رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عقود التصادق.. سر ارتفاع معدلات الزواج العرفي في مصر

جريدة الدستور

أراد أحمد كمال، 20 عامًا، القاطن بإحدى قرى محافظة أسيوط، الزواج من ابنة عمه، التي لم تصل إلى السن القانوني الذي يسمح لهما بالزواج الرسمي، فلجأ إلى حيلة تخرجه من هذه الأزمة، وهي كتابة عقد زواج عرفي لحين بلوغها السن القانوني لتسجيل الزواج بشكل رسمي في الأوراق الرسمية من خلال ما يسمى بعقد التصادق.

وعقد "كمال" زواجه لدى مأذون القرية، حيث سجلها في إحدى الدفاتر التي يستلمها المأذون الشرعي المسمى بدفتر التصادق، وهو دفتر لا تقل أهميته عن دفتر الزواج والطلاق، ومن أبرز استخداماته في حالة الزواج العرفي بوثيقة زواج عرفية، ورغبة الزوجين في توثيق الزواج رسميًا، مع إثبات تاريخ الزواج عرفيًا في وثيقة رسمية.

فتح هذا النوع من العقود الباب لانتشار ظاهرة زواج القاصرات والزواج العرفي، فأعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن إجمالي عقود الزواج العرفي الموثقة بلغ 139.1 ألف عقد على مستوى الجمهورية، تتركز في المناطق الريفية بـ114.5 ألف عقد تصادق، مقابل 24.5 ألف عقد في الحضر.

واحتلت محافظة الجيزة صدارة محافظات الجمهورية في معدلات الزواج العرفي بـ13.7 ألف عقد، ثم المنيا في المركز الثاني بـ 12.8 ألف عقد تصادق، تلتها محافظة الدقهلية بـ11.9 ألف عقد، ومحافظة الفيوم بـ11.7 ألف عقد.

"الدستور" حصلت على نسخة من عقد التصادق الذي يتم في أحوال أخرى من خلال محامين بعد أن تم إلغاء عقود التصادق من جانب المأذونين، فبداية من 1 أكتوبر 2018 لن يتم عقد أي عقود زواج أو تصادق عليه وكذا الطلاق حيث تم تسليم العهدة للمحكمة، وتسليم المأذونين دفاتر جديدة، ومن يخالف ذلك يتم مجازاته تأديبيًا ويتعرض للمساءلة القانونية على حسب الأحوال، طبقًا للقرار الصادر عن مساعد وزير العدل لشئون المحاكم في 30 سبتمبر 2018.

هالة الهلباوي، محامية، قالت أنه تم إنشاء وثيقة تصادق على الزواج لاستخدامها في حالات معينة، وهي الزواج العرفي بوثيقة زواج عرفية ثم توثيقه مع إثبات تاريخ الزواج عرفيًا في وثيقة رسمية، أو فقد الزوجين وثيقة الزواج ولا يستطيعوا الوصول إلى المحكمة الصادر منها وثيقة زواجهما.

تضيف: "أو في حالة تلف أو حرق أو ضياع دفتر الزواج من المحكمة، أيضًا في حالة إبرام مصريين عقد زواج لهما خارج مصر بوثيقة زواج صادرة من دولة أجنبية اختصارًا للوقت والإجراءات، أيضًا حالات الزواج دون السن القانوني ثم توثيقها بعد بلوغ السن القانوني".

وأعلنت أحدث تقارير جهاز التعبئة والإحصاء أن العدد الأكبر من حالات الزواج العرفي بين الذكور الحاصلين على شهادة متوسطة بـ56.4 ألف عقد، يليه من يقرأ ويكتب بـ52.7 ألف عقد، وأميين بـ14.2 ألف عقد.
بينما بلغ عدد حالات الزواج العرفي بين الحاصلين على الشهادات الجامعية العليا 4811 عقد زواج موثق، بينما في الإناث احتلت الإناث غير الحاصلات على مؤهلات علمية صدارة الترتيب بـ 67.8 ألف عقد، تليها الحاصلات على شهادة متوسطة بـ26.7 ألف عقد، بينما لم يتعد عدد الحاصلات على مؤهل جامعي 516 عقدًا.

ـأما سروات محمد، محامية، قالت أن الأصل عدم قبول أي دعاوى قضائية ناشئة عن وثيقة زواج غير رسمية، فلا يجوز للمرأة رفع دعوى قضائية تطالب فيها بأي حق من حقوقها الشرعية أو القانونية الناشئة عن عقد الزواج.

أطافت: "وإذا رفعتها وأنكر الزوج العلاقة الزوجية، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لعدم وجود الوثيقة الرسمية المثبتة للزواج"، مشيرة إلى أنها إذا حصلت على حكم الطلاق بعد ثبوت الزواج العرفي بأي كتابة، فعيني فقط إعفائها من رابط الزوجية فقط، دون الاعتراف بأي حق لها من نفقة أو إرث أو ميراث وغيرهم.

وتطرقت "محمد"، في حديتها مع "الدستور"، إلى أنه في حالة وجود طفل بناء على هذه العلاقة الزوجية، لذا يتجه البعض لإثبات علاقة الزوجية بإقرار الزوجين في دعوى ثبوت علاقة زوجية، ليصدر بذلك حكمًا يقيد في الأحوال المدنية ليتحول الزواج إلى عقد رسمي أو اللجوء لمأذون شرعي وإثبات ذلك في وثيقة تصادق على زواج.


أشرف عبدالخالق، المستشار القانوني لمركز المرأة للإرشاد والتوعية، قال أن خطورة عقود التصادق تكمن في الإنجاب من هذا الزواج العرفي، الذي يتم إثباته بعقد موثق في الشهر العقاري، وهي من أخطر الحالات التي وردت إلى المركز وقدمنا لها المساعدات القانونية.

تابع: "على الزوجة إثبات هذا الزواج الذي تم بناء على العلاقة الزوجية التي نتج عنها هذا الطفل، وذلك من خلال شهادة الشهود، ومن الممكن أن ينكر الزوج هذه العلاقة من الأساس، فتلجأ الزوجة للمحاكم وتضطر للاستعانة بشهادة هؤلاء الشهود، ويقين المحكمة من الأوراق والشهادات المقدمة لها، الذين إذا رفضوا الشهادة معها ضاع حقها في الإثبات".

وعبر "عبدالخالق"، في تصريحاته لـ"الدستور"، عن استيائه من سماح القانون بالزواج العرفي، دون وجود عقوبات للزوج الذي يخل بعقد الزواج المبرم مع الزوجة، مشيرًا إلى أن الزوجة تبدأ حينها بأخذ جولة بين محاكم الأسرة، وتحاول كسب الشهود في صفها للاعتماد على شهادتهم في إثبات الزواج.

أضاف: "إلى جانب اعتمادها على ورقة الزواج العرفي إذا كانت تملكها ولم يسحبها منها الزوج دون علمها، وتستمر قضيتها لما يزيد عن السنة، وفي تلك الفترة تصبح مشردة بلا شقة لتجلس فيها ولا أحد يغطي مصروفاتها".

وأكد أنه بعد تعديلات قانون الأحوال الشخصية فإنه تم منع على أي مأذون تحرير عقد تصادق ما لم يبلغ العروسان السن القانوني للزواج، وبالفعل تم تطبيق ذلك ومن يخالف ذلك فإنه لا يتم الاعتراف بتلك العقود إلا في حالة تسجيلها في الشهر العقاري فقط لا المأذون.

وتنص المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 على أن: "لا تقبل الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج إذا كان سن الزوجة يقل عن 16 عامًا أو كان سن الزوج يقل عن 18 عامًا وقت رفع الدعوى".