الاقتراح الروسى بشأن أسلحة سوريا الكيميائية يثير الكثير من الشكوك
رحبت معظم عواصم العالم بالاقتراح الروسى الذى ينص على سحب ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية، على الرغم من أن صعوبة تنفيذ الاقتراح تثير المخاوف من كونه ليس سوى مناورة لتشتيت الانتباه.
فقبل بضعة ساعات من استخدام وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف ورقته الرابحة ، تحدث وزير الخارجية الامريكى جون كيرى خلال مؤتمر صحفى فى لندن عن فرضية تسليم الاسد كل ما لديه من أسلحة كيميائية للمجتمع الدولى "للحيلولة دون تعرض بلاده لغارات جوية" .
أوردت ذلك صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية فى موقعها على الانترنت ، مشيرة الى ان كيرى الذى استقبل الاقتراح الروسى ب "تشكك عميق" ، قد أوضح لنظيره الروسى ان تصريحاته السابقة بشأن امكانية عدم تعرض سوريا لتدخل عسكرى امريكى اذا ما تخلت عن ترسانتها من الأسلحة الكيميائية فى غضون أسبوع هى تصريحات "بلاغية" و لا تمثل عرضا .
فبعد أكثر من عامين من الصراع ، يصعب الاعتقاد بحسن نوايا سوريا و روسيا . من جانبه ، اكتفى وزير الخارجية السورية وليد المعلم بالترحيب ب "المبادرة الروسية " ، التى تم الاعلان عنها اثناء جوده فى موسكو قبل أن يوجه التحية ل "حكمة القادة الروس الذين يسعون للحيلولة دون وقوع هجوم أمريكى ضد شعبنا ". بيد انه لم يتطرق الى اى التزام ملموس و لم يتحدث بوضوح عن كيفية تسليم بلاده لترسانتها من الاسلحة الكيميائية.
ذكر ان سوريا لم تصادق على اتفاقية حظر إنتاج وتخزين الأسلحة الكيميائية التى دخلت حيز التنفيذ فى عام 1997 . و لا أحد يعرف بالضبط المواد التى يمتلكها هذا البلد ، و لا مكان تخزين الاسلحة الكيميائية . وعلق مسئول امريكى قائلا ان الحصول على هذه الاسلحة "هى فكرة جيدة ، و لكن يصعب تحقيقها" .
واضاف "اننا وسط حرب أهلية حيث يقتل النظام السورى شعبه . هل هناك من يعتقد حقا انه سيتوقف فجأة عن القتل للسماح للمفتشين بتأمين الأسلحة الكيميائية وتدميرها ؟".
وتذكر ايمى سميثسون ، الخبيرة فى أسلحة الدمار الشامل فى مركز جيمس مارتن لدراسات منع انتشار الأسلحة النووية ، بالسنوات التى كان يسعى فيها مفتشو الامم المتحدة لدخول العراق للتحقق من وجود اسلحة كيميائية قبل ان تعرب عن اعتقادها بان التجربة العراقية يمكن أن تتكرر فى سوريا . حيث يرى الخبراء فى هذا المجال ان تدمير الأسلحة الكيميائية السورية قد يستغرق سنوات .
وترى الصحيفة الفرنسية ان الاقتراح الروسى هو اقتراح مغرى ، و غير قابل للرفض ببساطة . و صرحت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل خلال برنامج تلفزيونى تبثه قناة "ايه ار دى" الحكومية قائلة "اليوم كان هناك اقتراح مثير للاهتمام تقدمت به روسيا ، حيث دعت سوريا لأول مرة لوضع ترسانتها من الاسلحة الكيميائية تحت رقابة دولية" ، معربة عن أملها أن يكون الهدف من ذلك هو الوصول إلى فعل و ليس لكسب الوقت .
من جانبه، رحب على الفور الأمين العام للامم المتحدة بان كى مون ، الذى لا يزال ينتظر تقرير الخبراء الاممين ، بالاقتراح الروسى ، معربا عن اعتقاده بضرورة "قبول" سوريا للاقتراح بشكل رسمى ، مضيفا أنه سيكون هناك فى هذه الحالة "تحرك سريع" من جانب المجتمع الدولى للتأكد من تدمير هذه المخزونات .
وأوضح بان كى مون للصحفيين "أدرس إمكانية ان اطلب من مجلس الأمن بصورة عاجلة ان يتم نقل مخزون الأسلحة و السلائف الكيميائية الى مناطق فى سوريا حيث يمكن تخزينها بأمان و تدميرها".
وقال رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون أمام البرلمان البريطانى "إذا ما وضعت سوريا أسلحتها الكيميائية بعيدا عن الاستخدام و تحت إشراف دولى ، سيعد ذلك بوضوح خطوة كبيرة إلى الأمام ، و هو ما يجب تشجيعه ". لكنه أضاف على الفور : "مع ذلك أعتقد أنه يجب أن نكون حذرين الا يكون ذلك تكتيكا لتشتيت الانتباه لمناقشة شىء آخر غير المشكلة المطروحة على الطاولة" .
يذكر ان فرنسا ، التى طرحت الخيار العسكرى الى جانب الولايات المتحدة ، استقبلت الاقتراح الروسى مع الكثير من التحفظات . فقد وصف وزير الخارجية لوران فابيوس الاقتراح ب "المقبول" ، و لكنه حدد "ثلاثة شروط " لقبوله . ويتمثل الشرط الأول فى ان يكون التزام دمشق بتدمير أسلحتها الكيميائية استنادا لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولى.
كما تطالب فرنسا "بجدول زمنى قصير" و "نتائج حاسمة " فى حال لم يف النظام السورى بالتزاماته . و أخيرا ، يعتزم الوزير الفرنسى أن تتم احالة المسئولين عن مجزرة الأسلحة الكيميائية التى وقعت فى 21 أغسطس الى المحكمة الجنائية الدولية.. وهو ما يمثل تهديد لبشار الأسد و حاشيته وقيادات الجيش السورى .
ويجتمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجى (السعودية و الكويت و الإمارات و قطر و البحرين و عمان )، المؤيدين لتوجيه ضربات عسكرية ضد النظام السورى اليوم /الثلاثاء/ فى جدة . ومن المنتظر ان يتوجه الرئيس باراك أوباما بكلمة مساء الثلاثاء إلى الأمريكيين بشأن الازمة السورية .