رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسطورة الذكور.. سيدات تعرضن للضرب من الأزواج بسبب إنجاب فتيات

جريدة الدستور

ربما يعتقد البعض أن مشاهد وأد الفتيات قديمًا انحصرت فقط على الأفلام القديمة، والتي كانت تناقش عادات ما قبل الإسلام، ونجحت بالفعل في تسليط الضوء نحوها والقضاء عليها، لكن ظهر مؤخرًا وأد للفتيات من نوع آخر.

في العصر الحالي، سيطرت فكرة إنجاب الذكور على الكثير من الأزواج، باعتبارهم السند والقوة في المستقبل، وأصبح الأمر بالنسبة لهم حياة أو موت، وأصبح وأد الفتيات لديهم متمثل في تعذيب الزوجات اللاتي ينجبن الإناث وليس الذكور.

«الدستور» اقتربت أكثر من الظاهرة، والتي تشكلت في العصر الحالي بتعذيب الزوجات، عن طريق حكايات لسيدات تعرضن للتعذيب من قبل أزواجهن، بسبب إنجابهن للإناث بدلًا من الذكور، ورغبة الأزواج في الذكور.

نوال سيد، 35 عامًا، سيدة متزوجة وأم لأربع فتيات، تعمل في محل ملابس بمحافظة المنيا، تقول إن زوجها حين علم أنها أنجبت فتاتين توأم في المرة الأولى غضب غضبًا شديدًا؛ لكونه كان يتمنى أن تنجب له ذكورًا، وترك لها البيت لمدة شهرين، بعد ولادتها مباشرة.

توضح أنه لم يعد إلا حين علم أنها حامل في المرة الثانية، على أمل أن تنجب له ذكرًا، إلا أن أمله تحطم بولادتها لفتاة ثالثة، فبدأ يعاملها بقسوة وينهال عليها ضربًا باستخدام عصا غليظ، وداوم على تهديدها بالزواج عليها من أخرى، إن لم تنجب له الذكر.

تضيف: «مش بإيدي، وهو كده بيعترض على أمر ربنا»، موضحة أنها أنجبت عقب ذلك توأم فتيات أيضًا، فانهار زوجها في المستشفى عند سماع الخبر من الممرضة، وصفعها على وجهها بقوة حتى نزفت دم من فمها، ثم تركها وتزوج عليها بعد فترة، وتعيل هي وحدها أمر الفتيات.

الدكتور جيهان فؤاد، مقرر فرع المجلس القومي للمرأة، تقول إن عنف الرجل تجاه زوجته لإنجابها فتيات، ينبع من الجهل وعدم معرفته في الدين والعلوم الحياتية، مشيرة إلى أن نوع الجنين يتحدد وفق جينات الرجل.

تؤكد أن المجلس القومي للمرأة، يبذل جهودًا مُضنية من أجل حماية المرأة، ويتبنى المركز استراتيجية مكافحة العنف بكل أشكاله ضد المرأة، وذلك بالتعاون مع وزارة الداخلية وكل الوزارات الحكومية المعنية، ومؤسسات المجتمع المدني.

وتابعت أن المركز يساند المرأة قانونيًا مجانًا، حيث يتم استقبال شكاواهم وتوكيل محامين؛ للدفاع عنهم ورفع قضايا لهم وذلك دون مقابل مادي.

سميرة كمال ،٣٦ عامًا، ربة منزل، وأحد ضحايا إنجاب الفتيات، تقول إن زوجها غمرته الفرحة بشدة، بعدما علم بحملها، وظل منتظرًا المولد لمدة شهور، إلا أن الحال تبدل حين قررت الزوجة معرفة نوع الجنين قبل الولادة حتى تقوم بالتجهيزات المناسبة له.

أجرت السيدة الفحوصات الطبية، وتبين أنها حامل في فتاة فكانت سعيدة للغاية وقامت بالتسوق لشراء الملابس لطفلتها القادمة، إلا أن الزوج كان له رأي آخر، فأصابه حزن شديد، وطلب منها إجهاض الطفلة قبل فوات الأوان، لكنها رفضت بشدة وأنجبتها.

قام الزوج بتعذيب زوجته بشدة، حتى ازدادت حالتها الصحية سوءًا، فتسبب لها الضرب المتواصل بفقد السمع الجزئي، ومنه إلى فقد السمع الكلي، لكونه كان يضربها بوحشية ويصدم رأسها في الحائط بعنف شديد.

الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، تقول إن الاضمحلال الثقافي، وانخفاض المستوى التعليمي يؤدى إلى ضيق الأفق، والتمسك بالمعتقدات التي لا أساس لها من الصحة، وهو السبب في انتشار تلك الظاهرة.

توضح أن هناك أمراضًا ذهنية تظهر مع ضغوطات الحياة من بينها فكرة إنجاب الذكور، مضيفة: «نحن لا نمتلك ثقافة الوعي بالأمراض الذهنية»، ما يؤدي إلى تفاخم المرض وبالتالي يرتكب الإنسان أفعالًا خارج السيطرة.

وترى أن التصدي لتلك الظاهرة يكون من خلال رفع المستوى التعليمي والثقافي للرجال، وتدشين الحملات التوعوية؛ لتصحيح الأفكار الخاطئة والمبادئ غير المعترف بها، مشيرة إلى أنه لا جريرة للسيدات في إنجاب الإناث.

حين أنجبت سناء نصر، ٤٠عامًا، فتاة للمرة الأولى تغيرت معاملة زوجها تجاهها من اللطف وحسن المعاملة إلى السوء والوحشية، وكان لا يطيق حتى حمل الطفلة، ويعاملها بقسوة أيضًا، ولا يلبى احتياجاتهم.

توضح أن زوجها طلقها بعد فترة من ولادتها فتاة وتزوج عليها، ولم يكتف بذلك بل طردها من المنزل هي والطفلة وجردها من كل حقوقها، فاضطرت السيدة إلى العمل في أحد محال التجميل بمنطقة دار السلام، وتعول الطفلة بمفردها.

نحو 51 مليون سيدة مصرية يتعرضن للعنف الأسري سنويًا، وما يقرب من 70% من حالات الاعتداء على الزوجات سببها أزواجهن، و43% من النساء المتزوجات يتعرضن لعنف نفسي، و32% تعرضن لعنف بدني، بحسب إحصاء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء العام 2018.