رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تدنيس آيات الله».. حجاج يروون وقائع تحريف المصاحف بالحرم المكي

جريدة الدستور



أثناء أدائها مناسك الحج، وبالصدفة اكتشفت «خديجة أحمد» 56 عامًا، ربة منزل، خاتمة للقرآن وتحفظ آياته عن ظهر قلب، خطأ جسيمًا بأحد المصاحف التي وُضعت بالمسجد الحرام عندما أرادت القراءة.

تمثل الخطأ في وضع فتحة على لفظ الجلالة بالآية رقم 11 في سورة لقمان وقراءتها الصحيحة هي (هَذَا خلقُ اللهِ فَأَرُونىِ مَاذَا خَلقَ الَذِينَ من دُونِهِ بَل الظَالمونَ فِى ضلالٍ مُبينٍ)، صُدمت وأبلغت إدارة المسجد، والتي أخبرتها بدورها أنها تقوم كل فترة بضبط تلك المصاحف المحرفة بالمسجد الحرام.

الأمر ليس فرديًا أو حدث مرة واحدة، ولكن تكرر كثيرًا خلال العام السابق والحالي كثيرًا، حيث تقوم كل فترة إدارة المسجد بضبط العديد منهم، حيث كشفت مؤخرًا أن إدارة المصاحف والكتب، سحبت نحو 9000 نسخة من المصاحف غير المعتمدة، بشكل يومي خلال موسمي رمضان والحج.

وأوضحت الرئاسة، أنها توفر أكثر من مليون مصحف طبعت بمجمع الملك فهد، في حين أن بعض زوار وقاصدي المسجد الحرام، يدخلون نسخًا غير مدققة من المصاحف، تتقدم فيها بعض الآيات أو تتأخر أو يكون مفقود منها بعض الآيات، أو بعض الصفحات، بحسب صحيفة "عكاظ" السعودية.

تصف «خديجة» الأمر بالجسيم، مؤكدة أن هذا الخطأ المشبوه يجعل المولى عز وجل مخلوقًا وليس خالقًا، منوهة أنّ هذا الأمر يستلزم تدخل قوي من السلطات السعودية لمواجهته، وملاحقة المتسبب في هذا العبث بكتاب الله.

«خديجة» ليست الوحيدة التي وقعت ضحية شراء مصاحف محرفة، فهناك كثير من الحجاج وقعوا ضحية ضحية أيضًا بنفس الأزمة، من بينهم «عباس أمين»، 45 عامًا، أحد الحجاج، الذس التقته "الدستور" ليؤكد أنه وجدها بالصدفة أثناء صلاته للفجر في الحرم المكي.

يقول: «كل عام أسافر لتأدية فريضة الحج، وكل عام تقابلني مصاحف محرفة، إما في حذف بعض السور والآيات، أو حروف تُغيّر المعنى بأكمله، وهو الأمر الذي تحاول إدارة المسجد السيطرة عليه كل فترة بعمل ضبطيات مراقبة».

ويضيف أمين: «أغلب المصاحف في المساجد سورية منذ زمن ليس بالقليل، فربما يجلبها الحجاج من موطنهم بهدف التبرع، لكن إدارة المسجد حين أخبرتها قامت بالتحفظ على جميع النسخ المحرفة ومراجعتها».

مدرس بإحدى المدارس الأزهرية: وجدت صفحة كاملة تم حذفها

«لولا أن أنعم الله علي بدراسة القرآن الكريم، وحفظه من خلال دراستي الأزهرية لما اكتشفت تلك الأخطاء الجسيمة التي وجدتها عدة مرات بمصاحف وزعت، وبيعت بالحرم المكي" كلمات علي أحمد، 40 عامًا، مدرس بإحدى المدارس الأزهرية، والذي يروي أنه في إحدى المرات منذ عامين أثناء تأديته العمرة، قام بشراء أحد المصاحف التي تباع بالمملكة ليهديها إلى ذويه عند العودة، وأثناء قراءته لأحد هذه النسخ وجد صفحة كاملة من سورة "آل عمران" حذفت بشكل كامل.

إدارة المصاحف والكتب: نسحب 9 آلاف مصحف محرف يوميًا

وأكد مدير إدارة المصاحف والكتب، ورئيس شئون المسجد الحرام والمسجد النبوي في السعودية خالد بن محمد الحارثي، أنّ إدارة المصاحف والكتب بالمسجد الحرام، تسحب نحو 9 آلاف مصحف يوميًا، وأغلبها طباعة سورية، يوجد بها أخطاء في الطباعة من دواليب المصاحف بالمسجد الحرام.

وتابع في بيان رسمي، "لدينا 4 ورديات تعمل على مدار 24 ساعة، فيها أكثر من 70 موظفًا و140 عاملًا، يقومون بترتيب وإعادة المصاحف داخل الدواليب وفرزها، ووصل عدد النسخ غير المعتمدة إلى 100 كرتونة يوميًا، وكل كرتونة تحتوي من 80 إلى 90 مصحفًا».

عضو مجمع البحوث الإسلامية: الأمر بالغ الخطورة

الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية المصري، ورئيس الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان، يقول إن الأمر بالغ الخطورة وتعد صارخ على كل المفاهيم الإسلامية.
ويتابع «الجندي»: «المصاحف المحرفة، ظهرت في أكثر بقاع الأرض قداسة، وأثناء خامس الشعائر الإسلامية وهو الحج الذي يتجمع به المسلمون من كل حدب وصوب»، مؤكدًا أنّ التحريف بنسخ المصاحف في الأراضي المقدسة يمثل خطة ومؤامرة.

ويرجع ذلك عضو مجمع البحوث الإسلامية المصري إلى بعض الجماعات التي تستهدف بشكل أكبر الحجاج غير العرب، فهم العدد الأكثر من نظرائهم العرب، وذلك لعدم إتقانهم الجيد لكل قواعد اللغة العربية، ما يجعلهم فريسة سهلة لفهم القرآن الكريم بشكل مغالط ومخالف للحقيقة.

ومواجهة لهذا، يرى «الشحات» ضرورة تنبّه السلطات السعودية لذلك الأمر، بتوجيه الحجيج بعدم القراءة في أي من المصاحف سوى التي يتم توزيعها من قبل الجهات المسئولة بالمملكة.

ووجه عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى ضرورة وجود جماعات تتبع السلطات السعوية مباشرة تعمل على توزيع المصاحف على الحجاج؛ ضمانًا لعدم وصول تلك المصاحف المحرّفة إليهم، وفي الوقت نفسه تتم ملاحقة الجماعات المسؤولة عن توزيع تلك المصاحف، وتطبيق أقسى العقوبات القانونية عليهم.

أمين عام مجمع البحوث: حالات التحريف ليست بالأعداد الكبيرة

وعلى النقيض، يرى الدكتور نظير محمد عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بمصر، أن حالات التحريف بالمصاحف بالسعودية ليست بالأعداد الكبيرة، لأن غالبية المصاحف الموجودة بالحرم المدني والمكي يتم طباعتها تحت إشراف مطابع الملك فهد.

ويوضح أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، أن طباعة المصاحف تخضع للرقابة والتدقيق الشديدين، منوهًا إلى أنّ ضرورة الإبلاغ عن وجود أي من أشكال التحريف أو الأخطاء بالمصاحف التي يتم طباعتها بمطابع خارج البلاد.

وفي تصريح سابق له كشف وكيل وزارة الشئون الإسلامية لشئون المطبوعات والبحث العلمي، الدكتور مساعد الحديثي، أن المصاحف التي وجدت بأخطاء طباعية فادحة تباع مطبوعة أو مصورة في مطابع سورية أو لبنان، مضيفًا أنها تُباع بأسعار زهيدة لذا يلجأ إليها بعض الأشخاص الذين يبحوث عن شراء المصحف الأرخص.