رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النزول على سطح القمر



مضى على نجاح العلماء الأمريكيين فى الوصول والنزول على سطح القمر خمسون عامًا، ثم بعد نصف قرن من الحدث الذى نقلته كل وسائل الإعلام آنذاك، إذ بصوت من الاتحاد السوفيتى يشكك فى الرحلة، جملة وتفصيلًا، ببعض الأسباب التى لم يفكروا فيها إلا بعد نصف قرن من الزمان.
لا شك أن الروس منذ ذلك التاريخ تشغلهم الواقعة ويحاولون منذ ذلك التاريخ أن يقوموا برحلة ربما فى نظرهم تقدم الجديد بعد هذا الزمان، وربما كانوا فى انتطار رحيل من شاركوا فى تلك الرحلة التى لفتت عيون وأذهان العالم كله حتى يخرجوا على العالم بهذا التشكيك. ولا ريب أن الاتحاد السوفيتى كان من المتابعين للحدث مع العالم بأسره، ولم تصدر عن علمائه أى تعليقات سلبية فى حينها، وربما كان السبب فى ذلك هو كون رواد الفضاء الأمريكيين على قيد الحياة.. فى حين أن انتطار السوفييت كان إلى حين الرحيل الأبدى لهؤلاء ليعلنوا نفيهم للواقعة، جملة وتفصيلًا، بأسباب تم الرد عليها فور إعلانها، وفى ظننا أن ما أعلن عن رحلة أخرى سيقوم بها علماء الاتحاد السوفيتى للقمر- ومع التحسب المسبق لاحتمالية فشل المحاولة قبل أن تبدأ- جعل صوت إنكار الرحلة يتردد بعد هذا الردح الطويل من الزمن، أو ليصبح الحديث مجرد «ردحًا» كما نقول فى التعبير العامى.
ولأن كاتب هذا المقال كان فى تاريخ صعود وهبوط رواد الفضاء يدرس بالولايات المتحدة لدرجة الماجستير وعاصر دعوى قضائية رفعتها سيدة يهودية ضد رواد الفضاء لأن أحدهم- وكان يحمل درجة لاهوتية تؤهله لإقامة بعض المراسم الدينية- أجرى فريضة العشاء الأخير الذى أجراه السيد المسيح فى آخر حياته على الأرض مع تلاميذه والتى يطلق عليها «العشاء الأخير»، وهى فريضة تمارسها جميع الكنائس عالميًا تذكارًا لهذا العشاء المسمى أيضًا بالعشاء الربانى، وهذا ما فعله رواد الفضاء، ولا شك أنهم قد تركوا آثارًا أخرى، ولو تأنى الناقد أو الحاقد حتى تنجح محاولاته فى الصعود إلى القمر كما أعلن عن ذلك، كان من الممكن أن يتأكد بنفسه من الواقعة التى مضى عليها نصف قرن كاملًا، أم أن ذلك كان مقدمة لإعلان الفشل فى محاولة إتمام التجربة؟
أما الأمر الآخر فهو الدعوى التى أقامتها سيدة يهودية ضد رواد الفضاء بعد نزولهم سالمين بسبب أنهم استخدموا أموال البحث والرحلة حتى العودة- وهى مبالغ كبيرة لا تملك دولة محدودة القدرات أن تخوض فيها- وكانت الدعوى تنظر أمام المحاكم، إلا أن الشباب الأمريكى فى ذلك الزمان تولى جمع التوقيعات عبر الولايات طلبًا لإسقاط دعوى هذه السيدة اليهودية، وكان كاتب هذا المقال واحدًا من الموقعين على تلك العريضة فى مانهاتن بنيويورك بالقرب من مقر الأمم المتحدة، وفى الغالب الأعم تلك التوقيعات لا تعدم، لأنها جزء من التاريخ، وتحسبًا لمن يأتى بعد نصف قرن ليعلن عدم صحة الواقعة من جذورها.
أما سند الادعاء الروسى والردود عليها فهى فى عشرة أدلّة نسوق مختصرًا منها على النحو التالى، ولكن السؤال ما زال هو: لماذا ظهر النفى بعد هذا الردح من الزمان؟
والرد المعلن والذى لم نسمع من ناكرى الواقعة تعليقًا عليه فهو على النحو التالى:
القمر الذى يتغزل به الشعراء والموسيقيون تجاوز عليه رواد مركبة الفضاء الأمريكية أبوللو ١١ ليكونوا بذلك أول بعثة بشرية هبطت على التابع الذى يدور فى فلكه حول الأرض، وذلك بتاريخ ٢٠ يوليو عام ١٩٦٩، وبلغ عدد البشر الذين ساروا على سطح القمر وتمتعوا بمنطقة انكسار الجاذبية اثنى عشر رائدًا للفضاء، لكن المشككين ما زالوا يصرون على أن الهبوط البشرى الأول كان قصة مفبركة.
كما نقل تقرير لوكالة الأنباء الألمانية أهم عشر حجج للمشككين مع ردود علمية موثقة عليها وهى على النحو التالى:
أولًا: الراية التى ترفرف على سطح القمر هى العلم الأمريكى وهذا أوضح دليل على أن أشخاصًا وصلوا هناك وقاموا بهذا العمل، أما اعتراض المشككين بأنها صورة مفبركة لأنها ترفرف، وعلى سطح القمر لا يوجد هواء حتى يرفرف العلم. والرد هو أن الاهتزاز ليس نتيجة هواء يهز العلم، ولكن لأن سارى العلم طويل فهو يهتز ليس بالهواء، بل باهتزازات السارى الذى يحمل العلم، وحيث إنه لا يوجد للقمر غلاف جوى فمن الصعب وقف اهتزاز الراية.
أما الاعتراض الثانى فهو على وجود آثار القدم فى تراب القمر، فهل على أرض القمر تراب؟ فيرد أورس مال من مركز ماكس بلانك لأبحاث النظام الشمسى بأن الثبات الجيد للأثر هو لتماسك تربة القمر بالغة النعومة، وأن مكونات هذا التراب لم تتأثر أبدًا بفعل رياح أو مياه، وظلت محافظة على حوافها، مما جعلها تلتصق جيدًا ببعضها البعض.. ونوالى المزاعم الأخرى وتعليقنا عليها فى مقالنا التالى بإذن الله.