رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أن تعيش فى أرض التنين!


أرض التنين، أو «دروك بول» باللغة البوتانية، هو الاسم الذي يطلقه مواطنو «مملكة بوتان» على دولتهم، الواقعة في جنوب آسيا، على الطرف الشرقي من جبال الهيمالايا، والتي تقل مساحتها عن 40 ألف كيلومتر مربع، ويسكنها حوالي 750 ألف نسمة.

مملكة «بوتان» لها علاقات دبلوماسية مع 21 دولة فقط لا غير. ولديها بعثات في الهند وبنجلاديش وتايلاند والكويت، وبعثتان لدى الأمم المتحدة، واحدة في نيويورك والأخرى في جنيف. لكن المملكة ليس لديها أي علاقات رسمية مع الولايات المتحدة أو روسيا أو بريطانيا أو فرنسا. ويتم إجراء الاتصالات الرسمية مع الولايات المتحدة، مثلًا، عبر السفارة الأمريكية في نيودلهي. أما مصر فلديها علاقات دبلوماسية مع بوتان (تمثيل غير مقيم).

لم يكن متاحًا لمواطني بوتان مشاهدة التليفزيون أو التحدث في التليفون، بموجب حظر ملكي، لم يتم رفعه إلا سنة 1999، في خطوة وصفها الملك السابق، جيجمي سينجي وانجشوك، «الملك التنين»، بأنها كانت حاسمة في تحديث المملكة وساهمت بشكل رئيسي في سعادة مواطنيها. والمملكة حريصة، بالفعل، على إسعاد مواطنيها، أو إيهامهم بذلك، وجعلت هذا الهدف أولوية قصوى، منذ سنة 1971، وأنشأت من أجله وزارة للسعادة الوطنية. وبالإضافة إلى رفع الحظر عن التليفزيون وعن التليفون، تم رفع الحظر أيضًا عن شبكة الإنترنت، وأنشأت المملكة أربع دور سينما، وسمحت بإصدار جريدة، جريدة واحدة!.

طبقًا لمؤشر قياس، قائم على مبادئ البوذية، يتم عمل مسح سنوي لقياس سعادة المواطنين، تكون نتائجه غالبًا أن حوالي 10% يشعرون بالسعادة التامة، 40% «سعداء» فقط، و50% «شبه سعداء». ولا أتمنى أن «تمضغ» لبانة «خريطة السعادة في العالم» التي وضعتها جامعة «ليستر» البريطانية، سنة 2006، وقالت إن «بوتان» هي أسعد دولة في آسيا، وثامن أسعد دول العالم، لأن تلك الخريطة جاءت نتيجة استطلاع «تافه» أجراه «أدريان هوايت» اعتمد فيه على إجابات من شملهم الاستطلاع عما إذا كانوا سعداء في حياتهم أم لا؟ وبالتالي، كانت النتائج عبثية، بدليل أن اليابان احتلت المركز الـ90، بعد كوستاريكا (المركز13) ومالطا (المركز 14).

من أرض التنين، استلهم الفكرة الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، واستحدث وزارة للسعادة الاجتماعية، لتوفير احتياجات المواطنين، والرئيس الإكوادوري، رافائيل كوريا، ورئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، ثم رئيس الوزراء الإماراتي، نائب رئيس الدولة، حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، وبالتزامن مع استضافة إمارته لـ«القمة العالمية للحكومات»، في 8 فبراير 2016، كتب عدة تغريدات في حسابه الرسمي على تويتر، أعلن خلالها عن تغييرات هيكلية في الحكومة الإماراتية كان بينها استحداث «منصب وزير دولة للسعادة مهمته الأساسية مواءمة كافة خطط الدولة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع». ولاحقًا تم إسناد هذا المنصب إلى عهود الرومي التي كانت تعمل وقتها مديرًا عامًا لمكتب رئاسة مجلس الوزراء.

بهذا الشكل، يمكنك أن تدخل من أرض التنين، برجلك الشمال أو اليمين، إلى «حلم» زميلنا حمدي رزق، الذي جعل الدكتور طارق الرفاعي «مدير منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة» يفتح صدره، ويزعم أننا سيكون لدينا، قريبًا، وزارة للسعادة. وعليه، قامت صحف ومواقع إلكترونية بإبراز أو بـ«بروزة» التصريح، فاستقبلته شبكات التواصل الاجتماعي بشلالات من السخرية، دفعت مصدرًا حكوميًا مسئولًا إلى نفي عدم وجود نيّة لاستحداث حقيبة وزارية جديدة تحت اسم «وزارة السعادة»، محاولًا تلبيس التهمة (التصريح) لوسائل الإعلام، التي لم تفعل شيئًا غير نقل ما قاله مسئول حكومي، ربما كان يعيش، بخياله، في «أرض التنين» أو في مكان آخر!.

الرفاعي، حلّ ضيفًا على برنامج «نظرة»، مساء الخميس، وقال بالنص: «بدأنا نسمع في قاموس الكلمات اللي بتتردد على مدار الأيام في الفترة الأخيرة من العام الماضي كلمة التميز وجائزة التميز، وفيه تعاون ما بين مصر ودولة الإمارات الشقيقة عشان ننقل التجربة اللي حصلت هناك، وإزاي تم الارتقاء بمستوى وجودة الخدمات، ويتطبق ده في مصر». وهنا، قاطعة حمدي رزق، مقدم البرنامج، بقوله: «خليني أحلم إننا حايكون عندنا وزارة للسعادة». فرد الرجل: «حايحصل إن شاء الله قريبًا.. في مصر، وقبل ما تبقى وزارة بمسمّى، حاتبقى إن شاء الله ملموسة في تعاملات السادة المواطنين مع المستويات المختلفة في أجهزة الدولة».

..وتبقى الإشارة إلى أن مملكة بوتان، أو أرض التنين، أو بلد منشأ وزارات السعادة، تم ضمها إلى قائمة الدول المستفيدة من البرامج والدورات التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية. وطبقًا لتصريحات رسمية، فإن المملكة حريصة على الاستفادة من الخبرات المصرية في مجالات الزراعة، الري، الطاقة، الإنتاج الحيواني، و... و... إلخ!.