رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بدون شروط التضامن.. قصص ناجحة للأسر البديلة في مصر

جريدة الدستور

في ساعة متأخرة من الليل، وأثناء عودة "زينب نصار" 64 عامًا، بصحبة زوجها "محمد" من زيارة أحد الأطباء، سمعت أنين يأتي من خلف سيارتها داخل الجراج، ظنت أنه قط صغير لاسيما أن عدد كبير منهم كان ملتفًا حولهها، وبالاقتراب وجدوا أن القطط كانت تنهش في جسم طفلة صغيرة وأحدثوا بها سحجات وجروح كثيرة.

لم يكن حارس العقار يعلم شيء عن تلك الطفلة، فقررت الأم اصطحاب الطفلة إلى أقرب مستشفى؛ لصعوبة حالتها الصحية لكنهم رفضوا لعدم حملها أي أوراق ثبوتية ونجح في معالجتها في أحد المستشفيات الخاصة.

وعقب 5 أيام ذهبت بها إلى قسم أول مدينة نصر، وبعد معرفتها بالإجراءات القانونية، وأن من الممكن إيداعها أحد دور الرعاية، قررت تبنيها وتربيتها برفقة أبنائها، تروي "زينب" أن الفترة الأولى كانت الأصعب خاصة مع مرضها الشديد فهي تعاني الفشل الكلوي وأمراض الشيخوخة.

استعانت السيدة بابنتها "نهى" لترعى الطفلة التي أعطها اسم "أمل"، وبالتدريج بدأت العائلة في التعود على وجودها، واعتبارها فردًا من الأسرة، فهي لا تعرف أم سوا زينب ومحمد أبًا، حتى بعد أن زرقت بابنتين أصبحت أخت ثالثة لهم.

لم تكن زينب متعلمة، إلا أنها راعت الطفلة كأنها ابنتها، وألحقتها بأحد المدارس الخاصة بالتجمع الأول، والآن هي في الصف الخامس الابتدائي تحتل ترتيبًا متميزًا على أقرانها في السباحة والكرة الطائرة، والعائلة لا تفكر التخلي عنها في أي وقت إلا عند الاطمئنان على مستقبلها الدراسي وتزويجها.

"زينب" هي حكاية ضمن حكايات كثيرة لأسر تبنت أطفال من الشوارع بلا مقابل وبلا شروط، وقامت باحتضانهم قبل الإعلان عن مشروع وزارة التضامن في 2018 الخاص بتوفير الأسر البديلة للأطفال، والذي وجه إليه اللوم بسبب التعقيد الشديد في الشروط التي من المفترض توافرها في تلك الأسر.

واتساقًا مع ذلك، تقدمت النائبة جهاد إبراهيم، طلب إحاطة إلى وزيرة التضامن، حول شروط قبول طلبات الأسر البديلة، وطالبت النائبة باستثناء بعض الأسر المتقدمة لكفالة الأطفال من شرط تعليم الزوج والزوجة، كما تقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة حول تعقيد تلك الشروط.

بدأ ذلك المشروع خلال عام 2018، وأعلنت اللجنة العليا للأسر البديلة التي يرأسها المستشار محمد عمر القماري مؤخرًا، أن إجمالي عدد الأسر البديلة حتى نهاية 2018 بلغ 11 ألف و241 أسرة، كفلت 11 ألف و502 طفلًا وذلك على مستوى محافظات الجمهورية.

وتتأكد وزارة التضامن بصفة دورية من رعاية الطفل من كل النواحي الاجتماعية والصحية والنفسية فضلًا عن توفير بيئة أسرية للأطفال مجهولي النسب والمحرومين من الرعاية الأسرية بغرض تنشئتهم تنشئة سليمة.

لم تكن "زينب" هي الوحيدة التي كفلت طفلة ولم تكن متعلمة وراعتها أفضل رعاية، هناك "نجوى" 26 عامًا التي علمت بعد زوجها بنحو شهر بإنها عقيمة لا تلد، ولم يتركها زوجها وتمسك بها وراودتهما فكرة التبني.

قادتهم الصدفة إلى طفل صغير عمره شهور، وجده بواب العمارة التي يقطنون بداخلها، وكان سيقوم بتسليمه إلى أقرب قسم شرطة، إلا أنهم أخبروه بفكرتهم عن التبني، فقام الأب بتسجيله باسمه بعدما علم الإجراءات التي من المفترض إتباعها قانونيًا.

تقول نجوى: "أنا لست متعلمة لكني أكن له حب وحنان شديد، ولا يوجد علاقة للتعليم بتلك المشاعر تجاه فكرة التبني"، موضحًا أنه بلغ عامه الثاني معهم ويعيش في استقرار ولا يفكرون في التنازل عنه يومًا.

وتتضمن الشروط الأساسية لكفالة الطفل أن تتكون الأسرة من زوجين صالحين تتوافر فيهما مقومات النضج الأخلاقي والاجتماعي بناء على بحث اجتماعي، وألا يقل سن كل منهما عن 25 عاما وألا يزيد عن 60 عاما، ويجوز للأرامل والمطلقات ومن لم يسبق لهن الزواج وبلغت من العمر ما لا يقل عن ثلاثين سنة كفالة الأطفال إذا ارتأت اللجنة العليا للأسر البديلة صلاحيتهن لذلك.

على أن تضمن في الأسرة التي تطلب كفالة الطفل الصلاحية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والصحية والمادية للرعاية، وإدراك احتياجات الطفل محل الرعاية، وأن يكون الزوجان حاصلين على قدر مناسب من التعليم في مقر الأسرة في بيئة صالحة تتوافر فيها المؤسسات التعليمية والدينية والطبية والرياضية، وأن تتوافر الشروط الصحية في المسكن والمستوى الصحي المقبول لأفراد الأسرة بناء على البحث الاجتماعي الذي تقوم به الإدارة الاجتماعية المختصة.

وتتعهد الأسرة بأن توفر للطفل المكفول كافة احتياجاته، شأنه في ذلك شأن باقي أفرادها، وإذا كان الطفل معلوم النسب فتتعهد الأسرة كتابيا بالحفاظ على نسب الطفل وأن يكون الاتصال في شؤونه عن طريق إدارة الأسرة والطفولة، ويحذر عليها تسليمه ولو مؤقتًا لوالديه أو أحدهما أو إلى أي شخص آخر إلا عن طريق هذه الإدارة.

خلال نهاية عام 2018، بلغ عدد أطفال الشوارع فى مصر 16 ألفًا، طبقًا لآخر مسح شامل قام به المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، اعتمادًا على لجان شٌكلت على أعلى مستوى بالتعاون مع جهات متعددة، منها المجلس القومي للطفولة والأمومة.