رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علاج وهمي.. انتهاكات تحدث في حق المرضى على يد أطباء مزيفين

جريدة الدستور

في حيّ سخا، المدينة الإقليمية الواقعة على بُعد 2 كيلو متر تقريبًا من محافظة كفر الشيخ، يضع طبيب يدعى "حسام. ع" لافتة تخصصه لعلاج الـ"المخ والأعصاب"، بين لافتات الأطباء في مختلف التخصصات أعلى برج سكنى بالمدينة.

يأتي كل يوم إلى مقر عيادته للكشف على المرضى، الذين يتوافدون يوميًا على عيادته، إلا أنه في إحدى الليالي جاءه زائر غير مرغوب فيه، إذ بادرت الشرطة بالقبض عليه بتهمة التزوير في أوراق رسمية، وانتحال صفة طبيب وإدارة منشأة طبية.

وعقب تداول القضية، قررت محكمة جنايات كفر الشيخ، في جلستها الأربعاء الماضي، إحالته إلى مستشفى الصحة النفسية بالعباسية لمدة 45 يومًا، لبيان مدى سلامة قواه العقلية وإدراكه للجرم الذى ارتكبه.

ليست الواقعة الأولى، خلال الفترة الأخيرة انتشرت ظاهرة الأطباء المزيفين، الذين ينتحلون صفة طبيب بمخالفة للقانون، ما أدى إلى وجود ضحايا لهم من المرضى، بحسب وقائع خاصة رصدتها "الدستور".

فوزية صالح إحدى ضحايا الأطباء المزيفين، بعدما أصابتها ألآم معدتُها فلا تقبل غير العلاج لمعاونتها على انتظام أعضائها المتكاملة، فقد أصبحت السيدة المسنّة تعاني حتي الأن بسبب العلاج الخاطئ الذي وصفهُ الطبيب المزيّف لها عن الكشف.

تقول صالح، 50 عامًا، إنها كانت تشعر دائمًا بآلام في معدتها أثناء وبعد الطعام، فلم تكُن قادرة على الأكل والشربِ لفترةٍ طويلة، ذهبت السيدة على أمل أن يجد لها الطبيبُ حلًا؛ وهو طبيبٌ يعمل في إحدى العيادات الخاصة بمحافظة الغربية.

إلا أنّها لم تكُن تستوعب أن ذلك الشاب صاحب الثلاثين عامًا، حسبما وصفته، في الأصلِ طبيب مزيّف ليس حاصلًا على أيّ شهادات طبيّة، فلكونه يرتدي الـ"البالطو الأبيض"، أصبحَ طبيبًا يُعالج المرضى.

تُضيف صالح لـ"الدستور"، أن الطبيب وصف لها علاجًا ليس له علاقةً بما تحمله من مرض في معدتُها، فذلك العلاج التي أخذته تسبب في تَورّم بعض الأجزاء في جسمها، وأصبحت معدَتُّها لا تقبل طعامًا مثلما كانت سابقًا.

الدكتورة سلوى بكير، أستاذ القانون الجنائي بحقوق القاهرة، تقول إن انتحال صفة غير صحيحة أيًا كان نوع المهنة يعتبر جريمة نصب يعاقب عليها القانون بالمادة 336 بالحبس المطلق من أسبوع إلى ثلاث سنوات، حال ثبوت الواقعة.

توضح أنه يجب على جميع الجهات الرقابية عمل حملات مكثفة لثبوت من يُمارسون المهنة أنهم ليسوا نصابين، مشيرة إلى أنها قضايا متداولة ويوجد العديد من حالات السجن وصلت لثلاث سنوات.

فايزة الشحات، 40 عامًا، إحدى ضحايا الأطباء المزيفين، كان الطبيب قد اقتطعَ جزءًا من جسمها أسفل منطقة الصدر، وبعد ذلك قام بخياطته موضع العملية الجراحية وأحكم الرباط حوله، بحيث إن المناطق المحيطة بدأت تبرز أكثر فأكثر.

تتابع، إنها عندما كانت تراجع العيادة كان الطبيب المزيّف، يُخبرها بأن كل شيء على ما يرام، وطلب منها عدم العودة من جديد إلى العيادة، كونه استنبط أن العملية التي أجراها لم تكُن صحيحة على الإطلاق.

تضيف الشحات، أن الطبيب قرر أن يُعيد إجراء العملية التي أجراها لها، وذلك على "نفقته الخاصة"، بهدف تصحيح ما قام بتخريبه، إلا أنها رفضت بعد اكتشاف نصبه، وذكر البعض أنه ليس طبيبًا، ومنذُ ذلك الوقت وهي تعاني من آلام شديدة في بطنها حتى الآن.

حافظة عبد القادر، ضحية أخرى للأطباء المزيفين، والتي ظلت تعاني سنوات عديدة من شدة الألم حسبما يروي ابنها أحد أهالي محافظة الفيوم، يقول: "كنت أعالج والدتي عند الطبيب المزيف لمدة 6 شهور وأجرى لها حقن خلايا جزعية بمعاونة أحد الأشخاص معه بالعيادة".

يتابع نجل المريضة، كان كشفه 60 جنيهًا، ثم ارتفع الي 150 جنيهًا، في أقل من شهرين، وكتب لها على أدوية مرتفعة الثمن، وعند إعادة الكشف كان يكتب أدوية أخرى ويأخذ الأدوية المتبقية من الروشتة السابقة بحجة أنه يُساهم بها في احدى الجمعيات الخيرية.

ففي يوليو الماضي، تمكنت إدارة العلاج الحر في مديرية الصحة بالمنيا، بالتعاون مع الإدارة العامة للتفتيش المالي والإداري، من ضبط موظف في مديرية الشباب والرياضة، يدعى "محمد. ي. ط. م"، ينتحل صفة طبيب مخ وأعصاب وتأهيل حركي، وضُبط وهو يزاول المهنة في عيادة خاصة بشارع المجيدي بمدينة ملوي.

وفي مارس 2016، ألقت إدارة مباحث المنوفية القبض على شخص انتحل صفة طبيب، وحول منزله إلى عيادة طبية دون ترخيص بقرية السنطة بمركز الباجور في المنوفية.

بينما في مايو 2016، تمكن فريق من إدارة العلاج الحر بمديرية الصحة ببني سويف، بالتعاون مع مباحث التموين، من ضبط شخص ينتحل صفة طبيب "علاج طبيعي"، وفتح 3 مراكز للعلاج الطبيعي وعلاج السمنة والنحافة.

وفي يوليو من نفس العام، تمكنت حملة من إدارة العلاج الحر بمديرية الصحة في بني سويف بالاشتراك مع مباحث التموين من ضبط طبيب مزيف حاصل على دبلوم زخرفة ويقوم بممارسة المهنة ويعالج بالأعشاب والأدوية.

القانون لا يسمح لغير الأطباء بمزاولة المهنة، فيعاقب منتحل صفة الطبيب بموجب المادة 2006 المعدلة بالقانون 35 لسنة 2003 بالسجن المشدد الذي يبدأ من ثلاث سنوات حتى خمسة عشر عامًا، وهي مسألة تقديرية للقاضي حسب جسامة الجريمة ونوع الضرر الذي ألحق بالغير.