رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

والبقية تأتى


الأنباء متضاربة. والأرجح هو أن السلطات الكويتية لم تقم، بعد، بتسليم عناصر الخلية الإرهابية التابعة لتنظيم «الإخوان» إلى مصر، التى تم إلقاء القبض عليها، الجمعة، وفى قولٍ آخر، قبل الأربعاء. وحال حدوث ذلك، ستكون المرة الخامسة على الأقل، التى نتسلم فيها مطلوبين (مجرمين) من دولة الكويت، وليست الثالثة، كما ذكرت صحف مصرية وكويتية.

المختلف أو الجديد هذه المرة، هو إعلان السلطات الكويتية عن قيامها بضبط «خلية إرهابية» تابعة لـ«الإخوان المسلمين». ونتمنى، كما تمنى برلمانيون كويتيون، بينهم أحمد الفضل، أن تكون صيغة التعامل مع هذه الخلية بداية لآلية تعامل جديدة مع هذا التنظيم، وألا «تتراجع مع أول ضغوطات تُمارس على الحكومة». خاصة، بعد أن عرفنا من تقرير نشرته جريدة «الراى»، الأحد، أن نوابًا فى «مجلس الأمة» الكويتى، مارسوا ضغوطًا، على السلطات، قبل الإعلان الرسمى عن ضبط أعضاء الخلية، وتحديدًا منذ الأربعاء الماضى، لإطلاق سراحهم أو على الأقل السماح لهم بمغادرة الكويت إلى جهات أخرى، غير مصر.

إلقاء القبض على أعضاء الخلية، إذن، تم قبل يوم الأربعاء. وطبقًا لما ذكرته مصادر «الراى»، فإن التحقيقات والتحريات التى أجرتها السلطات الأمنية فى الكويت كشفت عن أن أعضاء الخلية جزء من المنظومة الكبيرة التى يتم رصدها منذ نحو ثلاث سنوات، وأنهم «كانوا يشكّلون جزءًا مهمًا من مصادر التمويل المالى لنشاطات الإخوان فى مصر». وعليه، توقعت الجريدة أن يكون لإلقاء القبض عليهم «انعكاسات محلية ستُجابه بتشدّد حكومى كبير». وسبق هذا التوقع تحذير الداخلية الكويتية، فى بيانها، الصادر يوم الجمعة، بأنها «لن تتهاون مع كل من يثبت تعاونه أو ارتباطه مع هذه الخلية، أو مع أى خلايا أو تنظيمات إرهابية تحاول الإخلال بالأمن»، وأنها «ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمن الكويت».

أبرز ما تضمنه ذلك البيان هو تأكيده أن أعضاء الخلية «أقروا بقيامهم بعمليات إرهابية وإخلال بالأمن فى أماكن مختلفة داخل الأراضى المصرية». ومع ذلك، ومع وجود اتفاقية تعاون قضائى بين البلدين، صدر بها قانون عن مجلس النواب المصرى وعن مجلس الأمة الكويتى، إلا أن أذناب «عزمى- القرضاوى» قاموا بالتشكيك فى الإجراءات التى اتخذتها الكويت. والوصف نستعيره من الدكتور فالح عبدالله العزب، وزير العدل الكويتى السابق، الذى قام بتوقيع الاتفاقية، مع نظيره المصرى محمد حسام عبدالرحيم، والذى رد على الأذناب بقوله: «من كان يعتقد أن الإجراءات غير دستورية يطعن على القانون، بدلًا من طعن الكويت من أجل إرهابيين». وهكذا، تم قطع الطريق، هناك، على غلمان عزمى بشارة ويوسف القرضاوى، وبالتبعية غلمان العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة.

اتفاقية التعاون القانونى والقضائى، التى تم توقيعها بين البلدين، فى ٣ يناير ٢٠١٧، نصت على الاعتراف بالأحكام القضائية وتنفيذها، وعلى التعاون القضائى فى الدعاوى الجنائية، وتسليم المجرمين ونقل المحكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية، أى بالحبس أو السجن. لكن قبل توقيع هذه الاتفاقية، قامت السلطات الكويتية، بتسليم مطلوبين فى ٢٠١٣ و٢٠١٤ و٢٠١٦، و٢٠١٧. وقبل أن تسأل: كيف تم ترحيل وتسليم هؤلاء قبل توقيع الاتفاقية؟! سأربكك أكثر بتوضيح أن تلك الاتفاقية لم يبدأ العمل بها إلا فى ١٠ سبتمبر ٢٠١٨ بعد موافقة مجلس النواب، وتصديق رئيس الجمهورية وقرار وزير الخارجية بنشرها فى الجريدة الرسمية.

ما يزيل الارتباك ويفض الاشتباك، هو أن تلك الاتفاقية لم تكن غير امتداد لاتفاقيتين سابقتين تم توقيعهما بين البلدين: الأولى تم توقيعها فى ٦ أبريل ١٩٧٧ والثانية تم توقيعها فى ٩ يناير ١٩٩٠. ونشير بالمرة، إلى أن أحمد الزند، وزير العدل الأسبق، زار الكويت، فى ١ مارس ٢٠١٦، على رأس وفد ضم رئيس لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان. وخلال تلك الزيارة اتفق مع نظيره الكويتى، يعقوب الصانع، على أن تقوم السلطات الكويتية، نيابة عن السلطات المصرية، بالتحرى عن أموال اكتسبها مصريون بطرق غير مشروعة وقاموا بتهريبها، على أن يتم رد هذه الأموال إلى مصر. كما تم الاتفاق أيضًا على تسليم المجرمين، المطلوبين جنائيًا، وأعضاء الجماعات الإرهابية الذين فروا إليها.

فى الكويت مليون و٢٠٠ ألف مواطن، و٣ ملايين و٥٠٠ ألف وافد. وبين هؤلاء وهؤلاء، ينتشر نحو ربع مليون عنصر تابع لتنظيم الإخوان وغيره من التنظيمات الإرهابية. ونتوقع، أو نتمنى، أن يبدأ قريبًا، قريبًا جدًا، التخلص من الوافدين، الفارين أو الكامنين.. وملاحقة المواطنين، الناشطين والخاملين.. وتقليم أظافر، أو خلع أنياب، المتنفذين المنتشرين فى دوائر الدولة العليا، لأن عدم حدوث ذلك، يعنى ببساطة، انهيار الدولة فى غضون سنة أو على الأكثر خلال سنتين.