رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«العين بالعين».. مُغتصَبات أخذن حقوقهن بأيديهن

جريدة الدستور

لم تشعر بنفسها إلا وهي تسحب منه السكين وتطعنه بها عدة طعنات، لتسيل دماؤه في تلك المنطقة الهادئة والخاوية من المارّة، هُنا فقط انتابها شعور بالراحة رغم إنها ارتكبت جريمة قتل لكنها انتقمت لشرفها ورفعت عنه أي دنس.

"أميرة" هي فتاه لم تبلغ من العمر سوى 16 عامًا، كادت أن تتعرض لعملية اغتصاب وحشي من مجهول، استدرجها في مكان خال بمدينة العياط بالجيزة، وحاول اغتصابها مهددًا إياها بسكين ليغتصبها، إلا أن الأقدار لعبت لحظها.

سقط السكين من المعتدي، فالتقطته الفتاه سريعًا من الأرض وقامت بطعنه 13 طعنة نافذة في الرقبة والصدر، أودت بحياته على الفور حفاظًا على شرفها، وهرب الشابان الآخران اللذان ساعدوه في خطفها خوفًا من تلك الدماء السائلة.

"أميرة" ليست الفتاه الوحيدة التي قامت بقتل مغتصبها أو الانتقام منه بعيدًا عن القانون، مفضلة الثأر بأيديها دون اللجوء إلى المحاضر والقوانين. «الدستور» رصدت وقائع خاصة لفتيات سبقوا أميرة في الانتقام من مغتصبيهم باختلاف الطرق من فتاه إلى أخرى.

"ندى" 32 عامًا، ربة منزل وأم لطفلين، ورغم ذلك تعرضت لمحاولة اغتصاب. البداية كانت مع إعلان شاهدته الفتاه على إحدى مجموعات موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، لفتاه تعرض فساتين سوارية عبر خدمة "أون لاين" وعلى من يريد التأجير أو الشراء التواصل معها.

فقامت "ندى" بالتواصل معها بالفعل فحددت لها ميعاد في منزلها بمنطقة الهرم، وحين أتت لم تجد في المنزل سوى تلك الفتاه الصغيرة، والتي جلبت لها بعض الفساتين لتجريبها، فدخلت غرفة منفصلة لتقوم بذلك.

وأثناء خلع ملابسها وجدت شاب يدخل عليها الغرفة وبيده سكين وحين تهجم عليها ظلت تصرخ وتستنجد بالفتاة الأخرى في الخارج دون جدوى، فالشاب يطاردها داخل الغرفة والباب محكم من الخارج.

تقول: "لم يكن أمامي شيء سوى قتله حتى أنقذ نفسي من فكرة الاغتصاب فأنا أم لطفلين لا ذنب لهم، ونحن في مجتمع شرقي سيلقى اللوم عليّ، فقمت بسحب ترابيزة رخامية صغيرة وخبطه بها عدة مرات، حتى نزف وهمدت حركته على الأرض".

لم يمت الشاب، بحسب ندى، ولكنه أصيب بجرح قطعي في الرأس، فقامت بعد تلك الواقعة بإبلاغ قسم الشرطة بما حدث، وتم الحكم عليها بـ6 أشهر مع إيقاف التنفيذ واعتبار القضية دفاعًا عن النفس وليس قتل عمد.

لجوء الفتيات إلى فكرة أخذ حقهم بأيديهم بعيدًا عن القانون، ربما يعود إلى العقوبة القانونية لتلك الجريمة في مصر والتي لا تصل إلى المؤبد أو الإعدام إلا في حالات معينة، فيحكمها المادة رقم 268 من قانون العقوبات.

وتنص على أن "كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة، أو كان مرتكبها ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المادة 267، يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقررة للأشغال الشاقة المؤقتة، وإذا اجتمع هذان الشرطان معا يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة".

وكذلك المادة رقم 267 من قانون العقوبات والتي تنص على من يواقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد، فإذا كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادمًا مستأجرًا عندها أو عند من تقدم ذكرهم يعاقب بالسجن المؤبد.

"منى" 26 عامًا، فتاه أخرى، انتقم ذويها من مغتصبها بمنطقة المرج، فاعتادت على الرجوع إلى منزلها متأخرًا بسبب عملها كممرضة، وفي إحدى المرات تعرض لها ابن الجيران القريب من منزلها وكان في حالة سُكر شديدة.

تقول: "كان معاه واحد صحبه وخطفوني في توكتوك بعد معاكسات وتحرشات، الموضوع موصلش لحد الاغتصاب الكامل، كان تحرش داخل التوكتوك، بسبب إنهم كانوا سكرانين، ومش عارفين إني بنت منطقتهم".

ذلك الأمر سهل عليها فكرة الانتقام، فاتفقت مع أخيها على عدم إبلاغ الشرطة، أو اللجوء للقانون، فقاموا بتأجير عدد من البلطجية وفي ساعة متأخرة من الليل انتظروا الشابان في ناصية المنطقة، وقاموا بتلقينهم درس لن ينسوه بحسب الفتاه.

تختتم: "القانون مش هيعملي حاجة كان لازم أخد حقي بإيدي وإحنا في منطقة شعبية، واللي حصل عيب في حق أهلي، ولو بلغنا هيتقال إننا مش قادرين نأخد حقنها، ده غير الفضحية اللي هتحصلي".

لا توجد إحصائية رسمية دقيقة عن الاغتصاب أو التحرش في مصر، بيد أن بعض الإحصائيات غير الرسمية حددت ذلك. فآخر إحصاء صدر من المركز القومي للبحوث الجنائية والمراكز الحقوقي عام 2016، أكد ارتفاع حالات الاغتصاب خلال الـ 5 سنوات الأخيرة، وأن 85%.

وكانت وزارة الداخلية، أكدت أن إدارة مكافحة الآداب ضبطت 45 ألفًا و230 حالة آداب فيها 21 ألفًا و210 حالات تحرش جنسي واغتصاب نساء وفتيات من قبل ما وصفتهم بالبلطجية والمجرمين.