رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرضي الصرع يتحولون إلى مدمنين والسر «البربجالبين»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عمر القاضي، 24 عامًا، شاب يعاني من مرض الصرع منذ سنوات عدة، ولا تجدي الأدوية والعقاقير معه نتيجة، حتى نصحه أحد المرضى بتناول دواء يحوي المادة الفعالة "البربجالبين"، إلا أنه بمرور الوقت أصبح مدمنًا لها دون أن يشعر، فبدلًا من استخدام أدوية خاصة تشفيه من المرض، بات يستخدم عقاقير تحتوي على تلك المادة من أجل تسكين آلامه.

يقول: "البداية كانت نصحية لواحد من أصحابي، بتجريب أدوية تحتوي على مادة نصحني أحد أصدقائي بتجربة عقار الليريكا لكونه مهدأ قوي للأعصاب، وسيخفف الآلام والتشنجات نهائيًا".

بدأ عمر القاضي، 24 عام، بـ٣ حبات على سبيل التجربة: «ظهر إعجابى به من المرة الأولى لما سببه من سعادة كبيرة»، مشيرًا إلى توجهه لأحد الصيدليات حتى يشتري العقار لكن استوقفه الصيدلي لإظهار الروشتة أولًا بسبب عدم السماح لتداول هذا العقار تحديدًا لاعتباره نوعًا من أنواع المخدرات.

يضيف القاضي أنه اصطحب الروشتة التي تدل على إصابته بمرض الصرع في المرة التالية حتى يستطيع الحصول على العقار بسهولة، وبالفعل كانت هذه الروشتة هي الحجة التي جعلته يتناوب على الصيدلية بشكل يومي، حتى لحظ أنه أصبح مدمنًا لا يستطيع الاستغناء عن "الليريكا".

وعن أعراضه يوضح: "تظهر بعد ساعة أو ساعة ونصف من تناوله، وبمجرد وصوله للدماغ بتغيب عن الواقع تلقائيًا وتنسى أى مشاكل تواجهك وتطرد أى مزاج سيئ، وآلام الصرع بتختفي تلقائيًا"، ويستكمل: "مع مرور الوقت الجرعة كانت بتزيد من ثلاث حبات إلى خمس وسبع، فبالتالى الضرر النفسى يبدأ يظهر في وقت الإقلاع عنه وهو الاكتئاب والصداع الرهيب بجانب عودة الصرع لمرحلة أكثر شدة".

لم يكن هذا الشاب هو الحالة الوحيدة التي عانت من إدمان مادة البربجالبين، فهناك "عمر" يحكي في حديثه مع "الدستور"، قائلًا: "بعد تالت مرة أدخل في نوبة الصرع قررت ازور الدكتور اللي كتبلي على دوا ليريكا"، موضحًا أنه تعرض لنوبات الصرع المتكررة في ثلاث أيام متتالية، وفي المرة الثالثة لم يتردد في زيارة الطبيب الذي كشفت التحاليل التي أجراها أن الشاب يعاني من مرض السكري دون تناول العلاج اللازم؛ مما تسبب في تعرضه لنوبات صرع متواصلة".

نوبات الصرع ظلت تطارد الشاب في كل مكان يذهب إليه سواء في بيته أو في جامعته أثناء المحاضرات، وأثر هذا الأمر عليه نفسيًا حتى وجد أن عقار الليريكا يساعده في تخفيف الآلام، لكنه لم يكن يعلم أنه سيقع ضحية إدمان المادة التي بداخله.

ولمعرفة طريقة الوصول إلى العقار المحتوي على مادة البربجالبين، أجرينا جولة داخل بعض الصيدليات فى مناطق مختلفة لمعرفة نسب بيعهما، فتبين أن لكل صيدلية طريقتها الخاصة فى بيع هذه الأدوية.

مثلًا، صيدلية بمنطقة الجيزة أفادت بأن «ليرولين» أصبح غير متواجد في السوق منذ فترة، لأن الشركات لم تعد تستخرجه، وأنهم فى انتظار دخوله «الجدول»، وأن ما يباع ما هو إلا بضاعة مخزنة من قبل، كاشفة عن أن المعظم يعانى هذا النقص لكون الطلب عليه كبيرًا.

صيدلية أخرى بمنطقة المحلة الكبرى أوضحت أنها لا تصرف «ليرولين» و«ليريكا» دون «روشتة» طبيب رسمية، إذ يتردد عليها الكثير من الشباب ويطلبون هذه الأدوية تحديدًا. كذلك الحال فى صيدلية بمنطقة الطالبية بفيصل، التى أكد مسئولوها عدم صرف هذه الأدوية دون «روشتة» طبيب أو تأمين بسبب استخدامها من قِبل الشباب مخدرًا بديلًا لـ«الترامادول» و«الأبتريل»، لكونها تسبب ارتخاء فى الأعصاب.

صيدلية أخيرة بشارع الهرم، أفادت أن هذه المنتجات متواجدة بشكل طبيعى وتباع بنسبة كبيرة للشباب يوميًا.

الدكتور محمد عز، طبيب تخدير، يقول أن هناك أدوية عدة يتناولها المرضى من أجل تسكين الآلام، دون النظر إلى مضاعفاتها وما قد تسببه لهم على المدى البعيد، من إدمان أو مضاعفة المرض.

ويوضح أن مادة "البربجالبين"، تعالج أمراض عدة لكن لا بد من تناولها بنسب محددة من قبل الطبيب وبإشراف، لكن الإفراط في تناولها يجعلها تتحول إلى مخدر يدمنه الشخص ويتناوله من الصيدليات دون وعي منه.

ويشير إلى أن السبب في انتشارها هو عدم رفض الصيدليات إعطائها للمرضى بدون روشتة، حتى يتأكد أنها تؤخذ تحت إشراف طبيب، ولعلاج مرض معين وليس من أجل التخدير أو التسكين.

الأرقام الرسمية، تقول أن هناك 50 مريضًا في كل ألف شخص يتعرضون للإصابة بمرض الصرع في مصر، وعالميًا يبلغ عددهم 50 مليون مريض، بحسب الجمعية المصرية للأمراض العصبية والنفسية وجراحة الأعصاب شعبة الصرع.