رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرائق لا تنطفىء.. مصانع بلاستيك حكومية تفتقد معايير السلامة والآمان

جريدة الدستور

الجو هاديء، والرياح متوازنة، والسماء أوشكت على الغروب، أهالي شبرا الخيمة آمنون داخل منازلهم، دقائق قليلة وتغيّرت الأحوال، أصبح الجو حار والرياح تتطاير بأجزاء بلاستيكية في الهواء، والليل أصبح سواد معتم، والأهالي يهرولون؛ منهم من يختبأ ومنهم من يستعين بالحماية المدنية.

ما حدث كان نتيجة اشتعال مصنع للبلاستيك تجد فيه المواد البلاستيكية تناثرت أرضًا بالداخل والخارج، أصبح كتلة مشتعلة بسبب افتقاده عوامل الأمان والسلامة، فلا طفايات للحريق ولا نظام يعمل حال حدوث أي اشتعال، فالجميع هنا معرض للخطر والاحتراق.

أمس، سيطرت قوات الحماية المدنية بالقليوبية، على حريق شب في مصنع بلاستيك بالطابق الثالث بمدينة شبرا الخيمة، في حين تم الدفع بـ4 سيارات إطفاء والسيطرة على الحريق ومنع امتداده للمناطق المجاورة له دون خسائر بشرية، إلا أنَّ افتقاد قواعد السلامة والأمان كانت السبب الرئيسي في احتراق ذلك المصنع حسبما أكدّ شهود عيان شاهدوا الواقعة.

الأمر لم يقتصر على تلك الواقعة فقط، فكل يوم تقريبا يحدث حرائق داخل مصانع البلاستيك التي تفتقد عوامل السلامة بحسب حديث خاص لـ"الدستور" مع الأهالي. "إبراهيم محمد"، شاهد عيان، قال إن اشتعال مصنع البلاستيك بشبرا الخيمة، كان أمر مفاجئ لم يكُن يُدركة أحد على الإطلاق.

يؤكد أن الحريق كان يشتعل وينهب ما بداخل المصنع دون جدوى من العمال، وأخرون من القاطنين بجواره في إخماد النيران وتهيّئها للهبوط، المصنع اشتعل فاجأة وكانت مرتفعة ومحدش عرف يعمل حاجة ولا يقلل النيران.

حريق مصنع البلاستيك في محافظة القليوبية بمدينة شبرا الخيمة، لم يكن الوحيد من نوعة، بل تكررت بمنطقة شبرا الخيمة حوادث حرائق مصانع البلاستيك العام الماضي؛ حيث وقع حريق بسبتمبر الماضي بأحد مصانع البلاستيك غير المرخصة أودى بحياة 4 عمال بعد أن تطاير الشرز من ماكينة لحام داخل المصنع على إحدى المواد الخام المشبعة بالتنر مما أدى لاشتعالها، ونظرًا لعدم وجود وسائل حماية بحالات الحريق داخل المصنع ما تسبب ذلك في زيادة اشتعال الحريق وأدى إلى حدوث حالات الوفاة.

«المصانع بتشتغل بالبركة وبدون أي وسائل أمان»، بهذا لخص محمود السيد أحد قاطني شبرا الخيمة، حول ما حدث من حريق مصنع البلاستيك واندلاع النيران دون خسائر حسبما أكدت التحريات، إلا أنه يرى أن ذلك سببه هو فقد القواعد المهنية والأمنة والتي من المفترض توفيرها في جميع المصانع.

وتابع السيد، لابد من التزام كل المصانع باستخدام المعاير الآمنة وتوفير الشروط اللازمة لعدم حدوث الحرائق، خاصة وإن جميعُها تحتوي على ماكينات كهربائية قابلة للاشتعال سريعًا وفي أقل وقت ممكن، موضحًا أن حريق المصانع من الممكن أن يؤدي بحياة العديد من السكان، خاصة المجاورين لتلك المصانع.

كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، في تقرير له عن أسباب نشوب الحرائق، أن إجمالي الحرائق على مستوى الجمهورية، خلال العام الماضى 2018، يبلغ نحو 52 ألف حادث، موضحًا أن أهم الأسباب، وفقًا للحالة الجنائية، هو الإهمال، وتسبب فى نشوب 24 ألفًا و705 حوادث، تمثل نسبة 52.4% من إجمالي الوقائع.

وأضاف التقرير يلى الإهمال ما يسمى بـ«الحريق العارض»، الذى لم يسبق تكراره، بعدد 21 ألفًا و857 حادثة، بنسبة 44.9%، ثم "الحريق العمد" بـ6 آلاف و21 حادثة تمثل نسبة 2.7%.

ورصد التقرير المسببات العامة للحرائق بعيدًا عن الشبهات الجنائية، فتبين أن الحرائق الناتجة عن إلقاء جسم مشتعل مثل أعقاب السجائر وأعواد الكبريت والشماريخ، تأتي في المرتبة الأولى من إجمالي المسببات العامة.
وتمثل نسبة 56.5%، ثم فى المرتبة الثانية يأتى «الماس الكهربائى» و«الشرر الاحتكاكى» بنسبة 21%، ثم احتراق المواقد والأفران والغلايات بنسبة 7.7%، ثم الاشتعال الذاتي بنسبة 7.4%، ثم حرائق الغازات بنسبة 6.6%، وفي المرتبة الأخيرة الحرائق البترولية والسوائل الملتهبة بنسبة 0.8%.

اللواء عبد العزيز توفيق مساعد وزير الداخلية الأسبق، ومدير الإدارة العامة للحماية المدنية السابق، قال إنه لابد على جميع المنشئات التجارية والصناعية، السعي في إجراءات التراخيص، موضحًا أنها ثلاث خطوات لثلاث جهات مختلفة، إذا كانت المصانع والمحالات داخل المحافظات، وإن كانت داخل المدمن الجديدة كمجلس مدينة 15 مايو أو أخر.

وتابع مساعد وزير الداخلية الأسبق، لابد وأن تكون جميع الوصلات الكهربائية داخل تلك المصانع أمنة تمامًا وتوجد متابعة عليها بشكل مستمر دون توقف، والتأكد من إن كانت متطابقة فنية أم غير ذلك، كما يعمل المصنع على تقديم أوراق موثقة تؤكد صحة أعمال الكهرباء داخل المصنع الذي يُريد عمل ترخيص.

وأضاف ومدير الإدارة العامة للحماية المدنية السابق، كما يجب عمل مراقبة على الأدوات الآمنة كـطفايات الحريق وغيرها من وسائل الإطفاء، وأجهزة الإنذار والتأكد من غرفة التحكم المراقبة، مشيرًا إلى أنَّ فقد وسائل الأمان هي التي تُسبب الحراق بالمصانع والمحالات التجارية.