رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطرف الثالث.. قانون الإيجار القديم يهدد الصيدليات في مصر

جريدة الدستور

عامان أو أكثر من الجدل، مرّ بهما قانون الإيجار القديم، ما بين خلافات البرلمان والحكومة مع المُلاك والمستأجرين، لكن ربما تشهد الفترة القادمة طرفًا ثالثًا يدخل على نفس خط الأزمة، بعدما شملت بنود قانون الإيجار القديم العقارات المستخدمة في الأغراض غير السكنية.

القانون الذي ظل يثير الجدل منذ سنوات بسب اعتراض الجهات المتضررة منه، أحيل مؤخرًا من الحكومة إلى مجلس النواب، لتسوية جميع نقاط الخلاف، لكن الجلسات البرلمانية ومناقشات النواب أظهرت نقطة جدالية أخرى تكمن في المادة الرابعة من القانون.

تنص تلك المادة على إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة لغير غرض السكن، من قبل المالك تجاه المستأجر، والتي يحكمها القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر منها "الإدارية، والخدمية، والتجارية".

يشمل ذلك الصيدليات التي تأخذ من البيوت أسفل العقارات مكانًا لها في أغلب الأحيان، الأمر الذي دفع الصيادلة بوصف القانون بـ"خراب البيوت"، على لسان الدكتور حاتم البدوي، سكرتير عام الشعبة العامة لأصحاب الصيدليات باتحاد الغرف التجارية.

وأوضح أن إقرار القانون سيكون خرابًا على أكثر من 50% من الصيدليات، المتعاقدة بنظام الإيجار القديم، مشيرًا إلى ضرورة استثناء الصيدليات من هذا القانون؛ لأن الصيدليات لها وضع خاص، من حيث اشتراط وجود 100 متر بين كل صيدلية وأخرى.

إلا أن جلسة الأمس زادت الأمر سوءًا مع تعليق رئيس البرلمان الدكتور علي عبدالعال، الذي قال فيه: "الصيدليات بتكسب وإحنا عارفين مكاسبها، لحظت أن الحديث عن الصيدلة ورد أكثر من مرة والنواب تحدثوا عن ذلك، ولكن إحدى الصيدليات تم عرضها في مزاد علني في أحد كمبوندات التجمع الخام، ومساحتها لا تتجاوز مساحة أي صيدلية صغيرة وسعرها 18 مليون جنيهًا".

إلا أن نقابة الصيادلة اعترضت على ذلك التعليق، في بيان لها معلقة إن ما ورد بالمجلس "حالة شاذة"، وأن البرلمان ولم يلتفت إلى أوضاع أكثر من 50 ألف صيدلية بالقرى والمراكز لا تتجاوز مبيعاتها 2000 جنيه يوميًا، وتؤدي خدمات طبية للمواطن المصري.

«الدستور» حاورت عددًا من الصيادلة؛ لمعرفة الخسائر التي ستقع عليهم في حال تطبيق ذلك القانون بالفعل، وموقف البرلمان النهائي من ذلك، وإمكانية استثناء الصيادلة منذ القانون لأهمية وجودها وانتشارها.

«محمود سعيد»، صيدلي في منطقة حلوان، التابعة لمحافظة القاهرة، يقول إن قانون الإيجار القديم لا بد من استثناء الصيدليات منه، مشيرًا إلى أن غلقها أو سحبها لن يضر بالصيادلة فقط ولكن بالمواطنين أيضًا.

يوضح أن قانون الصيادلة ينص على ضرورة وجود صيدلية كل 200 متر في أي محافظة، مبينًا أنه يحفظ التوزيع العادل لانتشارها في كل المناطق، وتطبيق قانون الإيجار القديم بالطبع سيحرم مناطق معينة من وجودها.

ويشير إلى أن الصيدليات ليس مكسبها ضخمًا كما أشيع، لا سيما مع ارتفاع أسعار الواردات من الدواء كل يوم، إلى جانب الاستيراد، وعدم وجود قدرة على رفع سعر الدواء على المواطنين بالتبيعة.

يؤكد أنه لا بد من التفريق بين مكان يقدم خدمة تجارية عادية يمكن إنهاؤها، وآخر يقدم خدمة دوائية لن يستطيع صاحبها الاستمرار فيها حال تطبيق ذلك القانون، وسيقع الضرر على الصيدلي والمواطن على حد سواء.

قانون الصيادلة ينص على ضرورة ألا تقل المسافة بين صيدلية عامة وأخرى عن 200 مترًا، ولا تقل صافي مساحتها عن 32 مترًا مربعًا، والذي يعدل حاليًا من قبل البرلمان لتكون المسافة بين كل صيدلية وأخرى 100 متر فقط لزيادة أعدادها.

على النقيض، يرى "محمود"، 42 عامًا، مالك في منطقة السيدة زينب، أن قانون الإيجار القديم لا بد من تطبيقه على جميع الشخصيات الاعتبارية والمنازل المستخدمة لغير الأغراض السكنية، بدعوى أنها تسبب خسائر مادية للمالك.

يوضح أن المستأجرين يقومون بدفع إيجارات بقيمة زمان، وهي إيجارات رمزية لا فائدة منها، في وقت يعرضون فيه منتجاتهم سواء أدوية أو غيره بالأسعار الحالية، لذلك هم يحققون ربحًا لا ينال منه المالك شيئًا.

يشير إلى أن هناك طريقين لا ثالث لهما في تلك الأزمة، إما أن يبيع التاجر أو الصيدلي منتجاته بأسعار رمزية، مثل الإيجار الذي يدفعه، أو يدفعون الإيجارات بسعر اليوم حتى لا يتم استغلال طرف على حساب الآخر.

الأرقام الرسمية لنقابة الصيادلة، تقول إن عدد أعضائها يبلغ 213 ألف عضو، وهو عدد يكفي وفقًا لها لتقديم خدمات إلى مليار و50 مليون مواطن، وفق النظم العالمية التى تحدد صيدلي لكل 5 آلاف مواطن.

ويوجد في مصر 71 ألف صيدلية، بها 213 ألف صيدلي، ما يعنى أن هناك صيدلي لكل 1000 مواطن، فيما يبلغ عدد الصيدليات السلاسل 400 صيدلية، ويتم سنويًا تخريج من 14 إلى 15 ألف صيدلي، في 42 كلية صيدلة بمصر.

الدكتور مصطفى عبدالمطلب، صاحب صيدلية في حي باب اللوق، يقول أنه لا بد من وجود حل لتلك الأزمة، لاسيما أن كثير من ملاك العقارات يقومون بأفعال سيئة لتطفيش الصيدليات، بحسب وصفه، بسبب قيمة الإيجار المنخفضة، مثل قطع الكهرباء، والذي يسبب تلف بعض الأدوية المبردة.

يوضح أن حل زيادة الإيجار بشكل دوري، من الممكن أن يزيد من قيمة الضربية التي يتحملها الصيدلي، فيصبح خاضعًا لتعديل قانون الإيجار القديم وقانون الضرائب العقارية ومنها تصبح الزيادة مركبة، مضيفًا: "مدة الخمس سنوات مبهمة، هل تتم بالتفاوض مع المالك أم من خلال نقابة الصيادلة".