رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من وإلى الشعب.. إذاعيون يتحدثون عن "صوت العرب" في ذكرى تأسيسها

جريدة الدستور

"صوت العرب من القاهرة" بداية سماعنا لهذه الجملة كانت في 4 يوليو 1953، وهي أول وأشهر الإذاعات المصرية التي بثت لجميع أقطار العالم العربي باللغة العربية، وكانت وسيلة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في بث خطاباته التحفيزية لكافة البلدان العربية، وبث روح الوحدة في النفوس العربية للوقوف في وجه المحتل الأجنبي، إنها إذاعة صوت العرب.

كان الدكتور محمد عبدالقادر حاتم هو صاحب فكرة تأسيس هذه الإذاعة، ودعّمه في ذلك الرئيس جمال عبدالناصر، وأصبحت منبرًا لعرض القضايا العربية، وبث روح التمرد على المحتل، أيضًا كانت منبرًا لبث رسائل مشفرة لجبهة تحرير الجزائر والمقاومة الفلسطينية وكذلك جبهات التحرير بأفريقيا وكذلك كانت هي القوة الإعلامية في ثورة اليمن وداعمة لحركة التحرير في جنوب اليمن.

دور "صوت العرب" لايزال قائمًا حتى عصرنا الحالي، فإذا أردت أن تطلع على الأحداث العربية بشكل حيادي لا عليك إلا أن تدير مذياعك عليها، لذا كان لنا حديث مع بعض مذيعها.

علي سِلمي، هو أحد كبار مذيعي صوت العرب، والذي انضم للإذاعة فيها منذ إبريل 1992، فيحدثنا أنها من الإذاعات التي كان لها دور كبير في إذكاء الروح الوطنية ونهضة الوطن العربي، وكانت الوقود الداعم للحركات الوطنية، وكانت لنا معه حكايات عن ذكرياته فيها حتى وقتنا الحالي.

يروي "سِلمي" لـ"الدستور": عملت مع شبكة الإذاعات المحلية ثم نُقلت بناء عل طلب وزير الإعلام السابق الدكتور صفوت الشريف إلى صوت العرب في إبريل 1992، ووجدت أن "صوت العرب" بها مناخ مختلف عن الإذعات المحلية، فالعمل فيها أكثر دقة ومهنية وفور إصدار تعليمات نسير عليها وهو أمر مقدس لكل مذيعي "صوت العرب"، كذلك يجب على المذيع فيها أن يتقن كيفية التعامل مع الاستديو والتقنية التي تتعامل بها فيه، ولابد أن يكون على وعي وملمًا بما يدور على الساحة العربية، وكان لي الشرف أن أتتلمذ على يد أساتذة عظماء من أمثال حلمي البُلك ومأمون النجار ومصطفى لبيب، وأفضل ما كنا نجده أن الزملاء الأقدم منّا كان متاح لنا أن نسألهم عما لا نعرفهم ويجيبونا بكل سرور.

ويوضح كبير المذيعين، والذي رُقّي لهذا المنصب في إبريل 2012، أنه صار مندوب الإذاعة لدى مؤسسة الرئاسة في الفترة من 2011 حتى 2016، وأوفدته الإذاعة المصرية لمتابعة الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور، من خلال تصريح من الهيئة العامة للاستعلامات، منتقلًا للحديث عن أكثر المواقف فخرًا له في استفتاء الدستور 2014، أنه قبل إعلان النتيجة بدقائق تم تكليفه ليعلن تلك النتيجة متحدثًا باسم التلفزيون المصري، فأدرك أن المذيع عندما يكون ملمًا بأصول مهنته خاصة مع تواجده في إذاعة مثل "صوت العرب" فهو قادر على فعل أي شئ، فـ "صوت العرب" أكاديمية لكل روادها –حسب تعبيره.

يصمت "سِلمي" لحظات ليتابع معنا حديثه الذي اتخذ منحى آخر حول مواقفه مع الإذاعة، فمن أصعب المواقف التي واجهته كان في أحداث يوم 28 يناير 2011 وكان في إجازة، ثم فوجئ بطلبه للإذاعة فحضر إليها من مكان أجارته من إحدى قرى محافظة الشرقية وسافر في خضم هذه الثورة، وبابتسامة فخر، قال: "لما وصلت انتابتني حالة صعبة من منظر الناس حول المبنى وقولت مش هعرف أدخل، بس المذيع لازم يكون عنده حِس أمني عشان يعرف يتعامل".

ويستكمل قصته: لمحت أحد أفراد أمن الإذاعة فقدمت له نفسه وأشهرت له الكارنيه، فجعلني أسير خلفه لحين وصلنا إلى باب 15 موقع الاستديو الذي سأباشر عملي منه، والذي ظللت فيه ما يقرب من 7 أيام في المبنى، ولما جاء زميل آخر لاستلام العمل مني خرجت للعودة وقضاء إجازة مع أسرتي إلا أني بمجرد وصولي إلى بنها استدعتني الدكتورة لمياء محمود، رئيس شبكة صوت العرب، للعودة مرة أخرى، واصفة أن ما نمر به حالة حرب، وبالفعل عدت لمبنى الإذاعة وقضيت 3 أيام أخرى.

التقاء الجيل القديم مع الجيل الجديد في "صوت العرب" جعلنا نتعرف على الدور القومي الذي تقوم به تلك الإذاعة دومًا ولم تغيرها أعوام الزمن، فيحدثنا سامح نجم، وهو أحد شباب المذيعين فيها، حيث انضم لـ"صوت العرب" منذ عام 2003، فيقول أنها من الإذاعات الرائدة والوحيدة على مستوى الدول العربية التي تخاطب الأمة العربية كلها من خلال برامجها الموجودة في كافة المجالات، لذا فهي لها بعد قومي عربي، حيث تجمع العرب على صوت واحد، مشيرًا إلى أن الضيوف فيها أيضًا من البلدان العربية المختلفة، ومن خلال برامجها تحاول إصلاح ما أفسدته السياسة بين أبناء الوطن الواحد مثلما يحدث في سوريا واليمن، واصفًا الإذاعة بـ"الصوت المعتدل في كل المجالات".

ويرى "نجم" أن الإذاعة لاتزال رائدة في مجالها، فهي تركز وتهتم بالشأن العربي على حد سواء، ولاتزال محافظة على تاريخها العريق، متذكرًا أنه حين تم انتدابه لتأدية مهمة في لبنان بمجرد سماع أنه مصري وممثل عن إذاعة صوت العرب لاقي احتفاء كبيرًا وتسهيلًا لكل ما أراد تأديته، مؤكدًا أن زملائه الذين يغطون الشأن السياسي دائمًا ما يكونوا على مساحة واحدة خلال عرضهم لأي أزمة أو قضية عريية مثارة.

ويؤكد أن "صوت العرب" هي دومًا مع الشعب المصري في كل ما يطالب به، ففي ثورة يناير 2011 حينما طالب بالحرية والديمقراطية كانت هي الأصوات التي نبثها على إذاعتنا، أيضًا حينما رفض حكم الإخوان وثار ضدهم في 30 يونيو كنّا داعمين له في مطالبه، إذًا "صوت العرب" من الشعب وإلى الشعب.