ن.تايمز: الاتفاق السوري أكثر فاعلية من توجيه ضربة عسكرية
فى إطار انشغال العالم أجمع بمآلات القضية السورية وما سيسفر عنه الاتفاق الروسى الأمريكى بشأن ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية، أفردت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية افتتاحيتها اليوم للقضية السورية تحت عنوان الاتفاق السوري.
وجاء فيها، أن الاتفاق الذى أبرم بين البلدين والذى ينص على تدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية هو اتفاق طموح ومن شأنه أن يمنح فرصًا أفضل لمواجهة هذا التهديد السورى أكثرمن فاعلية توجيه ضربة عسكرية محدودة كما توعد بذلك أوباما.
وحتى إذا كان الأمر كذلك، فإن مهمة تصنيف وتأمين و تدمير الترسانة السورية هى مهمة شاقة للغاية لاسيما وأن واشنطن وموسكو قدرا تلك الترسانة بحوالى 1000 طن... ومثل هذه الخطوات ستتطلب اليقظة التامة من الأمم المتحدة ناهيك بالطبع عن تعاون جاد من قبل الأسد المتهمة قواته بقتل ما يزيد على 100 ألف شخص فى حرب أهلية ضروس.
وعلى صعيد آخر، قال وزير الخارجية الأمريكى جون كيري: إن هذا الاتفاق هو عبارة عن "إطار عمل" يمكن أن يوضع فى حيز التنفيذ عبر قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة... والحقيقة أن العالم لا يملك رفاهية انتظار ما إذا كان هذا الاتفاق سيدخل حيز النفاذ أم لا.
ووفقًا لنصوص الاتفاق، تلتزم سوريا بتقديم "قائمة تفصيلية" بترسانتها الكيميائية فى غضون أسبوع... وهذه القائمة تشمل كذلك كافة أنواع الغازات السامة بالكامل وكذا أماكن التخزين والإنتاج وأماكن إجراء الأبحاث، كما ينص الاتفاق على أن تسمح سوريا للمفتشين الدوليين "بدخول فوري وغير مقيد" الى كل المواقع شريطة أن تنتهى عمليات التفتيش بحلول نوفمبر القادم... وصولاً إلى القضاء التام على جميع الأسلحة الكيميائية و التجهيزات المتعلقة بها بحلول منتصف العام القادم 2014.
كما يجب الالتزام بهذه المهل المقررة حتى يتسنى للقوى الدولية ممارسة الضغط على النظام السورى، ولكن الوفاء بها قد يكون صعبا فى خضم الحرب الأهلية التى تدور رحاها الآن حتى ولو تعاون الأسد مع الجهات المعنية... وضرب الكاتب مثالاً على ذلك أن الولايات المتحدة وروسيا لا يزالان يعملان على الحد من أسلحتهما الكيميائية منذ 15 عاما مضت و لايزال أمامهما أيضًا بضع سنين للانتهاء من هذا الأمر.
والأمر الذى لا يدع مجالا للشك هو أن هذا الاتفاق قد جنب سوريا ويلات ضربات عسكرية أمريكية وشيكة، ولكن سيتعين على الأسد أن يوفر الحماية لمفتشى الأمم المتحدة، وكذلك تسهيل وصولهم إلى المعلومات و المواقع المراد تفتيشها. وإذا ما فشل فى حل هذا البرنامج، سيوقع عليه مجلس الأمن إجراءات عقابية خاصة وأن أوباما صرح أن العملية العسكرية الأمريكية لا تزال خيارا متاحا.
أما الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فاستطاع أن يعلى من أسهمه فى منطقة الشرق الأوسط بهذا التحرك الدبلوماسى... بيد أنه الآن على المحك لأنه سبق وأن أكد أن الأسد لم يستخدم الأسلحة الكيميائية... فصحيح أنه رفض استخدام الغازات السامة، ولكنه سيكون مادة للسخرية والاستهجان إذا ما استمر فى تزويد الأسد بأسلحة التقليدية التى أعملت آلة القتل فى الغالبية الكاسحة من الضحايا المدنيين السوريين.
أما الرئيس أوباما، فقد وجه بذلك رسالة إلى الرئيس الإيرانى الجديد حسن روحانى أن الإدارة الأمريكية التى لا تزال تلوح بعمل عسكرى ضد البرنامج النووى الإيراني، جادة أيضًا فى الوصول إلى حل تفاوضى لأزمة الملف الإيرانى.
واختـتمت الافتتاحية بقولها: إن هناك العديد من التشككات فى إمكانية حل الأزمة السورية، بما فى ذلك ما تعتزم الولايات المتحدة القيام به لدعم المعارضة السورية... والآن بما أن روسيا والولايات المتحدة قد وصلا إلى اتفاق، فلا يزال الجميع يعقد الآمال على أن يسفر هذا التعاون عن المضى قدما فى إطار تسوية سلمية شاملة للأزمة السورية.