رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بطعم الموت.. فلاتر مياه مغشوشة في الأسواق تسبب أمراض الكلى

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ابتاعت "شيرين رمزي" 27 عامًا، ربة منزل تقطن في مدينة 15 مايو، فلتر لتنقيه المياه من أحد محال الأجهزة الكهربائية في منطقة العتبة، بعدما نصحتها أحد صديقاتها بأهميته في تنقيه المياه لزوجها وطفلها الذي يبلغ من العمر 11 عامًا، كان سعره 25 جنيهًا، تعجبت من رخص ثمنه، لكنها تناست الأمر ولم تهتم.

في اليوم الثاني من تركيب الفلتر، كانت المياه لونها يميل إلى الأصفر أكثر من النقاء، وكل يوم كانت تزداد سوءً، إلى أن استيقظت في يوم على صراخ ابنها الوحيد وهو يشعر بآلالام في معدته، وفي صباح اليوم التالي ذهبت به إلى الطبيب ليخربها أنه مصاب بنزلة معوية في معدته؛ بسبب تلوث أصابه في الطعام أو الشراب.

تقول "شيرين" أنه لا يتناول طعام من الخارج، ولم يجد جديد في الطعام الذي تعده يوميًا هي، فربطت بين الفلتر والمياه عكرة اللون التي كانت تخرج منه، فقام زوجها بتفكيكه مرة أخرى ليجد الشمعة داخلة لونها أسود قاتم، رغم أن استعمالها لم يتجاوز الأيام، فعلمت أنها رديئة وتم تصنيعها من بلاستيك سيء جعلها تسود خلال أيام وتخرج المياه بلون أصفر.

نجل "شيرين"، هو واحد ضمن ضحايا كثيرون يتعرضون يوميًا للإصابة بالأمراض والنزلات المعوية، بسبب فلاتر المياه المغشوشة التي يتم تصنيعها من مواد بلاستيكية رديئة الصنع وتباع في الأسواق الشعبية وعلى الأرصفة.

واتساقًا مع ذلك، فحذر المهندس مصطفى الشيمي، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب بالقاهرة، المواطنين من استخدام فلاتر المياه، مشيرًا إلى أنها يتم تصنيع شمعات الفلاتر من مواد رديئة يحولها إلى مزرعة بكتيريا.

وأضاف أن مياه الشرب العادية يتم تنقيتها بشكل كامل حسب المواصفات العالمية، ولكنها لا تزال تحتوي على بعض العناصر الضارة مثل الحديد والمنجنيز، مبينًا أن مياه الشرب التي يتم تنقيتها من النيل، تعد أنظف وأنقى مياه على مستوى العالم.

"شيرين" لم تكن الضحية الوحيدة لفلاتر المياه رديئة الصنع، فهناك "مروة" 40 عامًا، ربة منزل، والتي ترجع إصابتها بمرض التهاب المرارة إلى استخدام أحد تلك الفلاتر مجهولة التصنيع، فهي تقطن بمفردها في منطقة شبرا بعدما توفى زوجها ويعيش ابنائها الثلاثة كل منهم في منزله.

ابتاع أحداهم لها فلتر مياه بسعر 45 جنيهًا، وقام بشراؤه "أون لاين" عبر أحد صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، والتي أدعت أنه ينقي المياه ثلاث مرات رغم أنه لم يكن به سوى أنبوب واحد فقط بداخله شمعة.

تقول: "أول ما تركب الميه بدأت تنزل صفرا، وبعد كدة سودة مكنتش عارفة السبب، وفضلت أشرب منه عادي، لحد ما جه ابني ولاقى لون الميه كدة، ولما فك الفلتر لاقى الشمعة سودة من جوه وجلدها فيه حشرات وأجزاء منها كتير متقطعة".

بعد تلك الواقعة بيومين، أصيبت السيدة بآلالام شديدة في المعدة، فذهبت إلى الطبيب وأجرت فحوصات وأشعة كانت نتيجتها أنها مصابة بالتهاب في المرارة نتيجة التعرض إلى تلوث شديد، وحين قصت على الطبيب واقعة الفلتر، أكد لها أن المواد البلاستيكية التي تصنع منه رديئة وغير مطابقة للمواصفات، وربما تكون السبب في إصابتها بتلك الأمراض.

قبيل تحذير شركة مياه الشرب، كان هناك تحذيرًا آخر من جهاز حماية المستهلك، من التعامل مع بعض فلاتر تنقية المياه المطروحة بالأسواق وذلك لخطورتها على الصحة العامة؛ نظرًا لعدم حصولها على تراخيص من الجهات المعنية، حتى لا يقعوا فريسة للغش إذا ما تبين لهم بعد ذلك أن السلع مقلدة ومجهولة الهوية.

وأعلن الجهاز، أنه تم رصد بعض الشركات التي تقوم بالاتصال بالمستهلكين بغرض الترويج وبيع فلاتر تنقية المياه، والادعاء بأن الفلتر أمريكي الصنع على خلاف الحقيقة وهو ما يعرض صحة المواطن المصري للخطر.

وقال إن حملات إدارة التحريات بالجهاز رصدت شركة تدعى ''سمارت ووتر'' ومقرها بالدقي، وتبين أن الشركة تركت المقر منذ فترة إلى شقة أخرى بالمنطقة، وباستمرار المتابعة والتحري وجمع المعلومات تم التوصل لعنوان المقر الجديد الذي تمارس الشركة عملها من خلاله.

وأضاف يعقوب أنه تم عمل محاولة شراء فلتر مياه خمس مراحل، وتم تحرير محضر بالإجراءات والتحفظ على عدد 2 فلتر مياه مجهولة المصدر وليس أمريكي الصنع كما كانت تدعي الشركة، وتم تسليم المحضر للقسم وقيد برقم 148102014 جنح الدقي.

في بداية العام الماضي، أصيبت "ولاء فتحي" 30 عامًا، بألم شديد في جانبها الأيسر، ولسقوط الأمطار بغزارة حيث كان ذلك متزامن مع النواة الموسمية في محافظة الإسكندرية فلم تتمكن من الذهاب للمستشفى، خاصة أن ذلك كان بعد منتصف الليل، واعتمدت على المسكنات التي لم تجد معها.

في صباح اليوم التالي، ذهبت إلى مستشفى الأزريطة العام، وشخص الطبيب حالتها بمغص كلوي ونصحهما بعمل بعد الفحوصات والتحاليل، والتي بينت فيما بعد أنه ناتج عن تكون حصوات وأملاح في الكلى والحالب.

تذكر أن الطبيب نصحها علاوة على الأدوية التي تضمن مذيبات الأملاح، شرب مياه معدنية، فواظبت على شرائها لنحو شهر، واستمرت على هذا الروتين لكن مع مرور الوقت بات يكلفها أكثر من ٩٠٠ جنيهًا في الشهر، حتى نصحتها صديقة لها بشراء فلتر مياه للتوفير، واستدامة وجوده فقي النهاية لا تحتاج إلا لتغيير شمع التصفية كل ستة أشهر.

ما بين الألماني والإيطالي زادت حيرتها، حتى نصحها أحد الباعة بشراء فلتر ٧ مراحل حتى تضمن أعلى نقاء للماء، ابتاعته بـ ٣٢٠ جنيه وكان الأعلى سعرًا حينها، لكن لم يمض إلا شهر وبدأت المياة تخرج منه صفراء اللون، فعادت تستخدم المياه المعدنية مرة أخرى.

الدكتور أحمد دياب، خبير المياه بمركز بحوث الصحراء، قال إن خطورة الفلاتر تبدء من الغرض الأساسي لاستخدامها في تنقية المياة لأنها تعزل الأملاح، لكن في حال ضرورة استخدام فلتر فلا بد من تنظيفه بصفة دورية.

ونصح باستخدام الفلاتر التى لا تزيل الأملاح بصورة كاملة والتي يحتاجها الجسم، ناصحًا بعدم الركض وراء إعلانات الشركات التي تقدم المنتج بأرخص ثمن، فلابد من شراءه من توكيل معتمد يتابع عملية التنظيف والصيانة.