رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة أمريكية: المصريات الأكثر عنفًا.. والقومي للمرأة: "كذب"

جريدة الدستور

في الوقت الذي تحارب فيه مراكز حقوق المرأة للقضاء على أشكال العنف ضدها، تأتي دراسة صادرة من الأمم المتحدة لتقلب الآية رأسًا على عقب بعد إشارتها إلى أن النساء المصريات هن الأكثر عنفًا ضد أزواجهن محتلين بذلك المركز الأول عالميًا.

الدراسة الصادرة عن مركز الجرائم التابع للأمم المتحدة تؤكد أن المرأة المصرية تعتدي على زوجها بنسبة ٢٨٪ تليها الأمريكية بـ 23% ثم البريطانية بنسبة 17%.

مما دفع "الدستور" للتحقق من صحة هذه الدراسة من خلال بيانات ووقائع على أرض الواقع، وكذلك من خلال التواصل مع بعض الخبراء بشئون المرأة المصرية.

"تحترم الرجل"
البداية كانت مع الدكتورة هالة فوزي رئيس مجلس إدارة جمعية سيدات أعمال المستقبل التي استنكرت بشدة هذه الدراسة موضحة أن المرأة المصرية هي الأكثر ارتباطًا، وانتماءً للأسرة مهما بلغ مستواها التعليمي والثقافي كما أن المرأة المصرية هى أكثر النساء التزامًا بالعادات الشرقية الأصيلة التي تقدس وتحترم الرجل، وتؤكد "فوزي" على أن مثل هذه الدراسات التي لا دليل علمي، ودقيق على صحتها هي في الغالب دراسات مغرضة، ومقصودة من شأنها إهانة المرأة المصرية، والتقليل من شأنها بين صفوف نساء العالم.

إلا أنه بالبحث وجدت "الدستور" بعض الحالات للأزواج الذين تعرضوا بالفعل لأشكال من العنف على يد زوجاتهم، فكان من بينهم ع.ك 40 عامًا نقاش، الذي يوضح أن زوجته تمتلك شخصية قوية بشكل كبيرنظرًا لعملها بمهنة الجزارة منذ الصغر، لذا فهي توبخ وتعنف كل من يخالفها الرأي، بل وأحيانًا تلجأ للضرب، والإهانة له ولغيره، ولكنه يوضح أن ما يصبره على معاشرة هذه الزوجة حادة الطباع أن بينهما أطفال، وأنها في كثيرًا من الأحيان هي من ينفق على البيت ويتحمل مصروفاته لأنه يعمل بمهنة موسمية غير ثابتة الراتب.

دكتورة سناء السعيد عضو المجلس القومي للمرأة تقول: "كيف يمكن أن نعتبر هذه الدراسة حقيقية، ونحن بالمجلس القومي للمرأة يورد إلينا العديد من الشكاوى التي تمثل كافة أشكال العنف الذي تتعرض إليه المرأة، لذا فنحن نعمل جاهدين لوقف هذا العنف الموجه لها وننظم ندوات ومؤتمرات من أجل تحقيق هذا، كما أطلقنا بعض الحملات بهدف تقليل هذا العنف مثل حملة "لأني راجل"، والتي من شأنها توعية الرجال بكيفية تعاملهم مع المرأة".

وبالفعل كما ذكرت "سناء" تراجعت معدلات عنف الرجال ضد النساء نتيجة لهذه الحملات والتوعيات المستمرة، مشيرة إلى أنه أبدًا لم تتحول المرأة لتصبح هى المتهمة بكونها الأكثرعنفًا كما ذكرت هذه الدراسة، لذا شككت السعيد في صحة هذه الإحصائية، ومدى دقتها وطالبت بعدم الاعتداد بها، وتضيف أنه لا يمكن اعتبار بعض الحالات الفردية لعنف النساء ضد أزواجهن بأنها ظاهرة مجتمعية.

"فقدت كرامتي"
"أحببت زوجتي، ولم أكن أعلم أنني سأدفع أمام هذا فقدانًا لكرامتي، وشخصيتي أمام أولادي" اعترافات أخرى لأحد الأزواج المعنفين من قبل زوجاتهم وهو ح.م 35 عامًا مهندس حاسبات، والذي أقر أنه ببداية الزواج كان ملبيًا لكافة رغبات زوجته اعتقادًا منه أن ذلك دليلًا لها على حبه، حتى ازداد تسلطها وتزايدت طلباتها بمرور الوقت والسنوات، والتي بات معظمها مستحيلًا، كما وصل الأمر إلى تعديها عليه بالسباب، والقذف أمام أولادهما في حال عدم تلبيته لتلك الطلبات، وبأحد المرات كما وصف تعدت عليه بالضرب بأحد أدوات المطبخ، ما دفعه لهجر للبيت لعدة أيام، مؤكدًا أنه لا يجرؤ على ضربها نظرًا لتهديد عائلاتها له بعدم المساس بها فهم أقوياء، ولا يجرؤ على مواجهتهم، كما أنه يخشى تطليق هذه الزوجة حتى لا يتشتت أطفاله.

مدحت راشد مدير عام المتابعة، والتقييم بالمجلس القومي للمرأة، يرى أنه ليس من المنطقى أن نطلق على هذه الوقائع لفظ الظاهرة، ولا ينبغي أن نعطي لبعض هذه الحالات حجم أكبر من حجمها، مؤكدًا على أن العكس هو الصحيح فالمرأة هي التي مازالت تعاني من العنف من المجتمع بكافة طوائفه على الرغم من الجهود المبذولة للقضاء عليه من قبل الجهات المعنية.

"ضربتني"
من الحالات التي كشفتها "الدستور" تظهر مدى العنف الذي وصلت إليه بعض الزوجات في حق أزواجهم كانت حالة الزوج ع.ق 45 موظف حكومي يقول "لجأت للقضاء لاستعادة حقوقي من زوجتي"، موضحًا أن غلطة حياته بحسب رأيه أنه تزوج ببيت تمتلكه زوجته، لذا فهو تعرض كثيرًا للطرد والإهانة على يد هذه الزوجة لكونها كانت دائمًا بموقع القوة، وبكل مرة كان يعود إليها بفضل جهود الصلح التي تتم على يد الأهل والجيران إلى أن جاءت المرة الأخيرة التي شب بينهما خلاف، وعلى إثره تهجمت عليه هذه الزوجة بأحد الآلات الحادة التي أحدثت جروحًا بعضها غائر بمناطق متفرقة من جسده مما دفعه إلى تطليقها، وقيامه بتحرير محضر ضدها يثبت فيه ما جرى من اعتداءات بحقه.

الشيخ أحمد الترك أحد علماء الأزهر الشريف، ينفى تمامًا أن تكون مثل هذه الدراسة معبرة عن الواقع الذي عليه الزوجات المصريات مرجحًا أن يكون الدافع وراء إعلان مثل هذه الدراسات المغلوطة هو أمور سياسية موجهه بالدرجة الأولى، ويشير إلى ضرورة عدم الالتفات لمثل هذه الدراسات التي من شأنها زعزعة الأمن المجتمعي بين فئاته.

"تناقضات"
وكانت إحصائية حديثة صادرة عن محاكم الأسرة أكدت أن 66% من الزوجات اللاتى يعتدين على أزواجهن بالضرب يتقدمن بطلبات طلاق وخلع للخلاص من هؤﻻء اﻷزواج الذين لم يجدوا أمامهم سبيلا آخر للرد على العنف الذى تعرضوا له على أيدى زوجاتهم سوى اللجوء إلى انذارات الطاعة ودعاوى نشوز والتى بلغت - بحسب اﻹحصائية - ٦ آلاف دعوى.

وتؤكد هذه الإحصائية أيضًا أن من الأساليب واﻷدوات التى تستخدمها الزوجات فى ضرب أزواجهن هي"الحزام واﻷسلحة البيضاء وأدوات المنزل والحذاء واليد وأحيانا يلجئن للعض ووضع الحبوب المنومة لأزواجهن.

وبالتناقض مع تلك الدراسة أصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2017، احصائية تشير إلى أن 42.5% من النساء يتعرضن للعنف من قبل أزواجهن، كما أن 14.5% من السيدات يتعرضن للعنف الجنسى، ونتيجة لهذا فهناك 86% من النساء اللاتى تتعرض للعنف يعانين من مشاكل نفسية.

وأمام هذه الدراسات والإحصائيات المتناقضة يبقى السؤال هل اتجهت المرأة إلى العنف لاسترداد حقوقها، أم أنها مازالت هي الطرف المقهور عنفًا بالمجتمع؟