محمد سعد الدين: مصر تعوم على بحر غاز (حوار)
رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات قال إن هناك 6 حقول أخرى مثل «ظهر» العملاق
مصنعان جديدان لتجهيز أسطوانات البوتاجاز وسيارات نقل الغاز المضغوط
لا استغناء عن البوتاجاز قبل 10 سنوات.. ونستهلك 340 مليون أسطوانة سنويًا
كشف الدكتور محمد سعد الدين، رئيس لجنة الطاقة، نائب رئيس غرفة البترول باتحاد الصناعات المصرية، عن أن «مجموعة سعدالدين» ستنشئ مصنعين جديدين، الأول لتجهيز أسطوانات البوتاجاز والثانى لتجهيز سيارات نقل الغاز الطبيعى المضغوط، مشيرًا إلى أن رأسمال شركة نقل الغاز المضغوط يبلغ ٥٠ مليون جنيه.
وقال «سعدالدين»، فى حواره مع «الدستور»، إن المجموعة ستبدأ مشروعات فى بعض الدول الإفريقية باستثمارات تتراوح بين ٥ و١٠ ملايين دولار، لافتًا إلى أن المجموعة تستهدف دولة رواندا ثم أوغندا ثم ستدخل أسواق جميع الدول الإفريقية.
■ كيف بدأت مجموعة سعدالدين عملها فى مجال تعبئة أسطوانات البوتاجاز؟
- فى البداية كانت هناك شركة واحدة مسئولة عن تعبئة أسطوانات الغاز وهى «بتروجاس»، وكان انتشار الأسطوانات يقتصر على المحافظات ويقل عددها جدًا فى القرى، وفى عام ١٩٨٤ حصلنا على أول رخصة لتعبئة البوتاجاز، وبدأ الإنتاج فى العام التالى.
كانت خسائرنا كبيرة فى البداية، إلى أن فكرنا فى إنشاء أول مشروع لتعبئة الأسطوانات فى مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية، حيث كانت أسطوانات الغاز لا توجد إلا فى المنصورة، وكانت هناك صعوبة فى استخراج التراخيص، ولكن بالإصرار استطعنا إكمال المشروع والتحول إلى الربحية.
وبعد أن حققنا نجاحًا كبيرًا تم تجميد أعمالنا لمدة ٩ سنوات، إلى أن تولى الراحل حمدى البنبى وزارة البترول، فعدنا إلى العمل مرة أخرى واستأنفنا نجاحنا، ثم فكرنا بعد ذلك فى نقل الخبرات الأجنبية فى هذا المجال إلى مصر وإنشاء أول مصنع إلكترونى لتعبئة أسطوانات البوتاجاز، الأمر واجه رفضًا فى البداية من المسئولين، وبعد إقناعهم أنشأنا المصنع وزاد الإنتاج من ٣٠٠٠ إلى ٥٠ ألف أسطوانة بوتاجاز يوميًا، ثم حوّلت الحكومة مصانعها إلى إلكترونية.
والمجموعة تضم حاليًا ٥ مصانع بوتاجاز فى «دمياط والمنصورة والمحلة والسويس والجيزة»، باستثمارات تصل إلى مليار جنيه، ويعمل بها نحو ١٥٠٠ عامل.
■ ما محطات نجاح المجموعة فى مجال الغاز الطبيعى؟
- يتم نقل الغاز الطبيعى فى مصر عبر الأنابيب أو عبر الإسالة، واكتشفنا بعد ذلك طريقة جديدة تنفذها البعثات التى تنقل خبراتها إلى مصر، وهى تحويل الضغط من ٢٠٠ بار إلى ٤ بار فقط ونقلها للمنازل بشكل مباشر.
تم عرض المشروع على وزارة البترول وتمت الموافقة عليه، وسوف نبدأ من الآن فى نقل الغاز الطبيعى المضغوط من خلال وحدات متنقلة، عبر مشروع تبلغ تكلفته الاستثمارية ٥٠ مليون جنيه.
■ كيف استفادت مصر من اكتشافات الغاز؟
- كانت مصر تستورد مليارى قدم من الغاز يوميًا، ولكن الآن وصلنا إلى الاكتفاء الذاتى؛ بسبب السياسات الناجحة التى انتهجها الرئيس عبدالفتاح السيسى، والتى نتج عنها تغيير سياسات التعاقدات داخل وزارة البترول وجذب استثمارات أجنبية جديدة.
وأنا أرى أن مصر «تعوم على بحر من الغاز»، فلديها احتياطى من الغاز يبلغ ٢٠٠ تريليون قدم، ما يعنى أن بلادنا تضم ٦ حقول أخرى مثل حقل «ظهر».
وأحب أن أشير إلى أن مصر كانت تنتج ٣.٤ مليار قدم من الغاز، وأصبحت تنتج ٦.٥ مليار قدم بعد اكتشاف «ظهر» وهو ما حقق الاكتفاء الذاتى.
■ هل يمكن تحويل جميع السيارات لتعمل بالغاز الطبيعى؟
- نعم، ولكن لا توجد خطوط إنتاج متوفرة فى كل المحافظات، وهذا ما يدعم مشروع نقل الغاز عبر ضغطه فى وحدات متنقلة.
■ ماذا عن الاستثمارات الجديدة للمجموعة؟
- سننشئ مصنعين جديدين، الأول لتجهيز أسطوانات البوتاجاز، والثانى لتجهيز سيارات نقل الغاز الطبيعى المضغوط بالتعاون مع شركات أجنبية متخصصة، وتصل نسبتنا فى المصنع الثانى إلى ٥١٪.
■ هل ستغلق المجموعة مصانعها الخمسة بعد انتشار الغاز الطبيعى؟
- لا.. فلا يمكن الاستغناء عن البوتاجاز فى مصر قبل ١٠ سنوات، وحتى بعد توصيل الغاز الطبيعى لكل المحافظات يظل للبوتاجاز استخدامات أخرى، أو سنصدره لإفريقيا مثلًا.
■ كم يبلغ حجم استثمارات المصانع الخارجية التى تنوى المجموعة إنشاءها؟
- من المتوقع أن تتراوح استثمارات تلك المصانع من ٥ إلى ١٠ ملايين دولار، وستقام هذه المصانع فى بعض الدول الإفريقية، ورغم أن جميع الاستثمارات مصرية حتى الآن، لكننا ننتظر شراكة مع مستثمرين أفارقة لتوسعة المشروع.
■ لماذا تم اختيار إفريقيا لإنشاء مصانع البوتاجاز بها؟
- هناك دول إفريقية تعتمد على البوتاجاز بنسبة ٣٪ فقط وتعتمد على حرق الخشب بنسبة ٩٧٪، لذا سنسعى لتغيير نمط حياتها كما حدث فى مصر قديمًا، وذلك بالاتفاق مع الحكومات، ومن المنتظر أن نبدأ بدولة رواندا ثم نتجه إلى أوغندا ثم إلى بقية الدول.
■ كم يبلغ عدد مصانع الغاز فى مصر؟
- مصر تضم ٤٩ مصنعًا للغاز، منها ٩ مصانع حكومية و١٥ مصنعًا مملوكة للحكومة والقطاع الخاص معًا، و٢٢ مصنعًا للقطاع الخاص، بحجم استثمارات قدره ٣ مليارات جنيه، توفر ١٥ ألف فرصة عمل مباشرة.
■ هل يوجد احتكار فى سوق صناعة الغاز؟
- لا يوجد احتكار للغاز فى مصر، والدليل هو وجود هذا العدد الكبير من المصانع، فضلًا عن سيطرة القطاع الخاص على ٥٢٪ من نسبة المصانع.
■ لماذا لم ينخفض سعر أسطوانات البوتاجاز بعد توفر الغاز الطبيعى؟
- سعر أسطوانة الغاز لا ينخفض، ولا بد أن يفرق المواطن بين البوتاجاز والغاز الطبيعى، فعلى الرغم من أن مصر لديها اكتفاء ذاتى من الغاز، لكننا لا نزال نستورد كمية كبيرة من البوتاجاز، إذ إن المصريين يستهلكون ٣.٦ مليون طن بوتاجاز سنويًا، بما يوازى ٣٤٠ مليون أسطوانة.
ولكن من الممكن أن ينخفض سعر أسطوانة البوتاجاز فى حالة واحدة، هى تخفيض التكلفة، لذلك أدعو لإلغاء الدعم العينى وجعل الدعم نقديًا حتى يصل الدعم لمستحقيه.
■ هل يمكن أن تتحول الصناعات التى تعتمد على الكهرباء لتستخدم الغاز بديلًا؟
- نعم، خاصة أن تكلفة شراء الغاز من الخارج ١٢ دولارًا للمليون وحدة، وتكلفة شرائه من مصر ٤ دولارات للمليون وحدة.
ولكن لا بد أن أؤكد أننى ضد تخفيض سعر الغاز لبعض المصانع، لأن ذلك فى الحقيقة لن يدعم المنافسة، ولكن من الممكن أن يتم دعم صناعات معينة بهدف معين، على أن يكون الدعم فى المرحلة النهائية للإنتاج.
■ ما رأيك فى حجم الاستثمارات الأجنبية التى دخلت إلى مصر مؤخرًا؟
- كنت أتوقع أن تنتعش مصر اقتصاديًا بهذا الشكل، وستكون مصر خلال الأربعة أعوام المقبلة من أهم دول العالم اقتصاديًا وسياسيًا، وذلك لأن الفكر الذى تدار به الآن مختلف عن الفكر الاشتراكى الذى كانت تدار به سابقًا، فالدول التى تبنى بفكر رأسمالى تصبح دولًا عالمية، والفضل فى ذلك يرجع إلى الرئيس السيسى.
■ ما نتائج زيارة ألمانيا مع رئيس الوزراء؟
- كانت زيارة رسمية ضمت رئيس الوزراء والـ٥ المسئولين عن وزارات «البترول والثروة المعدنية والاستثمار والتعاون الدولى والتجارة والصناعة والاتصالات والنقل»، ورئيس الهيئة العربية للتصنيع، ونتج عنها الاتفاق على تنفيذ استثمارات ألمانية جديدة فى مصر فى مختلف المجالات الصناعية.
■ ماذا عن المشكلات التى تواجه المستثمرين؟
- تحسن المناخ الاستثمارى فى الفترة الأخيرة بشكل كبير، وبدأت الدولة فى توفير حوافز استثمارية لجذب الاستثمار الأجنبى، ونحتاج فقط لتفعيل قوانين الاستثمار الجديدة بشكل كامل والحد من المفاهيم الخاطئة والبيروقراطية لدى الصفين الثانى والثالث بالوزارات والتى تؤدى إلى هروب المستثمرين.
ومن المشكلات المزمنة مشكلة إدارة الدعم وفاتورة الدعم سواء للمواطنين أو الدعم الصناعى والاستثمارى، فيجب التحول للدعم النقدى بدلًا من إهدار طاقات الدولة دون وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين.