رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عائدون من الموت.. حكايات متعافين تخلصوا من الإدمان بأنفسهم

جريدة الدستور

"بدأت بالسجائر ثم الحشيش وأخيرًا بالبودرة".. بهذه الكلمات بدأ سيف خضر، ٢٥عاما، حديثه لـ"الدستور"، فمرحلة إدمانه بدأت من خلال تجريبه لأنواع مختلفة من المخدرات، التي لم يكن يعلم مدى خطورتها، وأنه لن يستطع على المدى البعيد أن يتمالك نفسه عنها، ويكف عن تناول تلك المخدرات، فاستمر في حالة الإدمان لمده ثلاثة أعوام، تتدهور بعدها حالته الصحية ويصبح منفعلا، كما فشلت حياته المهنية والعملية، وأصبح منبوذ من قبل أفراد المجتمع.

تقرر أمه أخذه إلى مراكز لعلاج الإدمان، ولكن لم يتحقق الهدف المرجو، ففي نهاية المطاف اتصلت والدته بصندوق علاج ومكافحة الإدمان، والمعروف عنها أنها تعالج بشكل سريع، ومن خلال العناية المكثفة التي قدمها الصندوق له، أصبح متعافيا من عام وثلاثة أشهر.

وتابع سيف أن إرادته هي العامل المهم الذي ساعده في خروجه من تلك الحالة، وحاليا بفضل الله فتح محل طيور بعد دعم صندوق مكافحة وعلاج الإدمان له، والذى يعد الآن مصدر رزقه، يستطيع من خلاله تلبية احتياجات أسرته.

لم يكن سيف الوحيد الذى نجح في هزيمة الإدمان بل كان أحمد إسماعيل، ٣٤عاما، أحد النماذج التي استطاعت التغلب على ذلك المرض اللعين.

استطرد أحمد حديثه لـ"الدستور" أنه كان يعمل سائقا في حياته السابقة، وتعرف على مجموعة من الأشخاص، يتاجرون في الهيروين، فأغوه وجعلوه يجرب ذلك النوع من المخدرات، ومع الوقت تعود عليها، ولم يستطع أن يتوقف عنها، وأصبحت حياته مملوءة بالكثير من المشاكل مع زوجته وأبنائه وخسر شغله، ولم يكن في مقدرته أن يلبى احتياجات أسرته؛ بسبب إهدار ماله في شراء الهيروين وأصبحت حياته عما.

وتابع أحمد أنه استمر هذا الأمر حتى جاءت أخته في يوم من الأيام؛ لزيارته في المنزل ولاحظت تدهور أحواله هو وأسرته وبعد أن علمت عن أدمانه للمخدرات فقررت أن تتصل بصندوق علاج مكافحة الإدمان، وبعد تحفيز شديد من قبل أفراد أسرته في مواجهة تلك التحدى الصعب ذهب وتلقى العلاج بصدر رحب رغبة فى العيش بسعادة وسلام.

وتابع أنه تعالج منذ عامين بعد صراع دام عامين، معلقًا "ربنا إدانى فرصه ارجع للحياة من تاني"، وحاليا بعد دعم الصندوق له بتقديم قرض له تمكن من افتتاح محل جزارة مصدر رزقه الجديد.

وكان من بين تلك النماذج القاهرة للإدمان رمضان سيد، ٢٥عاما، فيذكر أنه يوم ظهور نتيجة الثانوية العامة كان يوم بدء تعاطيه للمخدرات، فبعد أن علم بمجموعه المنخفض فقد الأمل وظن أن الحياة أغلقت كافة أبوابها أمامه، فخرج مع أصحابه للترويح عن نفسه وعرض عليه أحد أصحابه أن يجرب الحشيش فوافق على الفور، بعد أن اقنعه بأن ذلك سينسيه هموم الدنيا؛ وسيخلق لنفسه عالم خاص به وبعد فترة أدمن، وساءت حالته الصحية، ولم يستطع التقدم في حياته، وبعد أن شعر بفقد الثقة في نفسه
قرر أن يتغير ويتعالج، فأخبر والدته بأمره فأخذته لأحد مراكز علاج الإدمان بالفعل، وبعد فترة من بدء العلاج تعافى وبدأ حياته بشكل طبيعي وأكمل دراسته وتخرج واستطاع من خلال تواصله مع فريق العمل بصندوق مكافحة الإدمان ودعمهم له أن يفتتح محل نجارة أخشاب تلك الحرفة التي ورثها عن والده.

وأضاف أن أدمانه للحشيش دام لمدة عام وشهرين؛ ويرجع السبب في ارتكابه تلك الخطأ الجسيم إلى تقديره للأمور بشكل خاطئ، وعدم الإحساس بالمسؤلية.

وصرح عمرو عثمان، مساعد وزير التضامن ومدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، لـ"الدستور" أن مبادرة "بداية جديدة" تسير على خطى ثابتة وناجحة، وأن هناك مجهودات داءوبة مبذولة من قبل فريق العمل؛ بهدف تقديم خدمات ما بعد العلاج، والدمج المجتمعي للمتعافين، تتمثل فى مساندة المتعافين في عمل دراسة جدوى، وإعداد لمشروعاتهم، وتختلف المشروعات وفقا لرغبات واهتمامات كل فرد، مضيفًا بأن هناك تدريبات تقدم لهم لتأهيلهم مهنيا لسوق العمل.

وذكر "عثمان" أن هناك قروض تقدم لهم من خلال بنك ناصر؛ وذلك لتطوير مشروعاتهم، وأن قيمة إجمالي القروض التي توفرت لإنشاء مشروعات صغيرة للمتعافين بلغت ما يقرب من ٢ مليون جنيه
كما أكد على أهمية تلك المرحلة؛ لأنها ستساعد على تقليل فرص حدوث انتكاسة.

من جانبه أوضح الدكتور أحمد مصطفى، استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان، لـ"الدستور" أن علاج الإدمان يتطلب إرادة قوية، ونية صادقة، في قهر هذا المرض، وذلك مع دعم الأسرة للشخص المريض في طريق التعافي؛ لأنه يحتاج لمضخة أمل، كلما فكر في صعوبة الشفاء؛ ولتخفيف الألم الجسيم عنه، مع أخذه لأحد مراكز علاج الإدمان والمصحات العلاجية، بأسرع وقت حتى يتمكن من الوصول إلى أقصى درجات التعافي، معلقا "الطريق إلى التعافي لن يكون طريقا ورديا".

وطبقا لآخر إحصائية لرصد أعداد المتعافين من خلال صندوق علاج ومكافحة الإدمان، فكان عدد الحالات (٥٩٥٧٧)، والتي استفادت من خدمات الخط الساخن (١٦٠٢٣)، خلال السبعة أشهر الأولى لعام ٢٠١٨، حيث ترددوا على المراكز العلاجية الشريكة مع الخط الساخن، بجانب عدد الاتصالات التي تلقاها الخط الساخن، والتي تنوعت ما بين المتابعة وأخرى للمشورة.