رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بوار الأرض.. أسمدة مغشوشة تؤدي إلى فساد الأراضي الزراعية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

اعتاد، أبو الفضل محمد، مزارع من الدقهلية، 60 عامًا، على شراء أكياس "اليوريا" لأرضه من أحد المحلات المتخصصة في بيع الأسمدة بالقرب من منزله، لكونه يثق فيه لوجود مصنع مسئول عنه مهندس زراعي تابع له، ويملك معدات كثيرة لتعبئة الأسمدة الزراعية وبيعها إلى المزراعين.

منذ أن بدأ أبو الفضل الاعتماد على ذلك النوع من الأسمدة، بدأت إنتاجية أرضه تقل، لكن لم يخطر في باله أن اليوريا مغشوشة، وأنها من سببت ضعف الإنتاج، وبعد مرور سنوات تدهور حال الأرض وأصبحت غير قادرة على الإنبات، فكان يحصل على ربع إنتاجها.

يقول الرجل: "وقتها قررت الاستعانة بمهندس زراعي لمعرفة ماذا حدث للأرض، ولماذا أصبحت ضعيفة لهذا الحد، وفوجئت عندما رأى اليوريا التى أرشها في الأرض بأنها فاسدة وغير صالحة للاستخدام".

حالة أبو الفضل ليست واحدة، فهناك المئات من الفلاحين الذين تضررت أراضيهم بسبب استخدام أسمدة زراعية مغشوشة تنتجها مصانع بير سلم غير مرخصة، "الدستور" في السطور التالية تواصلت مع بعض الفلاحيين الذين تضررت أراضيهم بسبب استخدام أسمدة تالفة، وتواصلت مع خبراء الزراعة لكشف التأثير الضار لهذه الأسمدة على الأراضي.

تقوم مباحث التموين بمداهمات دائمة على مصانع بير السلم التي تنتج الأسمدة المغشوشة، وكان آخرها ضبط طن أسمدة زراعية و567 مبيدات زراعية مجهولة المصدر في حملة بشوارع مركز زفتى.

وأسفرت الحملات عن ضبط طن أسمدة زراعية و567 مبيدات زراعية مجهولة المصدر وأسمدة زراعية ونترات مدعمة بقصد إعادة بيعهم في السوق السوداء.

وفي فبراير من العام الحالي، تمكنت شرطة المسطحات المائية من ضبط مصنع لإنتاج الأسمدة الورقية المغشوشة والمقلدة بدون ترخيص، كائت في قرية وردان بدائرة مركز شرطة القناطر الخيرية بالجيزة، بداخله خط إنتاج كامل عبارة عن 10 برميل مختلفة الأحجام مملوءة بمواد مجهولة المصدر تستخدم في التصنيع.

وأيضًا 2 تنك سعة 1000 لتر بداخلهما مادة مجهولة المصدر تستخدم فى التصنيع، وميزان طبلية ديجيتال، وموتور قلاب، وكمية من الأسمدة الورقية مُعدة للتصنيع، كما تم ضبط 12،660 لتر منتج نهائي من الأسمدة الورقية المغشوشة والمقلدة، والمنسوب إنتاجها لإحدى شركات الأسمدة.

محمود محمد، 50 عامًا مزارع من إحدى القرى التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، قال: "قمت بتأجير أرضي لمدة 10 سنوات؛ لأننى أعمل في السكة الحديد، ولم يكن لدي وقت لمتابعة أرضي، ومنذ عام جاءني أحد أقاربي والذي يعمل بالجمعية الزراعية يؤكد ليّ أن اسمه وُضع في الغرامات لأنه أقوم بتبوير الأرض".

وتابع: "تواصلت مع الفلاح الذي أجرت له الأرض وقال لي أن النصف الأخير من الأرض لا يُنبت الزرع ولايعلم ما المشكلة، وبعد مشادات بيننا قُمت بتأجير الأرض لمزراع آخر وتابعته حتى لا أدفع الغرامة التى جاءت باسمي".

أضاف: "فوجئت بالمزراع الجديد يقول أن الجزء الأخير من أرضي أصبح رملي لايقدر على إنبات الزرع، وتواصلت وقتها مع بعض المهندسين الزارعيين في الجمعية التابعة لنا، والذين أكدوا لي أن استخدام الأسمدة المغشوشة هي التى حولت الأرض من أرض خصبة إلى زراعية لاتصلح لإنبات الزرع".

واستطرد: "كان الحل وقتها أن أضع أسمدة عضوية للأرض مع بعض الأسمدة التي حصلت عليها، من الجمعية الزراعية ومازلت أحاول أعالج الأرض التى دمرتها الأسمدة المغشوشة".

لا توجد إحصائية رسمية عن حجم الأسمدة المغشوشة في مصر، ولكن هناك بعض الإحصائيات غير الرسمية التي أشارت إلى أن هناك 7 آلاف محل لبيع الأسمدة في مصر، بها 4 آلاف محل غير مرخص ولا يخضع للرقابة، وأن 75% من الأسمدة الموجودة في المحال مغشوشة ومصنعة في مصانع بير سلم دون علم أصحابها".

السيد عبدالفتاح مهندس زراعي، قال إن الأسمدة المغشوشة تضر بالأرض الزراعية، ومع استخدامها لسنوات تصبح أرض بور غير قادرة على إنبات الزرع، موضحًا أن هذه الأسمدة تحتوي على مركبات فسفورية خطيرة تظل في التربة لسنوات طويلة ولا تتحلل، وتنتقل من الأرض إلى المجاري المائية؛ ما يؤثر على الأحياء البحرية بها.

وأوضح أن هناك عدة طرق لغش الأسمدة، فبعضهم يضع حجر جيري الذي يؤدى تواجده في الأرض بصورة دائمة إلى تمليحها، وبالتالي إلى بوارها، وهناك من يضع رمال أو مطحون الرخام وكلها مركبات تؤثر على نمو النباتات وتقتل البكريات النافعة الموجودة في الأرض.