رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ليلة دامية».. شهادات خاصة تكشف سر السيارة الملاكي المتسببة في حادث معهد الأورام (صور)

جريدة الدستور

نادية عبدالباري - ميرفت فهمي - أريج الجيار - سمر محمدين - سمر مدحت

شهود عيان: «سيارة ملاكي توقفت بشكل مفاجىء سبب الحادث»
مرضى المعهد: «الانفجار أشبه بيوم القيامة.. ومصعد المستشفى سقط بنا»
ضحايا معهد ناصر: «سيارة ملاكي توقفت فجأة هي سبب الانفجار»



كانت ليلة هادئة على الجميع هُنا، الأطفال أرهقهم المرض وجلسات العلاج طوال النهار فخلدوا إلى النوم سريعًا، وذويهم في منازلهم مطمئنين عليهم، والروتين اليومي لم يكسر حدته شيء، سوى صوت ضخم لم يفسره أحد.

دقائق قليلة، وبدأ صياح الأطفال يرتفع، والنيران تشتغل من الخارج، وتطول سور معهد الأورام القومي بمنطقة فم الخليج، سيارات إسعاف تعج المكان وتحمل الأطفال المفزوعين لترحيلهم إلى مكان آخر أكثر آمانًا في المستشفيات التي فتحت ذراعيها إليهم.

داخل سيارات الإسعاف نقل الأطفال إلى مستشفيات المنيرة، معهد ناصر، هارمل، لحمايتهم وتلقى الإسعافات الأولية، إثر ذلك الانفجار الذي طال المعهد ليلًا، وتضاربت الأقاويل حول كونه بالدخل أو الخارج فأصابت مواطنون وذلك في الساعات الأولى من الحادث.

إلا أن بيانًا رسميًا لوزارة الداخلية قالت إن الفحص المبدئي لحادث الانفجار، أشار إلى أن السيارة كان بداخلها كمية من المتفجرات، كان يتم نقلها لأحد الأماكن، أو استخدامها لتنفيذ أعمال إرهابية.

تلك السيارة التي قال عنها شهود العيان أنها توقفت فجاءة أمام سيارتان ميكروباص كانت تحمل أهالي إلى أحد الأفراح الشعبية، واتفقت جميع الشهادات على أن توقفها فجاءة كان مثير للريبة، دون أن تعطي أي إشارات.

"الدستور" كانت هنا في جميع المستشفيات التي نقل إليها الضحايا من الأطفال والمواطنين وأمام المعهد، فأسباب الانفجار كلها تلّخصت في تلك السيارة التي توقفت بشكل مفاجىء، والتي رجحت أنه عمل إرهابي مقصود.
ضحايا معهد ناصر: «سيارة ملاكي توقفت فجأة هي سبب الانفجار»

لا صوت هنا سوى البكاء والصريخ، أهالي الضحايا ارتموا على أرصفة المعهد، منتظرين مصير ذويهم بالداخل، لاسيما الأمهات اللآتي بدأن النحيب مبكرًا قلقًا على أبنائهم بالداخل.

"مشوفتش بنتي يا أحمد"، صوت شق كل هذا النحيب وارتفع لسيدة فقدت ابنتها فى ذلك الانفجار المروع، ولم نجدها هي أو جثتها على الأقل، فظلت تطوف محيط المعهد علّها تجد إجابة دون جدوى.

المشهد كما تصفه تلك السيدة، التي كانت تمرق بالصدفة بجانب الحادث برفقة ابنتها وشقيقها، هو اصطدام عنيف وقع بين سيارة ملاكي توقفت بشكل مفاجئ أمام سيارتين ميكروباص، ومن شدة الدفع انفجرت وحدث صوت ارتطادم عنيف بين ثلاثتهما.

تضيف: "الدخان والنيران ملأت المكان في دقائق معدودة، لم استطيع رؤية أحد سوى ابني يجذبني بعيدًا عن موقع الحادث، وأنا أصرخ باحثة عن ابنتي".

لم تجد السيدة ابنتها أو جثتها، فدهبت إلى معهد ناصر علّها تجد إجابة شافية عن أين ذهبت ابنتها إلا أنها حتى الآن لم تصل إلى شيء سوى النحيب.

مصطفي محمد، 25 عامًا، شقيق متوفي في حادث انفجار معهد الأورام، وأحد شهود العيان الذين كان متواجدًا داخل السيارة الميكروباص وقت الاصطدام بالملاكي.

روايته أيدت ما قالته السيدة، وهو وقوف السيارة ملاكي تشبه العربات المصفحة بشكل مفاجئ أمام إثنان من الميكروباص دون إنذار أو تنبيه، ما أدى إلى ارتطامهما بعنف بها وانفجر الملاكي عقب ذلك، وتفحم كل من في الميكروباص.

شقيقه كان أحد المتوفين، يقول باكيًا: "أخي لفظ أنفاسه الأخيرة على الرصيف بعدما تفحمت جثته، وقبيل أن تأتي سيارة الإسعاف، والنيران كانت تحيط المنطقة ووصلت إلى معهد الأورام، وعلمنا ذلك من صراخ الأطفال بالداخل".

على الرصيف المقابل، كانت هناك سيدة تنتحب من شدة البكاء والألم، هم أم فقدت ابنها 26 عامًا وزوجته وحفيدتها دفعة واحدة، وكانت في الميكروباص الذي اصطدم بالسيارة الملاكي.

تقول:"جثة ابني وزوجته تفحمت تمامًا أمام عيني في مشهد مروع، لكن أحفادي لم أجدهم إلى الآن، ربنا يكونوا تاهئون أو في عداد الموتى".

ألقت السيدة باللوم على السيارة الملاكي، لكونها السبب فيما حدث بحسب ما شاهدته، أو ربما لأنها توقفت بشكل مفاجئ أمام سيارات الميكروباص دون إنذار لتنفجر في دقائق معدودة قبل أن يستوعب أحد السبب.
تقول: "مش لاقية أحفادي وابني ومراته ماتوا، وفرحتهم بشبابهم راحت، ولا فيه جثث ندفنها ولا حد يقولنا عيالنا ماتوا ليه وراحوا فين".

اختلط حديثها بصوت آخر ارتفع، لأحد الضحايا والتي لم تكن تجد شقيقها أو جثته والذي يدعى «طاهر» وهو الد العروس في الفرح السالف ذكره، توضح السيدة أن اليوم كان عرس ابنته الوحيدة إلا أنه لم يستطع استكمال فرحته.

تفحمت جثته ابنته العروس، واختفت جثته هو الآخر، فلم تجد السيدة شيء تفعله سوى الانتظار على الرصيف أمام المعهد، علّها تجد أحد الجثتين، موضحة أن الميكروباص تفحم تمامًا ولم ينج منه سوى أفراد قليلون.

ليس ذلك فحسب، بل أن شهادتها الأفزع كانت بأن بعض الجثث سقطت في النيل، لكونهما كانوا على كورنيش النيل القريب من معهد الأورام.

من داخل المعهد.. ماذا حدث في الليلة الدامية؟

رافق أحمد أحسن، ثلاثيني، شقيقه محمد إلى معهد الأورام بالمنيل، بعدما أتى دوره في اجراء عملية جراحية خاصة بالأورام، عقب شهور من الانتظار في القائمة، فهو يحتاج إلى عملية استئصال ورم لكونه مريض سرطان كلى.

أجرى شقيقه العملية، وعقب مرور ساعتين عليها، سمع صوت دوي انفجار ضخم، يقول: "اعتقدنا أنه زلزال وانفجارات، لكن الحوائط تصدعت وسقطت، والسلالم اتكسرت، والسراير تطايرت، الجميع هرول متجهًا للخروج من المعهد، محاولًة للنجاة من الموت".

تابع أحمد: "في مشهد مهيب وقف جميع أطباء المعهد يساعدونا على الخروج منه، ومحاولة تأمين وصولنا إلى الإسعاف لنقلنا إلى مستشفيات أخرى، تضحية أطباء المعهد بأنفسهم من أجل مرضى المعهد كانت واضحة، فعملوا على تهدئة الوضع واستيعاب الموقف والتعامل معه بكل مهنية وعطف ورحمة على المرضى وذويهم".

خالد محمود، مريض ورم الكلى، كان متواجدًا في معهد الأورام أبان الحادث، يقول: "كنت لسه خارج من العملية، وكنت مرهق ومتعب للغاية، وما أن غفوت شعرت بهزة شديدة واعتقدت في بادئ الأمر أنها زلزال، ولكن علمت بعدها من الجميع أنه حادث انفجار، وطلبت من أخويا ووالدي أنهم يتركوني وينجوا بنفسهم؛ أنا كدة كدة ميت".

استند المريض على شقيقه وبمعاونة بعض المسعفين والأطباء، استطاعوا نقله إلى عربة الإسعاف التي انتظرت المرضى بالخارج، وإجراء الاسعافات الأولية له، لاسيما أن الأدخنة غطت محيط المعهد.

أما نادية حسن، والدة أحد أطفال الأورام بالمعهد تبلغ 11 عامًا، ابنتها معزولة في غرفة خاصة، تجنبًا لعدم تعرضها لأي مكروب قد يؤدي بحياتها، لكونها مريضة سرطان دم، وبحسب الطبيب المعالج لها أمر بإجراء عملية لها، وبالفعل قاموا بإجراءها هنا في المعهد منذ أيام قليلة.

تروي والدة الفتاة رحلة أسرة الطفلة مع المرض والحادث، تقول أتينا من البدرشين إلى هنا، اكتشفنا أن بنتي مريضة بسرطان الدم في آوائل شهر يوليو، ومستشفى أبو الريش نقلتنا على المعهد.

وصفت الأم يوم الحدث بالمشؤوم، وقالت: "شاهدنا زجاج الشبابيك بيتكسر، والكل بيجري، لم يكن هناك أي نظام، نصحونا أننا نترك المعهد، وأخذت ابنتي وما استطيع حمله معي وفعلنا كما يفعل الجميع، وتوجهنا إلى الشارع سريعًا؛ لأن الجميع كان يقول أن من الممكن وقوع حادث انفجار آخر".

أضافت: "الوصول إلى الشارع لم يكن سهل إطلاقًا، كان هناك تدافع قوي، وخوفي الأكبر كان على ابنتي، احتضنتها بشدة خوفًا عليها من التدافع، بعدها تلقينا اتصال تليفوني من الطبيب المعالج لها يأمرنا بسرعة التوجه إلى مستشفى هيرمل دار السلاك".

شيماء سعيد، 30 عامًا، كانت مرافقة لوالدتها المصابة بسرطان الدم، في معهد الأورام خلال تلك الليلة، تذكر أنه وقت وقوع الانفجار كانت والدتها، تتلقى جرعة من الكيماوي، لكن أمر مسؤول الدور بفصل كل المحاليل عن المرضى ومرافقتهم الى الخارج بشكل مفاجىء.

هنا نزلت "شيماء" بمصاحبة والدتها، لكن لسرعتها تعثرت على درجات السلم؛ ما أدى الى تمزيق ثيابها ولكن لم تستطع العودة لأخذ اَي شي من متعلقاتها، حتى وقعت مغشية عليها، مؤكدة أن آخر مشهد تذكره من داخل المستشفى هو حمل والدتها بمساعدة التمريض، بعد سقوط المصعد الكهربي ما أصابها بحالة انهيار تام لكن تصالبت لمساعدة أمها.

"شعرنا وكأننا في الحلم، كأن المبنى كان بيتهد علينا"، تقولها والدة الطفلة سلمى، أحد أطفال معهد الأورام، والتي تعاني من سرطان الدم، وتبلغ من العمر 5 أعوام، تقول الأم: " قطعنا المسافة من الإسماعيلية للقاهرة، عشان نموت هنا في انفجار".

الطفلة وقت الحادث، وهرولة الجميع، كانت مضطربة وتسأل والدتها عما يحدث لها، بداية من المرض نهاية ببراثن الموت التي كانت تحيط بها في تلك اللحظة، إلا أن الأم لم تجد إجابة على جميع تساؤلاتها.

تابعت الأم: "جميع من في المعهد طلب منا سرعة المغادرة؛ لأن الوضع كان مفزع في الداخل، كل شئ تحطم حولنا، شاهدنا المصابين والجرحى، الموت كان علة مقربة مننا، فقط أنقذتنا العناية اللإلهية، وعندما تركنا المعهد، لم يكن الوضع أحسن، كان التواجد الأمني مكثف، وقدموا المساعدة لنا، وأخبرناهم أن علاجنا في مستشفى هيرمن ونقلونا إليها".
قنديل.. حكاية كفيف رفض الخروج من المعهد فحمله الأطباء

محمد قنديل، أحد الحالات القديمة بالمعهد، والمتواجد به من عام 2008، بعد إصابته بورم في الرقبة، كلفه الأمر خضوعه لثمانية عمليات جراحية كان آخرها ليلة الحادث.

يروي الرجل الستيني، الذي يعمل إمامًا بمسجد بالبدرشين جنوب الجيزة، أنه كان يخضع لعملية بزل في الطابق الثالث من المعهد، وأثناء ذلك سقط عليه أجزاء متناثرة من النوافذ المطلة على السلم، وحينما دخل غرفته واستقر فيها فوجئ بطاقم الأطباء والممرضين يأمرهم باخلاء الجناح.

رفض الرجل الخروج فهو يعتبر هذا المبنى بيته، طالما قضى فيه أوقات طويلة، وأخذ من المرضى والطاقم الطبي عائلة كبيرة له، لاسيما بعد أن هجره أولاده للعمل بالخارج.

محمد فاقد بصره لكن لإصراره وبكاءه رفضًا للنزول؛ حمله الطبيب على كتفه، يذكر وهو يجهش بالبكاء انه ألح على الدكتور خالد تركه مرددًا: "أنا كده كده ميت"، فهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الموت بعينيه.

مريض بالمعهد تنفجر أكياس الدم في وجهه وقت الحادث
قصة "عماد السعداوي" كانت الأصعب، لكونه شقيق أحد مرضى الأورام بالمعهد الذي يعاني من سرطان القولون، ووقت الحادث كان يقوم بتركيب بعض أكياس الدم له، إلا أنها من شدة الحادث انفجرت في وجهه.

يقول: "وقت الحادث كنت بعلقله بعض المحاليل والأدوية، واذا بالأكياس تنفجر في وجهي من قوة الانفجار، الشبابيك تحطمت من حولنا، وجدت نفسي احمله واهرب به لأي مكان آمن بعيد عن كل هذه الفوضى".

قصة رشا.. عاملة بالأورام تلملم حاجات المرضى بعد الانفجار

"رشا محمود"، 27 عامًا، أحد العاملات في مطبخ معهد الأورام، وشاهدة عيان على تلك الليلة الصعبة، تقول أن معظم حالات المرضى من الأطفال، الذين يخضعون للعلاج الجراحي أو الكيماوي، لا بد أن يتواجدوا لفترات طويلة في المستشفى، فيحضر المرضى وذويهم من المرافقين ومعهم كل أمتعتهم من الملبس والمتعلقات الشخصية.

تضيف: "لكن بعد أن فزع المقيمين داخل المعهد الأورام بالأمس على صوت انفجار هائل تصدعت على إثره حوائط ونوافذ الغرف والأجنحة الخاصة بالعلاج والعزل، خرجوا جميعًا بتعليمات من الأطباء والممرضين ليصبح المبنى، خاليًا في أقل وقت حفاظًا على أمنهم الشخصي".

المفزع في الأمر، أن الجميع خرج مسرعًا غير عابء بالمتعلقات الشخصية لهم، لذا حرصت رشا على أن ن تحضر في بداية فجر اليوم؛ لتقوم بجمع ما تبقى قدر المستطاع، موضحة أنها علمت بما حدث وهرولت من بلدتها بنها إلى المعهد سريعًا، رغم أنها كانت أحدى الممرضات المقيمات داخل المستشفى بصفة مستمرة.

أتت "رشا " من منطقة "إمبابة" التابع لمحافظة الجيزة لجمع المتعلقات الخاصة بأطفال الأورام، وجدت بعض الخزانات تحطمت على ما فيها؛ نتيجة سقوط أجزاء من الحوائط عليها، لكنها حاولت أن تحصل على أكبر قدر لتذهب بِه الى معهد دار السلام للأورام، ومعهد ناصر بمساعدة زملائها وإعطائهم حاجاتهم.

تحاول "رشا" جاهدة أن تقوم بعملها رغم تلك الظروف، لاسيما أنها علمت بوفاه "محمود" عامل في المصعد، إلا أنها تركت كل آلامها خلفها كي تستطيع تأديه واجبها تجاه المرضى والمصابين من الأطفال والمواطنين.
مسعفي القصر العيني: "المشهد مروع والجثث ملقاه على الأرض"
شدة الحادث لم تقف عند أسوار معهد الأورام، ولكن وصلت سريعًا إلى القصر العيني الفرنساوي، والذي تم نقل بعض الضحايا إليه، وسجل المسعفون والأطباء ملحمة خاصة في إنقاذ المرضى.

مصطفى فارس، أحد مسعفي مستشفى القصر العيني، يقول أن الحادث كان صعب للغاية، وحدث فجأة وتطور الانفجار بشكل سريع، ما صعب عليهم عملهم في تلك اللحظة العصيبة، وحاولوا إنقاذ الضحايا بقدر المستطاع.

يقول: "الحادث بدأ بإن أجهزة الطوارئ وانذارات اللاسلكي رنت كلها في وقت واحد، عرفنا إن فيه حادث طوارئ، وكنا في العربيات فورًا وتم توجيهنا ناحية معهد أورام المنيل، وتفاجئنا بالمنظر، جثث علي الأرض والأهالي والمواطنين يحاولون إطفار الحريق ولم تصل المطافئ إلا بعد تلت ساعة".

وتابع "فارس"، من المفترض أن تكون المطافئ في الحادث قبل المسعف؛ كي تمهد الطريق له وتساعده، لكن الأهالي قاموا بدور كبير، مضيفًا: "كنا بنشيل أعضاء من غير جثث، لأن أول ما وصلت وجدت نار في كل مكان أمام المعهد وعربيات متفجرة، وما زاد الأزمة أن لا أحد يعلم ماذا حدث، لكننا تعلمان من الموقف ونقلنا الجثث والمصابين إلى معهد ناصر".

وأردف "فارس" أكثر المواقف التي لن تغيب عني، طفلة 13 عامًا، تبكي أرضًا وتنادي بصراخ شديد "أمي فين"؟، وكان حولها عدد من المواطنين تأثروا بندائها، وكان هو وزميله في اتجاههم للإسعاف حاملين أحد المصابين في حالة خطيرة.

يوضح: "لكن نداء الطفلة ما زال يتردد، والله أعلم هي والدتها أصيبت في الحادث ولا تاهوا عن بعض، وحال المصابين كان مؤلم من شدة الخوف وآلام الجرح الذي أصابهم والجميع أكد أن الحادث بسبب تصادم شديد لسيارة عكس الإتجاه مع عدة سيارات أخري".

«رامي عبدالخالق»، 30 عامًا، أحد مسعفين القصر العيني، والذي كانت نبطشيته في تلك اللية الدامية بالمستشفى، وهرول سريعًا إليها بمجرد أن أتى إخطار لهم يقول: «المشهد كان مروع والأدخنة تحيط المكان من كل جانب».
أصعب ما مر عليه خلال تلك اللحظات، حين سمع صراخ بعض الأمهات تقول أن هناك أطفال وضحايا سقطت جثثهم في النيل، إلا أنه تأكد برفقة زملاؤه بعدم صحة ما قيل، مضيفًا: «جينا ملقناش جثث كنا بنشيل أشلاء وأعضاء الناس بس».

يوضح أنه رافق أحد المصابين، والذي كان نصفه الأيمن شبه متفحم إلى مستشفى القصر العيني، وعلى أعتابها لفظ أنفاسه الأخيرة، ومعظم الضحايا من المواطنون لفظوا أنفاسهم الأخيرة، وقليل منهم شفا من إصابته وبقى على قيد الحياه.

«راجي.ع»، مسعف آخر بالقصر العيني، قال أن هناك 60 سيارة إسعاف تحركت فور الحادث، لنقل المصابين، وتم نقل 15 متوفيًا إلى المشرحة، وحوالي 19 من المصابين وحوالي 30 مصابًا من معهد الاورام، موضحًا أن جميع رجال الإسعاف منذ حادث أمس إلي اليوم في عمل دائم واستعداد كامل لنقل الضحايا والمصابين.

أماني محمد، أحد أفراد طاقم تمريض الطوارئ بمستشفى القصر العيني الفرنساوي، تقول إنهم حاولوا منع الأذى والضرر عن المصابين وخاصة الحالات الحرجة، ولكن البعض منهم لم يستطيعوا إنقاذهم وتوفوا فور وصولهم، وأنه تم مد المستشفى بعدد من الأسرة وأطقم التمريض والدكاترة لإستيعاب عدد المصابين.

وأوضحت محمد، أن هناك بعض الأهالي، حتى الآن لم تعرف هل أقاربهم من المصابين أم المتوفيين؟، باحثين عنهم بين أشلاء الجثث، وعند إبلاغهم بالحادث المريع قاموا بحالة الاستعدادات القصوى والتأهب، وطاقم التمريض في الشيفت المسائي قام بإنقاذ أكبر عدد ممكن، وبدأ طاقم التمريض بإسعاف الناس بمساعدة الأطباء وقاموا بتهدئة الأهالى وزويهم واسعاف الحالات.

وأشارت، إلى أن الممرضين والأطباء في الشيفت المسائى تظهر على وجوههم ملامح التعب والأرق من النباطشية التي استقبلت فيها المصابين والحالات الحرجة وأهالي المرضى بعد الحادث المروع التى شهده معهد الأورام بالمنيل، قائلة: "لما كلموني بليل مكنتش متخيلة المنظر ده غير لما جيت وشوفت بعيني".