رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الألعاب النارية.. قنابل موقوتة على الأرصفة

جريدة الدستور

ثاني أيام العيد، ابتاع «زياد عبدالعليم» 10 أعوام، أحد الألعاب النارية، من مكتبة قريبة من منزله بمدينة المنصورة في محافظ الدقهلية، وأشعل فيه عود ثقاب لكنه لم يشتعل أو هكذا خُيل له ذلك، فظل ممسكًا بالصاروخ وأشعل عودًا آخر من الثقاب، وقبل أن يلمسه انفجر فجأة في يده وتطايرت الدماء في كل مكان.

ذهبت والدته به إلى مستشفى قريب منزله؛ حتى يتم خياطة الجرح، فلم يدرك الطفل الضرر الذي وقعه لإصبعه سوى بعد أن ذهبت به والدته إلى المستشفي، أخذ الجرح ما يقرب من إسبوعين حتى يبدأ في الالتئام.

مئات الأطفال يكونوا كل عام ضحايا لتداول الألعاب النارية في الأسواق وعلى الإنترنت، رغم عدم قانونية هذا البيع، بسبب استخدام البعض بارود حيّ قابل للاشتعال في يد الأطفال، وتنوعت الإصابات بين بتر في أصابع اليد وحروق وإصابات جسيمة للعين.

"الدستور" قبل عيد الأضحى وهو موسم بيع وتداول هذه الألعاب تواصلت مع بعض ضحاياه، وقامت بجولة ميدانية لبعض المناطق التى تبيعها، لرصد أسعارها ومدى إقبال الأطفال والأمهات عليها، قبيل حلول العيد.

والدة «زياد» قالت كنت في المنزل، وسمعت صراخ ابني في الشارع، وعندما نظرت له من شرفة المنزل وجدت الدماء تسيل من يده بغزارة، فهبطت مسرعة عليه، وأخذته إلى الطوارئ، موضحة أن الصاروخ الذي انفجر وهو في يده أدى إلى انفجار إصبع يده الإبهام بالكامل، فحاول الطبيب خياطة ما يمكنه حتى تلتئم بقايا الإصبع مع بعضها وحصل على أدوية مضاد حيوي كثيرة.

استمر علاج إصبعه قرابة 4 شهور، ورغم مرور ما يقرب وقت طويل على هذه الواقعة إلا أن إصبعه لم يعد إلى طبيعته مرة ثانية، لاسيما أن شدة انفجار ذلك الصاروخ أدت إلى تقطع جلد الإصباع وإظهار العظم منه.

«مروة أبو العلا»، 16 عامًا، طالبة بالثانوية العامة، ابتاع شقيقها الصغير ألعاب نارية في العيد ليلعب بها مع أصدقائه في الشارع، وجذب انتباه الفتاه هذه الألعاب فقررت تجربيها لأول مرة في حياتها.

قالت مروة، كنت اشعل الصاروخ وهو أحد الألعاب التي ابتاعها شقيقي، فانفجرت خلال ثواني معدودة في يدي واشتعلت النيران في كف يدي، مضيفة: "بعد نصف ساعة كنت بالمشفي أعاني حرق من الدرجة الأولى، لكن أخي وأصدقائه لعبوا بها ولم يصبهم أي مكروه".

وتابعت شهرين كاملين لم استطع فيهم استخدام يدي، وفي الأسبوع الأول للحرق لم أكن استطيع النوم من شدة الألم، وظللت بعد انتهاء الحرق شهورًا عند أطباء التجميل في محاولة لتخفيف أثره الذي شوه يدي.

وجرم القانون بيع وتداول الألعاب النارية، فنصت المادة 102، فقرة (أ) من قانون العقوبات على أنه يعاقب بالسجن المؤبد كل من أحرز مفرقعات أو حازها أو صنعها أو استوردها قبل الحصول على ترخيص بذلك.

وتضمن قرار وزير الداخلية رقـم ( 1872 لسنة 2004) جدول المواد التي تعتبر في (حكم المفرقعات) ومنها البارود الأسود (الذي هو أساس صناعة الألعاب النارية)، والقطن الأسود، وثالث كلوريد النيتروجين، وغيرها من المواد التي تستخدم في صناعة الألعاب النارية.

حسين عبد الواحد، 35 عامًا، أحد ضحايا تلك الألعاب، والذي لم يتوقع أن يصل الأمر إلى بتر أصبع طفله، قال عندما كنت أشاهد منشورًا على الفيس بوك يحذر من الألعاب النارية، كنت أتجاهله ظنًا مني أنها مبالغة، لأنني عندما كنت صغيرًا كنت ألعب بها ولم يصبني أي مكروه، لكن في عيد الفطر الماضي تأكدت أنها ليست مبالغة.

وأوضح: "اشترى ابن خالتي من عند أحد الباعة بجوار منزلنا في مدينة السويس بعض الألعاب النارية أو صاروخ كما نطلق عليه، وأثناء محاولة الطفل اشعاله انفجر في يده وانفصلت عقلة من إصبعه"، وتابع ذهبنا إلى المستشفي ومعنا العقلة التي قُطعت واستطاع الأطباء خياطتها بالإصبع مرة ثانية لأنها كما قالوا لنا لم تفسد بعد.

واستطرد: "وأنا صغير لم أسمع عن هذه الحوادث، فجميعنا كنا نلعب بهذه الألعاب ولم يصيبنا أي مكروه، ولكن الآن أصبحت صناعة فاسدة لا تراعي أي معايير والدليل على ذلك الإصابات التي تحدث للأطفال بسبب فساد هذه الألعاب".

الدستور قامت بجولة ميدانية على بعض المحلات للبحث عن الألعاب النارية، وفي أحد محلات البقالة الصغيرة الواقعة في مدينة أجا بمحافظة الدقهلية، سألنا عن «صواريخ وبمب» العيد، ولم تتفاجىء البائعة بسؤالنا أو تحاول التهرب من الإجابة كما توقعنا نظرًا لمنع القانون تداوله، بل قالت أن الأسعار تبدأ من 2 جنيه وتصل إلى 20 جنيهًا للصواريخ الكبيرة الذي يوجد في فخار صغير.

وتابعت أن رمضان والعيدين مناسبة خاصة لشراء هذه الألعاب التي يتهافت الأطفال على شرائها، قائلة: "صلاة العيد وصوت الصواريخ هما العيد بالنسبة لكل الناس".

وعلى بعد عدة أمتار أخري من المحل الأول، وجدنا محل آخر لا تتعدى مساحته 3 أمتار وضع صواريخ العيد على فرشة أمام المحل، وقال صاحب المحل فرشت البضاعة اليوم استعدادًا للعيد، موضحًا أن الألعاب النارية من أساسيات العيد لذا يحرص دائمًا على شرائها.