رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقيقة رسوب جميع "مهندسي المدني" في امتحان شركة المياه

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

آلاف من خريجي كلية الهندسة بجميع أقسامها ينتظرون أي فرصة لممارسة ما تعلموه طوال الأعوام الخمسة من الدراسة الجامعية، جميعهم على علم بأنهم في سباق للحصول على وظيفة ثابتة داخل شركة حكومية، إلا أن أحلامهم ذهبت هباءً مع أول اختبار حقيقي وضعوا فيه.

محافظة الغربية شهدت واقعة لازالت مثيرة للجدل إلى الآن، وحطمت آمال العديد منهم، البداية كانت من إعلان شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالمحافظة عن فتح باب التقديم لوظائف خالية بالشركة، ورغبتها في توظيف مهندسين متخصصين (مدني - ميكانيكا - كهرباء).

واشترطت عليهم الخضوع لامتحان تحريري صادر من كلية الهندسة بجامعة طنطا؛ لاختيار الأشخاص المناسبين للوظيفة بالأولوية في درجات الامتحان، وبالفعل تقدم العديد من خريجي كلية الهندسة بمحافظة الغربية سواء من الدفعات السابقة.

وكان هدفهم الالتحاق بهذه الوظيفة التي كانت تُعد بالنسبة لهم حلمًا بعيد المنال، وبالفعل أعلنت الشركة عن أسماء المتقدمين الذين عليهم التوجه إلى جامعة طنطا؛ لأداء الامتحان التحريري قبل المقابلة الأخيرة مع مسئولي الشركة.

الأمر الذي لم يكن في الحسبان هو رسوب جميع من تقدموا للالتحاق بالوظيفة من قسم المدني، وعدم حصولهم على النسبة المقررة طبقًا للضوابط، وهي 70% من درجة الامتحان التحريري الذي أعدته كلية الهندسة؛ ما أثار غضب جميع المتقدمين وشكوكهم حول هذه النتيجة، وكيفية رسوبهم رغم تقدمهم الدراسي الممتاز في الكلية.

توصلت "الدستور" إلى هؤلاء الأشخاص الذين انتظروا شهورًا عدة للحصول على الوظيفة، ليفاجأوا أنهم لم يجتازوا الاختبار الوظيفي. شريف أسامة، 27 عام، أحد المتقدمين للوظيفة منذ أن أعلنت عنها الشركة في نهاية عام 2017، ويحكي في حديثه مع "الدستور" عن كل ما واجهه منذ التقديم حتى الرسوب في الامتحان التحريري.

"امتحان 16 ورقة معظمه أسئلة مقالية، ومدته 45 دقيقة"، يوضح "شريف" أن الامتحان الذي أعدته كلية الهندسة بجامعة طنطا بالتنسيق مع إدارة الشركة، كانت مدته قصيرة للغاية بجانب الأسئلة المقالية الطويلة التي تستغرق في الطبيعي أكثر من ذلك الوقت.

وبالرغم من أن الشاب أنهى تأدية الامتحان بالكامل، إلا أنه فوجئ برسوبه في المجال الذي تخرج منه بتقدير جيد جدًا، واكتسب منه خبرة كبيرة طوال السنوات الماضية.

ويضيف شريف أنه استطاع حل الامتحان بأكمله، كما يثق في معظم إجاباته التي تجاوزت نسبة 70% من النجاح بناءً على خبرته الواسعة في التخصص المدني، وعمله بإحدى الشركات الخاصة في محافظة القاهرة، موضحًا أن الشركة لم تعلن عن تلك النسبة قبل خوض الامتحان، ولم تتضح أية تفاصيل تخص تقسيم الدرجات داخل الامتحان.

يناشد الشاب الجهات المسئولة عن الشركة بالعمل على هذه المشكلة لكشف حقيقة ماحدث، مشيرًا إلى الصورة السيئة التي ظهرت على خريجي كلية الهندسة بمحافظة الغربية بأنهم غير قادرين على اجتياز اختبارات الشركات؛ بالرغم من تنفيذهم أفضل مشروعات التخرج على مستوى الجمهورية، وحصولهم على تقديرات عالية في الأعوام الدراسية.

لم يكن "شريف" الحالة الوحيدة، بل إن كل المهندسين الذين خاضوا الامتحان شككوا في عمليات التصحيح، منهم ولاء محمود، 25 عامًا، من قاطني مدينة طنطا، تقول إنها تخرجت من كلية الهندسة بتقدير امتياز، وقدمت أيضًا مشروع تخرج حصل على تقدير امتياز، لتجد نفسها في آخر المطاف رسبت في امتحان تقليدي ضمن اختبارات الشركات الحكومية.

توضح أنها قدمت على هذه الوظيفة منذ العام الماضي، وحين أعلنت الشركة عن موعد الامتحان توجهت إلى الكلية لتجد مدته غير متطابقة مع مضمونه، مضيفة: "المشكلة دي حصلت مع قسم المدني فقط، باقي الأقسام اتقبلوا في الشغل".

تشير "ولاء" إلى أن زملاءها في قسم الكهرباء الذين تقدموا للالتحاق بالوظيفة كانت الإجراءات بسيطة معهم، وكان الامتحان التحريري أيضًا مختلفًا عن قسم المدني من حيث المدة والمضمون، لافتة إلى أنها استطاعت اجتياز الامتحان رغم صعوبته لكنها غير واثقة من تلك النتيجة.

وتسطرد الفتاة قائلة إنها تعمل مهندسة ميدانية في إحدى الشركات الخاصة منذ عامين؛ مما جعلها تكتسب خبرة كافية لاجتياز تلك الامتحانات بسهولة، وبالرغم من ذلك قررت مراجعة الأسئلة التي كانت تتذكرها مع أحد أساتذة الهندسة الذي أكد لها أيضًا إجاباتها الصحيحة، قائلة: "مش معقولة 300 مهندس يسقطوا في امتحان هندسة".

في الوقت الذي أعلنت فيه شركة مياه الشرب والصرف الصحي بمحافظة الغربية عن رسوب جميع المتقدمين لوظيفة المهندس المدني، كان معظم المتقدمين متواجدين بالفعل في محافظة الغربية تاركين أعمالهم الأخرى في انتظار الوظيفة الجديدة، التي سعوا خلفها كثيرًا لضمان حياة مستقرة.

أحمد عبد العزيز، 24 عامًا، أحد حديثي التخرج من كلية الهندسة بجامعة طنطا بتقدير جيد جدًا، يحكي لـ"الدستور" عن أول وظيفة يتقدم لها بعد تخرجه، ويرسب في امتحانها الوظيفي الذي ظل يدرس محتواه طوال الأعوام الدراسية الخمسة.

يُعبر الشاب عن حزنه من طريقة التعامل التي قابلها من جانب الشركة سواء وقت تقديم الأوراق ودفع الرسوم البريدية، أو الطريقة المهينة التي رُفض بها هو وزملاءه بالجامعة، ويطالب إدارة الشركة بالكشف عن نتائج الامتحان التحريري، وإعلانها أمام الجميع لتحسين صورة خريجي هندسة محافظة الغربية من جديد.

"لم نعلم نسبة النجاح في الامتحان مسبقًا، ولم تُعلن النتيجة بشكل رسمي بل فوجئنا بالرسوب على صفحات التواصل الإحتماعي"، يوضح "أحمد" عدم علم جميع المتقدمين بموعد أو مكان إعلان النتيجة حتى صُدموا جميعهم بالرفض من خلال إحدى منشورات صفحة العلاقات العامة الخاصة بالشركة على "الفيس بوك"، كما يؤكد أنه اجتاز الامتحان بكل أريحية حتى آخر ورقة.

"بقالي سنة و7 شهور مستني الفرصة دي، وقدمت كل الورق المطلوب وشهادات الخبرة، وفي الآخر يسقطوني في امتحان تافه"، شاب آخر من متقدمين وظيفة المهندس المدني بشركة المياه والشرب يحكي تجربته منذ أول بيان للشركة تعلن به عن فرص عمل متاحة في شهر ديسمبر عام 2017، ويقول أنه أحد خريجي دفعة 2014 بتقدير عام امتياز في كلية الهندسة.

يوضح الشاب أنه نفذ جميع الخطوات المطلوبة من دفع رسوم بريدية وإلحاق الأوراق والشهادات، حتى أعلنوا عن إجراء امتحان تحريري لـ 300 مهندس مدني، كان اسمه ضمنهم، تمهيدًا لإجراء المقابلة النهائية أمام اللجنة العليا للتوظيف، قائلًا: "الامتحان كان معظمه في الخرسانة، ويمكن لأي طالب بكلية الهندسة حل هذا الامتحان بسهولة".

الأمر الذي حير الشاب في بداية الأمر هو عدم إعلان الشركة عن نسبة النجاح في الامتحان، وطريقة عرضها على الملأ بهذه الطريقة المخيبة للآمال، مشيرًا إلى حديثه مع أحد المسؤولين في الشركة الذي أبلغه أنهم ليسوا في حاجة إلى هذا العدد الهائل من المتقدمين، وأن تلك الوظيفة تحديدًا سيُختار لها أشخاص معينين.

حالة الغضب التي أثيرت على مواقع التواصل الاجتماعي من غرابة الموقف، جعل إدارة الشركة تسارع في الرد على الإتهامات الموجهة من خلال المهندس عادل عطية، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالغربية، والعضو المنتدب، ليوضح أن عدد المتقدمين للوظيفة كان أكبر من المتوقع حتى تم تحديد موعدلإجراء امتحان التحريري لـ 300 مهندس مدني، تمهيدًا لإجراء المقابلة النهائية أمام اللجنة العليا للتوظيف.

وأوضح عطية، أن الامتحان المُعد من الشركة للمتقدمين كان تحت إشراف عدد من أساتذة كلية الهندسة بجامعة طنطا، كما أشرفت أيضًا لجنة من إدارة الموارد البشرية على توزيع أوراق الامتحان على المتقدمين، لكن بعد تصحيح الأوراق لم يستطع أحد من المتقدمين اجتياز الامتحان التحريري أو الحصول على نسبة النجاح لإجراء المقابلة النهائية.

وأعلن عطية مؤخرًا أن المتقدمين بإمكانيتهم عمل تظلم من خلال التوجه إلى مقر الشركة للاطلاع على نتيجة الامتحان، مشيرًا إلى تواجد أوراق الإجابات بالشركة، كما نوه عن قبول المتقدمين على وظائف مهندس "كهرباء ميكانيكا"، المُعلن عنها بفروع الشركة التي ستجرى اللجنة العليا للتوظيف بالشركة المقابلة النهائية لها بمقر رئاسة الشركة بطريق الاستاد بطنطا.