رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأدوية البيطرية المهربة سر نفوق الحيوانات بشكل مفاجىء

جريدة الدستور

نفوق بلا أسباب واضحة، يصيب الحيوانات لا سيما في القرى والأقاليم، رغم أنها لم تكن مريضة من قبل، إلا أنها تنفق بشكل مفاجىء، جعل أصحابها يتعجبون ولا يعرفون الأسباب الحقيقة وراء موت حيواناتهم دفعة واحدة.

ربما يكون أحد الأسباب هي الأدوية البيطرية المغشوشة التي يتناولونها أثناء مرضهم، وتترك آثار في أجسادهم، وتؤدي في النهاية إلى وفاتهم، لاسيما أن معظم تلك الأدوية المغشوشة تدخل مهربة، بحسب ضبطيات الجمارك والرقابة الإدارية.

الأمس، رجال الجمارك بمطار القاهرة تمكنوا من ضبط محاولة تهريب كمية من الأدوية البيطرية، أثناء إنهاء إجراءات تفتيش الركاب القادمين على طائرة رحلة الخطوط الإثيوبية القادمة من أديس أبابا اشتبه به، وبتفتيش حقائبه تبين وجود 1500 حقنة من الأمصال البيطرية مخبأة بين طيات الملابس بحقائبه.

وتتبعت "الدستور" الوقائع السابقة وجدنا أن أغلب الأدوية يتم إدخالها مهربة من خلال مطار القاهرة الدولي، بيد أن بعض المصادر التي تحدثنا إليها قالوا أن سبل التهريب لها منافذ أخرى، توضحها لك السطور التالية.

الدكتور يوسف شلبي، رئيس الإدارة البيطرية للحجر البيطري سابقًا، يرى أن السودان وليبيا مأوى عمليات التهريب المشبوهة، مشيرًا إلى أن منطقتي الحدود مع ليبيا ومع السودان من أكثر الأماكن التي يتمكن المهربون من إدخال اللقاحات والأمصال البيطرية إلى داخل مصر، لاحتوائها على طرقًا نائية تمكنهم من ممارسة عملهم غير القانوني، لكن قوات الحدود نجحت في إيقاف عدد منهم.

وذكر "شلبي" أيضًا أن طريقة المهربين الأخرى هي من خلال المطارات، خاصة مطارات شرم الشيخ وبرج العرب والغردقة، ظنًا أنها أقل رقابة من مطار القاهرة، مشيرًا إلى أن ذلك اعتقاد خاطئ لتمكن رجال الجمارك من إيقاف مثل تلك العمليات المشبوهة، حيث يتم اكتشافها بعد تفتيش الحقائب وتمريرها عبر أشعة الـX-Ray.

طبقًا لقانون الجمارك رقم 66 لسنه 63 وتعديلاته، في المادة رقم (121): يعتبر تهريبًا إدخال البضائع من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطريق غير مشروع بدون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة، ويعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة.

في 29 يونيو الماضي، كان مطار القاهرة الدولي شاهدًا على واقعة تهريب راكب مصري لعدد من الأدوية البيطرية، ضمن الركاب القادمين من دبي، وحين تم الاشتباه فيه خضعت حقائبه للتفتيش تبين وجود 870 شريط أدوية بيطرية مخبأة بين طيات الملابس داخل حقائبه.

"الأدوية المهربة المغشوشة خطورتها مضاعفة على الإنسان، بحسب الدكتور أحمد الدسوقي، طبيب بيطري، موضحًا أن خطورة تلك الأدوية أن بقاياها تترسب في داخل الأنسجة الحيوانية، ما يؤثر على منتجاتها من ألبان ولحوم وبيض، بالتالي يؤثر بالسلب على صحة الإنسان، لإصابته بأمراض مثل الأورام السرطانية، أو أيًا من الـ500 مرض المشترك ما بين الإنسان والحيوان.

في أواخر ديسمبر 2017، كانت واقعة تهريب أخرى شهدها مطار برج العرب الدولي، فأثناء إنهاء إجراءات تفتيش الركاب القادمين علي رحلة خطوط شركة الطيران العربية رقم 556 القادمة من الكويت، تم الاشتباه في أحد الركاب المصريين والذي يحمل 3 حقائب، وبتفتيشها تبين وجود 40 علبة أدوية بيطرية مخبأة بين طيات الملابس داخل حقيبته.

طبقًا لقانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955 وتعديلاته، في المادة رقم (41): يجب على كل من يريد الاشتغال كوسيط أدوية أو كوكيل مصنع أو جملة مصانع في الأدوية والمستحضرات الصيدلية، أن يحصل على ترخيص بذلك من وزارة الصحة العمومية.

ويجب أن يكون طلب الترخيص على النموذج الذي تعده الوزارة لذلك ومصحوبًا بشهادة تحقيق الشخصية وصحيفة عدم وجود سوابق، وشهادة من المصنع مصدقًا عليها من الجهات المختصة الرسمية تثبت وكالة الطالب عن المصنع أو المصانع وتلحق بها قائمة بأسعار الأدوية والمستحضرات الصيدلية.

وفي دراسة أجراها الدكتور عبدالله سلام، طبيب بيطري، بإحدى شركات الأدوية البيطرية، حول تأثير الأدوية البيطرية على الإنسان من خلال العينات التي تمت الدراسة عليها، خلصت إلى وجود متبقيات للمضادات الحيوية في عينات الألبان بنسب 56%، و64%، و80% للأوكسي تتراسيكلين، وأموكسيسيلين "حمض كلافولاينك" وأنروفلوكساسين.

علمًا بأن الأنروفلوكساسين ممنوع استخدامه في مصر كدواء بيطري، ما يؤثر سلبًا على صحة الإنسان بعد تناوله ألبان أو بيض أو لحوم تحتوى على بقايا تلك المضادات الحيوية.

وكشفت الدراسة أن التأثير السلبي الذي يصيب الإنسان، هو عدم استجابة الإنسان للمضادات الحيوية التي يستخدمها في علاجه لأي مرض أُصيب به، ما يضطره إلى مضاعفة الجرعة، إضافة إلى تأثيرات سلبية أخرى كثيرة قد يُصاب بها نتيجة تناول تلك المنتجات.

طبقًا لأحدث إحصائيات لجنة الدواء بنقابة البيطريين عام 2018، يتم استيراد 80% من الحاجة المحلية من الأمصال واللقاحات، و50% من الإضافات، و40% من المضادات الحيوية كمنتج نهائي، وتستورد مصر أكثر من 99% من الخامات الدوائية، خاصةً من دول شرق آسيا.

وبحسب الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للخدمات البيطرية، فإن حجم الإنتاج الحيواني في مصر يتعدى 230 مليار جنيه، وحجم الثروة الداجنة وصل إلى 1.2 مليار طائر، وهناك قرابة 28 ألف مزرعة للثروة الداجنة، ويصل حجم استيراد اللحوم بنسبة تتراوح ما بين 60 إلى 70% من إفريقيا وبعض البلاد الأوروبية، ويتم ذبح 1.5 مليون رأس ماشية سنويًا.