالناس في الصعيد مختلفون".

"لباس الرجل مختلف عن القاهرة، فهم يرتدون الجلابية، وترتدي النساء العباية السوداء ويشبهون بعضهم البعض كثير، ويشتركون في صفات واحدة، فالجميع في الصعيد كريم، مضياف، طيب، وذو وجه بشوش، يقابلنا بكل لطف ومودة، ويعرض المساعدة دون أن نطلبها".

استمتعت "دلاسي" برحلتها إلى الأقصر وأسوان، وتريد تكرار الزيارة بجميع تفاصيلها قريبًا، عندما تتثنى لها الفرصة، لزيارة مصر في وقت لاحق.